خنساوات الثورة السورية يؤكدن على أهمية المطالبة بحقوق أبنائهن جيلاً بعد جيل

عائشة صبري21 مارس 2023آخر تحديث :
نساء سوريات شاركن في إحياء الذكرى الثانية عشر للثورة السورية في مدينة إدلب- عدسة: علي الدالاتي – حرية برس©

تؤكد أمهات الشهداء والمعتقلين، على الاستمرار في طريق الثورة السورية في الذكرى الثانية عشرة على انطلاقها، مشيرات إلى أهمية المطالبة بحقوق أبنائهن جيلاً بعد جيل، حتى يُحَاسب المجرمون وتنتصر الثورة.

الكثيرات من نساء سوريا المحتسبات الصابرات لُقبن بـ”الخنساء” نسبة للشاعرة تماضر بنت عمرو بن الحارث التي فقدت أربعة من أبنائها في معركة القادسية وقالت: “الحمد لله الذي شرّفني باستشهادهم”، حيث تجاوزنها بعدد الأبناء مع فقدان الأزواج والإخوة إما بالقتل المباشر أو تغييب السجون.

علياء الملا: أم لخمسة شهداء

“أورينت” التقت عدداً من خنساوات الثورة السورية، ومنهن علياء حسين الملا علي (أم قتيبة) من مدينة موحسن، وسكان مدينة دير الزور، حيث وجّهت تحيتها ومعايدتها لجميع حرائر الثورة السورية اللواتي قدّمن أبناءهن شهداء ومعتقلين، مؤكدة لهنّ: “لا تيأسوا من رحمة الله احتسبوهن عند الله الذي لن يضيعنا، سنبقى مستمرين في السير على دربهم”.

تقول أم قتيبة: “أولادي كانوا يملؤون عليّ حياتي لكن الله اصطفاهم عسى أن يقبلهم من الشهداء، سجدت شكراً لله على هذه المكرمة ولقبني أهلي بالخنساء، وأنا ما زلت أسير على طريقهم وسأستمر بالمطالبة بدمائهم وحقوقهم حتى آخر رمق من عمري، وسيتولى من بعدي بناتي وأحفادي جيلاً بعد جيل حتى بلوغ النصر”.

وكأيّ أمٍ حزنت كثيراً لكنها تستدرك: “عوّضني ربّي بخمسة أطفال أسميتهم على أسماء أولادي الشهداء باستثناء بشار لم أسمِّ على اسمه كون بشار الأسد سبب مأساتنا، أحفادي يعيشون معي في أورفا ويعوّضوني عن الفقد”، قائلة للدول التي تطبّع مع الأسد: “بالتأكيد سيأتيهم يوم تثور عليهم شعوبهم ويشربون من الكأس الذي شرّبنا منه الأسد”.

تشرح علياء، وهي مثال للمرأة القوية الصابرة، فقدانها لابنها الأول “زهير مشعان” كان طالب سنة أولى معهد حاسوب في أثناء مظاهرة يحضرها وفد من الجامعة العربية حيث أطلق الأمن الرصاص على المتظاهرين في 10/01/2012، وبعد اقتحام ميليشيا أسد مدينة دير الزور ونزوحهم إلى الريف استشهد ابنها الثاني “عبيدة” في 13/10/2012 برصاصة قناصة خلال عمله بإسعاف جريح.

بعدها بعشرة أيام استشهد ابنها “تشرين” متزوج له 7 بنات وطفل، برصاصة قناصة وهو داخل منزله، بينما ابنها “عقبة” اعتقله النظام بعد استشهاد “زهير” بشهرين وظلّ في عداد المفقودين لغاية ظهور صورته بين صور قيصر المسربة، “في عيد الثورة للعام 2015 نزلت صورته وتأكدنا من استشهاده تحت التعذيب”.

بينما اختفى ابنها “بشار” (19 عاماً) قسرياً بعد اقتحام تنظيم داعش لريف دير الزور في نيسان 2014، وتضيف علياء: “رغم صغر سنّه إلا أنّي زوجته ليعوّضني عن إخوته الشهداء فكانت زوجته حامل بشهرها السابع وأنجبت طفلاً، فيما اضطررنا للجوء إلى أورفا التركية بعد تهديدات داعش باعتقال بناتي”.

سميرة العكلة: أم 5 شهداء ومعتقل

وفي ذات السياق، تدعو سميرة العكلة (أم هاني)، وهي أم فقدت ستة من أبنائها، إلى مساعدة أمهات الشهداء والمعتقلين اللواتي “ليس لهنّ معين إلا ربّ العالمين”، وتقول لـ”أورينت”: “عتبي على المنظمات الإنسانية كوني أمّاً قدّمت ستة من أبنائها وأعيش وحدي في مدينة أورفا، فأكثر ما أعاني منه هو دفع إيجار المنزل الذي رغم رداءته إيجاره ارتفع من 400 إلى ألف ليرة تركية”.

سميرة العكلة، من سكان حي الجورة بمدينة دير الزور، تروي حكاية فقدان أولادها وهي صابرة محتسبة: “ابني البكر هاني جمعة الخشمان (29 عاماً) اعتقله النظام في 19/04/2012 ولديه بنت وصبي رضّع، وما يؤلمني أكثر من بقية أولادي أنَّ مصيره مجهول فمنذ سنوات سمعتُ بأنَّه في سجن صيدنايا ولا أعلم أهو حيّ أم ميّت”.

وتضيف: إنَّ ابني “أيمن” (15 عاماً) استشهد في 25/09/2012 برصاص القناصة، وفي اليوم التالي هاجمنا عناصر النظام (خلال مجزرة حيي الجورة والقصور)، واقتادوا ابني “أحمد” (19 عاماً) كانت يده مشلولة من الطفولة وهو معفيّ من الخدمة العسكرية، وتمّت تصفيته مع شاب آخر في أحد المنازل بخمس رصاصات.

بينما ورد اسم ابنتها “بتول جمعة علي الخشمان” (متزوجة عندها ولدان وبنت) في قوائم الوفيات تحت التعذيب، حيث اعتقلها النظام في 13/03/ 2013 عند حاجز عياش وتوفيت في 30/05/2013 دون تسليم جثتها، وذلك بعد اعتقال زوجها بثمانية أشهر، والذي تُوفي بعد خروجه من السجن بسنة لما تسبّب له التعذيب من أمراض.

وتُشير “العكلة” إلى انتساب أولادها “محمد وأيهم” إلى الجيش الحرّ بعد استشهاد إخوتهم، وفي 20/01/2013 استشهد “محمد” (18 عاماً) برصاصتين في الظهر، مضيفة: “نزحنا أنا وبناتي لعند ابني أيهم في القسم المحرّر من مدينة دير الزور، وبعد خروجنا النظام حرق منزلنا بالكامل”.

بينما “أيهم” اختفى قسرياً في 27/11/2013 بعد دخول تنظيم “داعش” لدير الزور وكانت زوجته حاملاً بالشهر الثامن، ووردنا أنَّه مقتول، وبعد مضايقات من عناصر داعش محاولين خطبة بناتي، ذهبنا مع قريب لي لتركيا هرباً من داعش، بناتي تزوجنّ وابني الصغير هاجر لليونان وأعيش وحيدة. حسب قول “أم هاني”.

أم عمار عفارة: مجزرة عائلية

بينما في مخيمات زوغرة بريف مدينة جرابلس شرق حلب، تستذكر أم عمار عفارة، كيف ذبحت ميليشيات أسد بسكين طائفية ابنتها كنانة عفارة (25 عاماً) وحفيدها عبد الغني بهادر (9سنوات) مع 13 فرداً من عائلة بهادر خلال أول مجزرة ميدانية في مدينة حمص وتحديداً حي كرم الزيتون في 26 كانون الثاني 2012، إذ وثقت تنسيقية الحي 22 قتيلاً بينهم خمسة رجال وسبع سيّدات وعشرة أطفال (5 إناث و5 ذكور إضافة إلى جنين).

بالتأكيد لم تمرّ هذه الفاجعة على قلب “أم عمار” بسلام، حيث إنَّ رائحة الدماء ما تزال عالقة في ذاكرتها وتسببت الفاجعة بإصابتها بمرض السكري وأمراض أخرى أنهكت جسمها، لتمشي بصعوبة مع مضاعفات السكري، مشيرة في حديثها لـ”أورينت” إلى أنَّ نجاة حفيدتها “غزل” (12 عاماً) التي ما تزال تؤلمها الإصابة برصاصة بفخذها وتم إسعافها مع شقيقها “علي” من قبل ثوار الحي وهي رضيعة، عوَّضها عن فقد ابنتها كونها تربيها منذ ذلك الحين وترى فيها ابنتها الشهيدة.

وتعد أم وليد الساروت من أبرز خنساوات الثورة السورية إذ فقدت ستة من أبنائها آخرهم رمز وحارس الثورة “عبد الباسط” واثنين من إخوتها، وحسنة الحريري التي فقدت ستة من أبنائها لتعرف بـ “خنساء درعا” وهي ناجية من الاعتقال أيضاً، وفي 22 تشرين الثاني 2022 نعى ناشطون “خيرية الغجري” الملقبة بـ”خنساء تلبيسة”، وهي أم لسبعة شهداء أبرزهم القيادي “محمد الضحيك” (أبو حاتم) خلال التصدي لطائرة حربية عام 2014.

المصدر أورينت
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل