نقابة المحامين الأحرار تتوعد الحكومة المؤقتة بـ”ثورة تعيد سيرتها الأولى”

عائشة صبري22 أغسطس 2023آخر تحديث :
عائشة صبري
مظاهرات في مدينة جرابلس شمال حلب رفضاً للتصالح مع نظام الأسد – حرية برس©

اتهمت نقابة “المحامين الأحرار في سوريا” الحكومة السورية المؤقتة، بالتدخل في نظامها الداخلي ومحاولة فرض شرعيتها على النقابة المستقلة، وتوعدّت بـ”ثورة تعيد لثورتنا سيرتها الأولى وتضع مؤسسات الثورة في نصابها الصحيح” في حال عدم رجوع وزير العدل عن قراراته الصادرة بشأن العمل النقابي.

بيان النقابة الأحد 20 آب الجاري، جاء بعد انقسام بين المحامين إثر الانتخابات الأخيرة في 15 تموز الماضي لمجلس نقابة فرع حلب التي ترأسها “عبد الرزاق رزوق”، ما أدى إلى استحداث نقابة المحامين لفرع جديد تحت مسمّى “نقابة ريف حلب” برئاسة “ياسين هلال”، وبعد تعثر مبادرة موحدة، تقدّم بها أفرع النقابة في دمشق وريفها، وحماة، والهيئة الثورية العامة لمدينة حلب، ومجلس ثوار حلب، بسبب عدم حضور “هلال”.

نقيب المحامين يوجّه رسالته

المحامي محمود الهادي النجار، نقيب المحامين الأحرار، قال في تصريح لـ”أورينت”: إنَّ نقابة ريف حلب تأسست لانطباق الشروط التي حدّدها قانون تنظيم المهنة، ووزير العدل “حبوش لاطة” لا يحقّ له التدخل وليس لديه صلاحيات.

واعتبر “النجار” أنَّ ما يجري هو “تدخل سافر من الحكومة المؤقتة بشؤون النقابة” عن طريق وزير العدل، وبعض أذرعها من الموظفين والمتنفذين المرتبطين بها، والإغراء بتقديم الدعم المالي والمقرات والتواصل مع بعض مجالس الفروع، إضافة إلى إجراء لقاءات واجتماعات معها دون التنسيق مع المجلس ودون علمه.

وشقّ صف المحامين والسعي لتأسيس نقابة موازية ومدجنة على مقاس الحكومة، خلافاً لقانون تنظيم المهنة وأعرافها وتقاليدها ولكافة الأنظمة والقوانين ولمبادئ وأهداف الثورة، التي كان على رأسها تحرير النقابات ومنظمات المجتمع المدني من تسلط النظام وهيمنته. حسبما قال نقيب المحامين.

وفي هذا الصدد، وجّه نقيب المحامين رسالة عبر “أورينت” تنشرها كما هي بناءً على طلبه: “رسالتي للحكومة المؤقتة: عدم التدخل بشؤون النقابة والنقابات المهنية والعلمية وباقي منظمات المجتمع المدني والكفّ عن ذلك، ورسالتي للزملاء المحامين: إنَّ نقابتنا هي نقابة مهنية علمية حرّة مستقلة لديها قانونها الخاص الناظم لعملها، ونحن رجال قانون نعمل تحت مظلّته ونُعتبر جناحاً ثانياً للعدالة ومرفق القضاء، وإنّنا مستمرون بعملنا ومهامنا وممارسة صلاحياتنا وفقاً للقانون، ومصريّن على تحصين النقابة من أيّ تدخلات والدفاع عن حقوق المحامين ومنظمات المجتمع المدني كافة والمتقاضين والمجتمع تحت سقف القانون”.

وفي انتقاد لاذع لنقيب المحامين في منشور عبر صفحته في فيسبوك موجّهاً للحكومة المؤقتة، وصفها بـ”المؤبدة “، وطالب وزير العدل الذي رفض قرار استحداث النقابة لأنَّه “لا يوجد في التقسيمات الإدارية السورية محافظة بمسمى “محافظة ريف حلب”، بسبعة مطالب وأهمها إلغاء تسميات تقسيمات مستحدثة وهي (درع الفرات – غصن الزيتون – نبع السلام).

ولمعرفة ردّ الحكومة المؤقتة على الاتهامات، تواصلت “أورينت” مع وزير العدل حبوش لاطة، لكن لم يصل رد، بينما طلب القاضي عبد الله عبد السلام، مدير إدارة التشريع والدراسات القانونية في وزارة العدل، تأجيل الإدلاء بالتصريح. كذلك تواصلنا مع الحقوقي محمد زلخة، الأمين العام للهيئة الثورية لمدينة حلب، كونه عضو لجنة المبادرة الموحدة حول الخلاف الحاصل بين محامي حلب، لكنّه اعتذر عن التصريح حالياً، مشيراً إلى أنَّ المبادرة ستنتهي إن لم يوافق الطرفان عليها.

توضيحات من مجلس فرع نقابة المحامين بحلب

طرحت “أورينت” العديد من التساؤلات على المحامي مثنى ناصر، عضو مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار بحلب، إذ أوضح أنَّ سبب الانشقاق بين المحامين، يعود إلى عدم رضا الزملاء الخاسرين بنتيجة الانتخابات في 15 تموز الماضي لمجلس فرع حلب رغم مشاركتهم بها، وتقدّموا بثلاثة طعون على نتائج الانتخابات إلى محكمة الاستئناف بالراعي، والقضاء ردّ جميع الطعون، فتنادوا إلى لقاء لإنشاء ما أسموه “فرع نقابة ريف حلب”، في مخالفة صريحة ومتعمدة للقانون، كما رفضوا كلّ المبادرات التي طُرحت، وأصبح واضحاً للعيان أنّ القضية ليست انتخابات.

وأردف “ناصر” أنَّ الانتخابات حصلت عبر صندوق مركزي في أعزاز حيث صوّت 386 زميلاً/ة ولم يحصل فريق “كتلة الاستقامة” إلا على مقعدين في مجلس الفرع فقط، ولم يحصلوا على أي مقعد بممثلي الفرع بالمؤتمر العام المركزي، وكانوا راضين عن النتائج لكن مشكلتهم بدأت عند فرز الصناديق الأخرى (الباب – عينتاب) رغم قلة عدد الناخبين بهما حيث صوّت 46 زميلاً/ة فقط، حينها تقدّم  الزميل عبد الجبار منصور على الزميل زياد المحمد ضمن الناجحين بمقاعد مجلس الفرع بموجب نتائج الصناديق المذكورة، و”هذا هو التغيير الوحيد الذي حصل بكل العملية الانتخابية، والذي أدى بالزملاء الخاسرين للقيام بإعلان تشكيل نقابي موازي تحت مسمى فرع ريف حلب”.

وفيما يخصّ الميزات للمجلس النقابي، أكد “ناصر” أنَّه لا يوجد أيّ ميزات أو رواتب كما يتم تداوله، ووفق قانون تنظيم المهنة رئيس الفرع هو الوحيد الذي يحصل على راتب تفريغ رمزي بسيط، ومهام رئيس وأعضاء مجلس الفرع هي خدمة الزملاء وحمايتهم والدفاع عن حصانة مهنة المحاماة.

وحول سبب اتهام النقابة في بيانها الأخير الحكومة المؤقتة بالتدخل السافر بالشأن النقابي، أفاد “ناصر” بأنَّه يعود إلى تعميم صدر من النائب العام التميزي “القاضي علي العيسى” بعدم قبول الوكالات الصادرة عن فرع ريف حلب، ووقف العمل بالسماح لهم بتنظيم وكالات بالسجون تحت اسم فرع ريف حلب.

والتعميم، حسب “ناصر”، استند الى كتاب مرسل من وزير العدل، فوفق المادة 7 من القانون 30 لعام 2010 الخاص بتنظيم مهنة المحاماة والتي نصّت على أنَّه لوزارة العدل حقّ الرقابة والتفتيش على نقابة المحامين وفروعها وفقاً لأحكام التفتيش المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية.

وأشار “ناصر” إلى زيارة أجراها مع وفد من مجلس فرع حلب الجديد إلى مقر النقابة المركزية، في 27/ 07 / 2023 إذ أكد الوفد في مكتب النقيب المركزي قبيل اجتماعهم على عدم تحميلهم تركة الخلافات مع مجلس الفرع السابق واستعدادهم لطي صفحة الخلافات الماضية والبدء بصفحة جديدة إلا أنَّ هذه الطلبات لم تلقَ آذاناً صاغية، فبعد ساعة صدر قرار من مجلس النقابة المركزية باعتماد فرع ريف حلب الذي يُعدّ مخالفة صريحة لروح قانون تنظيم المهنة لاسيما المادة 46 منه لعدة أسباب وهي:

  1. لم تدع النقابة المركزية إلى عقد المؤتمر، ولم تقم برعايته ولم يحضر أي عضو من مجلس النقابة كجهة مشرفة.
  2. المؤتمر التأسيسي لم يكن مكتمل النصاب المنصوص عنه بالقانون.
  3. لم يقدّم طلب من الزملاء المجتمعين إلى النقابة المركزية لإنشاء فرع جديد وإنما اجتمعوا وأعلنوا بعدها تقدموا بطلب.
  4. قرار النقابة المركزية باعتماد المجلس الجديد لا يكسبه الشرعية، لأنّه بالأساس كان مخالفاً للقانون وباطلاً.
  5. البطلان لا يزول بقرار المركزية اللاحق، ولا بضم محامين جدد لإكمال النصاب، فكل ما يبنى عليه باطل.
  6. القانون المذكور يؤكد على المحافظات التي لا يوجد فيها فرع النقابة وحيث أنَّه في محافظة حلب يوجد فرع قائم، والمحامون الذين تقدّموا بالطلب هم قيود فرع نقابة المحامين الأحرار بحلب أصولاً.

انقسام آراء حول استحداث نقابة جديدة لحلب

“أورينت” تواصلت مع محامين مستقلين عن طرفي النزاع، وقال أحدهم (طالباً عدم ذكر اسمه): إنَّ النقابة يحقّ لها إنشاء فروع جديدة من حيث المبدأ، ولا يجوز للحكومة التدخل في أعمال النقابة وخاصة في الشؤون النقابية، وإن وقعت مخالفات قانونية، فالأصول تقتضي اتباع طرق الطعن المحدّدة في قانون تنظيم المهنة.

بينما رأى محامي آخر، أنَّ استحداث فرع نقابة ريف حلب “قرار غير صائب”، مرجعاً الأسباب إلى كونه في التقسيم الإداري لسوريا لم يكن هناك محافظة ريف حلب، كما أنَّ إحداث فروع مختلفة للنقابات المهنية يحتاج إلى “تشريع برلماني”، وفي الحالة السورية لا تحتمل المزيد من الانقسام، معتبراً الانقسام للمحامين “صراع مناطقي من أجل المنصب”، فالنقابة المستحدثة من قبل أعضاء خسروا في انتخابات نقابة حلب.

وأضاف في حديثه معنا، أنَّ قرار وزير العدل برفض النقابة الجديدة حجته قوية وقانونية ومستندة لنص المادة /46/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة المعمول فيه في نقابة المحامين الأحرار، بينما أصحاب النقابة المستحدثة “حجتهم ضعيفة جداً وليس لها أساس قانوني ولا تشريعي” باستثناء كسب الموقف الشعبي الرافض للحكومة.

ولفت إلى أنَّ إحداث أكثر من فرع نقابي للمهنة أمر وارد لكن في بلد مستقر، مثلما حصل في تموز 2020، حينما وافق البرلمان التركي على تشريع قانون يسمح بتشكيل نقابات محامين متعددة في المحافظة الواحدة، وهو إجراء رآه منتقدوه يهدف إلى تقليل تأثير نقابات المحامين الرئيسية على الحكومة.

في سياق متصل، ذكر المحامي علي بدران، في تصريح لـ”أورينت” أنَّ النيابة العامة تتبع لوزير العدل، بما فيهم  النائب التمييزي  الذي أخطأ بالموافقة على التعميم على المحاكم بقبول وكالات ما يسمى بفرع  نقابة ريف حلب، وبالتالي الحكومة لم تتدخل بعمل النقابة بل “القضاء” الذي تدخل حيث إنَّ وزير العدل يرأس النيابة العامة وعلى النائب العام التمييزي والمحامين العامين ورؤساء النيابة ووكلاء النيابة، عدم مخالفة قراراته لأنَّهم يتبعونه إدارياً بنص قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري، ويجب على كافة المحامين دعم المؤسسة القضائية والنيابة العامة وتقويتها بدلاً من محاربتها.

ويوضح أنَّ المادة 10 من القانون 112 لعام 1950 (قانون أصول المحاكمات الجزائية)، تنصّ على أن “يتولى النيابة العامة قضاة يمارسون الصلاحيات الممنوحة لهم قانوناً، وهم مرتبطون بقاعدة تسلسل السلطة وتابعون إدارياً لوزير العدلية. رافضاً استحداث فرع ريف حلب كونه “خارج القانون والديمقراطية”. حسب قوله.

يشار إلى أنَّ نقابة المحامين الأحرار تضم تسعة فروع أكبرها فرع حلب الذي يضم أكثر من 750 محامياً/ة، وشهدت العام الماضي خلافاً ومقاطعة مع مجلس فرع حلب السابق، والنقابة على موعد مع انعقاد المؤتمر العام الانتخابي لدورة 2023 / 2026، في الثاني من أيلول المقبل.

المصدر أورينت
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل