تعهّد مرشح المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو يوم الخميس بإعادة ملايين اللاجئين سعيا لكسب تأييد القوميين المتشددين الذين ساهموا في دفع انتخابات نهاية الأسبوع الماضي الرئاسية إلى دورة ثانية.
وأدلى زعيم المعارضة العلمانية بأول خطاب له منذ انتخابات الأحد التاريخية التي حلّ متأخرا فيها بخمس نقاط تقريبا عن الرئيس رجب طيب أردوغان.
وكان أداء كليجدار أوغلو (74 عاما) الأفضل للمعارضة منذ تولى أردوغان السلطة قبل عقدين، لكنه لم يرق إلى توقعات الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات وخيّب آمال المعارضة.
ومذاك أدخل زعيم المعارضة تغييرات في فريق حملته وشدد رسالته لكسب الناخبين اليمينيين في جولة الإعادة المقررة في 28 أيار/ مايو الجاري. كما يخطط لعقد لقاء مع سنان أوغان، وهو يميني متشدد نال 5,2 في المئة من الأصوات ولم يحسم قراره بعد بشأن الشخصية التي سيدعمها.
وأفاد كليجدار، وهو موظف حكومي سابق: “أردوغان، لم تقم بحماية الحدود وشرف البلاد.. أدخلت عمدا أكثر من 10 ملايين لاجئ إلى هذا البلد.. فور وصولي إلى السلطة، سأعيد كل اللاجئين إلى بلدهم”.
ولطالما أصدر الزعيم العلماني تصريحات معادية للمهاجرين، لكنه لم يُطلق تعهده الأخير بإعادتهم إلى بلادهم على الفور، سوى بعد أن حل في المركز الثاني بعد أردوغان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 14 أيار/ مايو الجاري.
ويحتاج بشكل ملح للفوز بأصوات الأنصار القوميين للمرشح الخاسر في الجولة الأولى سنان أوغان، الذي حل في المركز الثالث، ولن يشارك في جولة الإعادة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، هناك 3,9 مليون لاجئ في تركيا، من بينهم لاجئون من دولة سوريا المجاورة. وتضع الحكومة التركية الرقم عند حوالي 4 ملايين، كثير منهم من سوريا وأفغانستان وباكستان. ولا يقدم كليجدار أوغلو أي بيانات تدعم زعمه بأن البلاد تأوي 10 ملايين لاجيء.
وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي والباحث في شؤون الهجرة مراد أردوغان إن مثل هذه الأرقام المرتفعة والحساسة سياسيا “هي أرقام تخمينية للغاية” يصعب إثباتها، مضيفا أن عدد المهاجرين غير النظاميين، على وجه الدقة، في تركيا، غير واضح.
وأكد الخبير في شؤون الهجرة أن الخطاب التحريضي لن يساعد كليجدار أوغلو سوى في حصد 1 بالمائة إضافية فقط من الأصوات.
وسبق أن أشار أوغان إلى أنه لن يدعم إلا مرشّحا ينفّذ حملة أمنية ضد المهاجرين ويكافح “الإرهاب”، وهو المصطلح المستخدم في تركيا لدى الحديث عن المقاتلين الأكراد.
في هذا السياق يقول هوارد إيسنستات، الخبير بالشأن التركي في معهد الشرق الأوسط، إنّ كليجدار أوغلو كان يسعى لجذب القوميين من خلال مهاجمة السوريين لأنّ الأكراد يشكّلون جزءاً مهماً من قاعدته. ويضيف إيسنستات “الأكراد جزء كبير من ائتلافه”، وتابع “لكنّ السوريين هدف آمن نسبياً، لأنّهم في الغالب لا يستطيعون التصويت”.
بالمقابل حظي أردوغان وحزبه الإسلامي بتأييد واسع في أوساط المسلمين في العالم لاستقباله الفارين من النزاعات في بلدان مثل سوريا. وباتت تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين والمهاجرين في العالم بلغ عددهم خمسة ملايين خلال العقد الأخير.
وساهم اتفاق منفصل عام 2016 بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في التخفيف من أزمة الهجرة التي واجهتها أوروبا عبر السماح للأشخاص الساعين للوصول إلى غرب أوروبا بالاستقرار في تركيا. وبموجب الاتفاق حصلت تركيا من بروكسل على تمويل قدره مليارات اليورو.
لكن تأثيرات الأزمة الاقتصادية تفاقمت مع اقتراب الانتخابات، ما أدى إلى ازدياد حدة المشاعر المعادية للمهاجرين. وحاولت حكومة أردوغان إيجاد حل وسط.
وفي هذا السياق قال وزير الداخلية سليمان صويلو الخميس إن تركيا أعادت حتى الآن أكثر من نصف مليون سوري. وأضاف: “لن نحوّل تركيا إلى مستودع للاجئين ولم نفعل ذلك حتى الآن. لكن السوريين أشقاء لنا”. وتابع صويلو بالقول: “لا يمكننا إرسالهم إلى الموت. ولم نقم بذلك. لا يريد طيب أردوغان أن يتم تذكره على أنه الزعيم الذي أرسل السوريين إلى الموت”.
وفي هذا السياق قال إيسنستات إنّ أردوغان بدا مرتاحاً قبل جولة الإعادة ولم يكن بحاجة إلى تغيير لهجته بشكل جذري. وأضاف المحلّل السياسي التركي: “شعر (أردوغان) كأنّه في خطر قبل يوم الأحد … لا أظن أنه يشعر بهذه الطريقة بعد الآن”.
عذراً التعليقات مغلقة