فقدان المواصلات العامة بريف حلب: شكاوى مستمرة.. والحكومة المؤقتة تكشف قرب الحلّ

عائشة صبري23 يونيو 2023آخر تحديث :
عائشة صبري
ازدحام كبير في أسواق مدينة أعزاز شمال حلب استعداداً لعيد الأضحى المبارك – عدسة: محمود أبو المجد – حرية برس©

يشكو أهالي مناطق ريف حلب شمالي غربي سوريا من عدم توفر المواصلات العامة، إذ تشهد مواقف الركاب ازدحاماً كبيراً مع قلة الحافلات وانحسار وقتها، ما ينتج عنه الكثير من المعوقات، إضافة إلى صعوبات يُعاني منها السكان للوصول من مناطق إدلب إلى مناطق حلب وبالعكس.

“أورينت” التقت عدداً من سكان مناطق حلب وإدلب، وكان في المجمل الشكوى من الازدحام على المواصلات وقلة توفر الحافلات والسرافيس، في حين تتصدر شركة زاجل للنقل مشهد المواصلات العامة بإدلب منذ نحو عامين ضمن مناطق “حكومة الإنقاذ” ما جعل “مصيبة” المواصلات هناك، أقل سوءاً بدرجة عن مناطق “الحكومة المؤقتة”، التي لا يوجد فيها أي شركة نقل عام.

الصعوبات في وسائل النقل

تُعدّد الطالبة في جامعة حلب بالمناطق المحرّرة الواقعة بمدينة أعزاز شمال حلب (الحكومة المؤقتة)، فاطمة محمد عمايا، لـ”أورينت” الصعوبات التي تواجهها مع زملائها القاطنين في مناطق إدلب وريف حلب الغربي (حكومة الإنقاذ) بما يلي:

  1. طول المسافة
  2. معظم الطرق غير معبّدة
  3. كثرة الحواجز العسكرية بين كلّ منطقة وأخرى، هناك تسعة حواجز يقف عليها الركاب، ثلاثة حواجز بعد الانطلاق من مدينة دارة عزة غرب حلب، حاجزان عند الباسوطة، حاجزان عند عفرين أحدهم عند مدخل عفرين والثاني بين عفرين وأعزاز، إضافة إلى حاجزين عند مدخل أعزاز وفي داخل المدينة
  4. أوقات توفر المواصلات تكون محددة، ما يصعب العثور على مركوب خارج هذه الأوقات خاصة بعد السادسة مساءً
  5. الضغط بعدد الركاب يؤدي إلى إرهاق وأوجاع جسدية
  6. غلاء أسعار المواصلات، فدوام يوم واحد في الجامعة يُكلّف الطالب بين 50 و100 ليرة تركية.

كذلك الأمر مع الطلاب ضمن منطقة حلب، إذ تُعرب الطالبة الجامعية، منار النايف، عن استيائها من قلة المواصلات في بلدة أخترين التابعة لمدينة أعزاز، ما يضطرها وزملاءها للركوب بشكل مزدحم داخل السرفيس القادم من مدينة الباب للوصول إلى جامعة حلب الحرة، وتلفت في حديثها لـ”أورينت” إلى أنَّه ينتج في رحلة الذهاب التأخر على موعد المحاضرة وهناك أكاديميون لا يسمحون للمتأخر بدخول القاعة بينما يتقبل آخرون عذر التأخير، فضلاً عن العودة إلى المنزل حيث يجبرون على انتظار كلّ الطلاب لانتهاء امتحانهم أو دوامهم كون الركوب جماعي.

في حين، يرى الإعلامي محمود العلي المقيم في مخيم زوغرة بريف جرابلس، أنَّ الصعوبات تتمثل بغلاء أسعار المحروقات وارتفاع نسبة البِطالة، فسعر لتر المازوت يبلغ دولاراً، إضافة إلى سوء الطرقات فهي عبارة عن طرقات زراعية ليست صالحة لمواصلات عامة، ووسائل النقل العامة (باصات حكومية) قليلة جداً، وينتج عن قلة المواصلات تأخيراً بمواعيد العمل أو المستشفيات لبعد القرى عن المدينة، ويضطرون للخروج بوقت مبكر والعودة بوقت متأخر.

في ذات السياق يؤكد الطالب الجامعي، يونس النايف، المقيم في بلدة أخترين، أنَّ أهم الصعوبات التي تواجه سكان مناطق ريف حلب الشمالي هي “عدم وجود تنظيم رحلات بين المناطق”، ما يضطر الناس إلى اللجوء لعابري السبيل من السائقين في السيارات المختلفة منها التجارية أو الزراعية أو الخاصة والتي تكون غير مخصصة للرحلات بين المناطق، وهذا ما يُسبب صعوبة بالغة للإناث وكبار السن والأطفال، ومن أبرز نتائج انعدام المواصلات ارتفاع أسعار سيارات الأجرة، واضطرار بعض طلاب الجامعات لاستئجار منزل قرب الجامعة ما يزيد الأعباء على عاتق الطالب.

أمّا مروة السرميني الناجية من زلزال جنديرس وتعيش مؤخراً في أعزاز، فترى أنَّ الصعوبات في تنقلهم من مكان لآخر أصبح همّاً يُثقلهم بسبب ضعف وسائل النقل من جهة، وغلاء وسائل النقل القليلة المتاحة (تكاسي وسرافيس) بسبب غلاء أسعار الوقود، من جهة أخرى. وتضيف لـ”أورينت” أنَّ كراجات سيارات الأجرة والسرافيس متوفرة في المدن الرئيسية، لكن هناك مشكلة بتحديد أوقات الرحلات، ما يُعيق إمكانية الاجتماع مع الأقارب و الأصدقاء أو حضور دورات تدريبية وما إلى ذلك بسبب بعد المسافات.

مقترحات وحلول

يقترح المشاركون في تقرير “أورينت” عدة حلول، إذ ترى مروة السرميني، أنَّ فتح المجال أمام الشركات الخاصة للنقل الداخلي وربط المدن ببعضها البعض حتى يتمكن الناس من الزيارات فيما بينهم، ويقترح محمود العلي، تزفيت الطرقات لتصبح صالحة لطرق رئيسية، وتخفيض أجور النقل الداخلي، ومساعدة المجالس المحلية بآليات النقل مثل باصات تنتقل من مدينة إلى أخرى يومياً، بدوره يونس النايف يقول: “اقتراحي لحلّ هذه المشكلة هو تشكيل لجنة لتنظيم النقل الداخلي عبر عدد رحلات معينة يومياً تربط المناطق ببعضها البعض ليتمكن المواطنين بالتنقل بأريحية”.

دور الحكومة المؤقتة ومشروع النقل الداخلي

تقول منار النايف: إنَّهم في العام الماضي، قدّموا شكوى للمجلس المحلي في أخترين فتم تأمين باص لكن في العام الحالي لا يوجد، في حين يؤكد محمود العلي أنَّ هناك جهات قدّمت عدة شكاوى، مضيفاً أنَّ الجهات المختصة تعاني من ذات الحالة، بينما مروة السرميني تذكر أنّهم لم يقدّموا شكوى لأيّ جهة، مستدركة: “لكن نطلب من المسؤولين وأصحاب القرار في كل منطقة السعي لإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة”، بينما يرى يونس النايف أنَّ المجالس المحلية لا تعنى بهكذا مشاكل وفي كل مرّة تُبعد المسؤولية عنها بمشكلة المواصلات.

وللإجابة عن التساؤلات والشكاوى، تواصلت “أورينت” مع المحامي عبد الغني شوبك، معاون وزير الادارة المحلية في الحكومة المؤقتة، فأكد أنَّ الحكومة المؤقتة عبر وزارة الإدارة المحلية والخدمات تعمل على “مشروع نقل عام لربط المناطق المحررة بين بعضها البعض بشبكة مواصلات عامة، وإحداث مديرية للنقل العام”.

وقال شوبك: إنَّ المشروع في المرحلة الأولى عبارة عن 10 باصات نقل داخلي تكون عقدة مواصلات تربط بين المناطق من جنديرس مروراً بمناطق عفرين وأعزاز ومارع والراعي والباب وبزاعة وقباسين وصولاً إلى جرابلس، مؤكداً أنَّ الاحتياجات والتحديات تتمثل بثلاث نقاط:

  1. قلة وسائل النقل وغياب المواصلات العامة
  2. غلاء أجور النقل بسبب غلاء المحروقات
  3. الاكتظاظ السكاني بسبب تجمّع المهجرين من المحافظات السورية ومعظمهم يقبعون تحت خط الفقر.

ويضيف معاون وزير الادارة المحلية، أنَّ المنطقة بحاجة ماسة للمواصلات العامة، ما يؤدي إلى حلّ مشكلة التنقل والمعاناة المستمرة الناتجة عنها للسكان عامةً وطلبة الجامعة خاصةً، بالتالي نسعى لتنشيط المنطقة من خلال عقدة الموصلات والنقل العام التي سيتم الإعلان عنها من قبل الحكومة المؤقتة قريباً -كما يقول شوبك- دون أن يحدد جدولاً زمنياً واضحاً.

ويشير إلى أنَّ تركيز عمل الحكومة المؤقتة كان منصبّاً على تعبيد وتزفيت ورصف الطرقات ووصل شبكاتها، ومعظم هذه المشاريع أخذت وقتها ليأتي قريباً الوقت المناسب لإعلان مشروع النقل بعد استكمال تلك المشاريع، فالصعوبات أهمها تعبيد الطرق ثم شراء باصات النقل الداخلي.

ويذكر شوبك، أنَّ دور الحكومة المؤقتة عبر وزارة الإدارة المحلية والخدمات يتمثل بالتنسيق بين المجالس المحلية لإجاد حلول إسعافية، مضيفاً: “عملنا سابقاً على مبادرات فردية وحلول إسعافية من خلال المجالس المحلية، من أجل توصيل الطلبة عبر باصات، ومنها مجالس الباب وقباسين وبزاعة والراعي إلى الجامعات”.

وينوّه معاون وزير الادارة المحلية إلى أنَّ وقوع الزلزال في 6 شباط الماضي، أدى إلى تأخير تنفيذ مشروع النقل العام، كما تم تأخير مشاريع أخرى منها تنفيذ مشروع بناء جسر في عفرين، وإكمال تزفيت طريق جرابلس – الراعي – أخترين – أعزاز.

ووفقاً للمحامي فإنَّ مشروع النقل ينتج عنه الكثير من الإيجابيات منها:

  1. سهولة وتأمين المواصلات يؤدي إلى دعم الاستقرار وتنظيم التوزّع السكاني
  2. تخفيض أسعار النقل وتحسين الواقع المعيشي
  3. تعزيز وتنشيط الحركة الاقتصادية
  4. تأمين فرص عمل جديدة من خلال المشروع أو من خلال سهولة الوصول لمكان العمل
  5. توفير الحالة الأمنية والانضباط كون الباصات تابعة لمؤسسة عامة.

حال المواصلات في إدلب

وفي نظرة عامة لحال المواصلات في مناطق إدلب، يقول ماهر صبرة من سكان بلدة حرمبوش شمال غرب إدلب، لـ”أورينت”: إن أراد الذهاب إلى إدلب المدينة، تكون الآلية عبر موقف لشركة زاجل كلّ ساعتين رحلة تمر خلالها بعدة قرى وصولاً إلى مدينة إدلب، وإيجار الراكب 8 ليرات تركية، وهناك سرافيس خاصة لكن الأجرة مضاعفة ما يضطر بعض السكان لانتظار رحلة الزاجل التي تواجه ازدحاماً كبيراً من حيث عدد الركاب ما يجبر بعضهم على الوقوف أو الجلوس في أرض الباص إضافة إلى فصل النساء عن الرجال داخل الباص. بينما إن أراد التوجه إلى حلب عليه ركوب سرفيس أو سيارة خاصة.

من جانبه، نور نبهان أحد سكان ريف إدلب الشمالي، يعتقد أنَّ الطرقات مفتوحة بين إدلب وحلب، لكن بشكل عام الصعوبة الكبرى تتمثل بالوقوف على الحواجز الرئيسية على المعابر الفاصلة بين المنطقتين يتخلّلها حواجز فردية، ما ينتج عنه زيادة في وقت الرحلة، حيث تستغرق من ساعة إلى ساعتين من ريف إدلب الشمالي إلى ريف حلب الشمالي حسب الوقوف على الحاجز، وحسب أوقات الازدحام.

ويربط مناطق إدلب بريف حلب معبران أساسيان هما معبر قرية الغزاوية المقابل لبلدة سمعان غرب حلب، ومعبر قرية دير بلوط بريف عفرين شمال حلب، وهي معابر مخصصة للحركة التجارية وعبور المدنيين.

المصدر أورينت
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل