تجاوزت الليرة السورية عتبة العشرة آلاف مقابل الدولار الواحد، وهي مقبلة على انهيار أكبر مع قادم الأيام، يشير تقرير البنك الدولي الصادر عام 2023 إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي انكمش بنسبة 3.2٪ في عام 2023، بعد انخفاض بنسبة 3.5٪ في عام 2022.
ومن المتوقع أن يحد الصراع، وارتفاع تكاليف المدخلات، وندرة المياه من إنتاج المحاصيل. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤدي نقص الوقود إلى إضعاف التصنيع وتعطيل النقل والخدمات. ومن المتوقع أن ينخفض معدل التضخم لكنه يظل مرتفعا في عام 2023، بسبب تحرير سعر الصرف، واستمرار نقص الغذاء والوقود، ومزيد من التخفيضات في الدعم.
تعتبر المخاطر على توقعات النمو كبيرة وتميل إلى الجانب السلبي. قد تؤثر الصدمات المناخية المتكررة بشدة على المحاصيل وسبل العيش الزراعية. قد تؤدي الحرب المطولة على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع، مما يؤثر سلباً على مكانة سوريا كمستورد للغذاء والطاقة. يمكن أن يؤدي عدم كفاية المرافق الصحية إلى تفاقم تأثير انتشار الأمراض المعدية بسرعة.
واعتباراً من يناير 2022، يتراوح إجمالي الأضرار عبر 14 مدينة و11 قطاعاً (البنية التحتية المادية والاجتماعية والمتقاطعة) بين 8.7 مليارات دولار إلى 11.4 مليار دولار.
ويضيف التقرير “تقدر الأضرار المادية الناجمة عن الزلزال بنحو 3.7 مليارات دولار، في حين تقدر الخسائر بنحو 1.5 مليار دولار ، ليصل إجمالي الأثر المقدر إلى 5.2 مليارات دولار. الخسائر مسؤولة عن انخفاض الإنتاج في القطاعات الإنتاجية، وخسارة الإيرادات، وارتفاع تكاليف التشغيل في تقديم الخدمات.
الإسكان هو القطاع الأكثر تضرراً (24٪ من إجمالي الأضرار)، يليه النقل، والبيئة (الكلفة المصاحبة لإزالة الأنقاض) والزراعة. من حيث الخسائر ، تكبد قطاع الزراعة أكبر الخسائر مع فجوة في الحصول على الغذاء تقدر بنحو 1.3 مليار دولار أميركي (83٪ من إجمالي الخسائر).
وكانت محافظة حلب هي الأشد تضرراً (44٪ من إجمالي الأضرار، معظمها في المساكن ثم الزراعة)، تليها إدلب (21٪).
كما تصدرت مدينة حلب قائمة المدن المتضررة بنحو 60٪ من إجمالي الأضرار، تليها اللاذقية (12٪) واعزاز (10٪).
من المتوقع أن يتسع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لسوريا بمقدار 2.3 نقطة مئوية في عام 2023 بسبب الزلزال، بالإضافة إلى انكماش متوقع سابقاً بنسبة 3.2٪ في عام 2023. يعود سبب الانكماش الإضافي في المقام الأول إلى تدمير رأس المال المادي واضطرابات النشاط التجاري.
من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم بشكل كبير، مدفوعاً بشكل أساسي بانخفاض السلع المتاحة، وزيادة تكاليف النقل، وارتفاع الطلب الكلي على مواد إعادة الإعمار.
أدى اثنا عشر عاماً من الصراع إلى زيادة تعرض السكان للأزمات والكوارث الطبيعية. أدى الزلزال إلى تدهور كبير في الظروف الإنسانية، لا سيما على مستوى الأمن الغذائي وهشاشة الإسكان. وكانت الشرائح الضعيفة من السكان، مثل النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، وكذلك الفقراء، هي الأكثر تضرراً.
كانت المناطق المتضررة من الزلزال موطناً لما يقرب من 3 ملايين نازح داخلياً أو 50٪ من إجمالي السكان النازحين داخليًا في سوريا والذين كانوا يواجهون بالفعل تحديات اجتماعية قاسية.
ويقدر البنك الدولي احتياجات التعافي وإعادة الإعمار عبر المحافظات الست التي تم تقييمها بمبلغ 7.9 مليارات دولار أميركي، مع احتياجات في السنة الأولى بعد الزلزال تقدر بـ 3.7 مليارات دولار أميركي و4.2 مليارات دولار أميركي في العامين المتتاليين.
وسجل قطاع الزراعة أكبر الاحتياجات (27٪ من إجمالي الاحتياجات)، يليه الإسكان (18٪) والحماية الاجتماعية (16٪) والنقل (12٪).
هذه صورة الاقتصاد السوري وفقاً للبنك الدولي فكيف يمكن توقع تحسن الليرة السورية في المستقبل؟ لا شيء يدعم الليرة السورية على الإطلاق ويمنعها من السقوط الحر مقابل الدولار فاحتياطات النقد الأجنبي في المصرف المركزي السوري انهارت من 17 مليار دولار إلى أقل من 70 مليون دولار في عام 2019 وكل ذلك طبعاً وفقا لتصريحات وأرقام غير رسمية فهذه تعتبر من “خفايا السيادة الوطنية”.
كما أن مداخيل الميزانية السورية من ضرائب انهارت تماما إذا علمنا أن أكثر من 84 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر وفقا لتقرير الأمم المتحدة، أما مداخيل النفط السوري فهي بيد الولايات المتحدة اليوم التي ترسلها إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وبالتالي أصبحت الحكومة السورية مستوردة للنفط بعد أن كانت تصدر ما يعادل 150 ألف برميل يوميا بعد عام 2015، وبالتالي يمكن القول إن كل عائدات الخزينة السورية بالأرقام تبخرت ولا وجود لها.
الحقيقة أن القيمة الفعلية للدولار على حساب الليرة أكبر بكثير وربما يفوق حاجز العشرة آلاف ليرة أو حتى العشرين ألف قريبا، وأن السقوط الحر لليرة السورية سيستمر إذا ما بقي نظام الأسد دون أي عملية للانتقال السياسي، هل هذا يعني أن الأسد سيكترث للمصاعب الاقتصادية التي يعانيها الشعب السوري اليوم أو غدا، بالطبع لا، إنه نوع من أنظمة الإبادة التي لا يهمها ذل الشعب أو فقره أو حتى إبادته كما فعل الأسد في استخدام السلاح الكيماوي في أكثر من 53 مرة ضد المدنيين السوريين وفقا للأمم المتحدة.
وهذه تماما معضلة الليرة السورية فمن يتأذى هو الشعب السوري لكن تحسنها لن يفيده بالنهاية مشكلة الليرة السورية مع الأسد وليس مع الدولار.
Sorry Comments are closed