في الرابع من مارس/ آذار الجاري، استضافت دمشق ورشتين حواريتين حول “منصة تشارك الوطنية للمنظمات غير الحكومية” تحت رعاية وإشراف أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد. وعقدت الورشة الأولى بالشراكة مع اتحاد الجمعيات الخيرية بدمشق، والثانية بالشراكة مع مؤسسة مبادرة أهل الشام بريف دمشق، وذلك في مدرج جمعية خريجي المعاهد التجارية بدمشق.
وقال القائمون على المنصة، وفي مقدمتهم مدير المنظمات غير الحكومية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إنها تهدف إلى تمكين المنظمات غير الحكومية وتهيئة البيئة المناسبة لتكون شريكاً حقيقياً وفاعلاً مع مؤسسات القطاع الحكومي في مجالات إعادة الإعمار والتنمية.
أحد المشاركين تساءل عن إمكانية الحفاظ على استقلالية عمل الجمعيات الخيرية وقرارها، وإذا ما سيكون مستقبلها مشابهاً لمستقبل جمعيات القروض الصغيرة ومتناهية الصغر “مشروعي” التي أُلحقت بالأمانة السورية للتنمية ووزارة الإدارة المحلية.
وبحسب التسريبات، فإن خطة أسماء الأسد غير المعلنة هي السيطرة على كل الجمعيات، وبالتالي على تحويلات المغتربين عبر قاعدة البيانات المزمع إنشاؤها.
ماذا حصل ببرنامج “مشروعي”؟
أنشأت الأمانة السورية للتنمية عام 2011 صندوقاً لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر بقروض صغيرة معفاة من الفائدة، ثم تشاركت مع وزارة الإدارة المحلية وشجعت الوحدات الإدارية في المدن والأرياف لإنشاء صناديقها وإداراتها المستقلة من ريع وتبرعات أبناء المحافظات والمغتربين منها تحت مسمى “مشروعي”.
وما إن بدأ هذا المشروع وأصبح لكل بلدة ومدينة صندوقها الخاص ورأسمال من أبناء البلدات ومغتربيها وعدد من المقترضين والمشاريع الصغيرة، فاجأت الأمانة السورية مطلع عام 2018 الجمعيات والصناديق بتشكيل لجان إدارية للأمانة في المحافظات والإستيلاء على حسابات صناديق الجمعيات في المصارف، ثم توقف العمل بقرض “مشروعي” منذ نهاية 2019.
ويقول إداري سابق لأحد الصناديق في محافظة السويداء جنوب سورية، طلب عدم الكشف عن اسمه لـ “العربي الجديد”: “أنشأوا صناديق إنمائية شملت معظم القرى والبلدات والمدن في المحافظة. وبناءً على شروط الصندوق التي تمنح استقلالية انتخاب اللجان ودراسة المشاريع ومنح القروض، تدفقت عشرات الملايين من مغتربي المحافظة وأنجزوا خلال أشهر قليلة مئات القروض والمشاريع الصغيرة والمنح. وشملت المشاريع تربية الماشية وشراء آلات زراعية ولوازم خياطة، بالإضافة إلى تجهيزات خاصة للطلاب الجامعيين”.
يتابع: “فاجأتنا وزارة الإدارة المحلية بداية عام 2018 بإلحاق صناديق الجمعيات بالأمانة السورية، واستولت على حساباتنا المصرفية وأصبحت تقوم بدور الجمعيات المحلية من خلال منسقين موظفين في الأمانة وإدارات محلية شكلية، إلى أن توقفت عن منح القروض وأوقفت مشروعي نهاية 2019 حتى هذا التاريخ”.
ما هو مصير الجمعيات الخيرية؟
وتدعي الأمانة السورية للتنمية أنها تهدف إلى تمكين المنظمات والجمعيات غير الحكومية ورفدها بالإمكانات والخبرات وإشراكها عبر منصة “تشارك” في داتا المعلومات، وبالتالي تأهيلها لتكون شريكاً حقيقياً لقطاعات الدولة في التنمية وإعادة الإعمار.
ويقول أحد الداعمين لعمل الجمعيات الخيرية في دمشق الحاج موفق. ر، في حديثه لـ “العربي الجديد”، إن “القطاع العام ومؤسسات الدولة لم تكن بمقدار المسؤولية خلال السنوات الماضية ولم تحظ بثقة المواطن، وهذا سينعكس سلباً على أداء الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية في حال تم إلحاقها أو إشراكها مع أي جهة، وبالتالي ستخسر هذه المنظمات والجمعيات الجزء الأكبر من الواردات والداعمين”.
ويقول التاجر أبو ياسين، وهو من سكان مدينة دمشق أيضاً، إن معظم المنظمات غير الحكومية تستمد دعمها من مؤسسات وجهات وأفراد خارجية، وهذه بمعظمها ترفض العمل تحت إشراف منظمة حكومية أو شبه رسمية. ويرى أن منصة “تشارك” ليست سوى مخزن بيانات وملفات رقمية ومقدمة لتوجيه عمل الجمعيات والمنظمات بما يتناسب مع توجهات الأمانة السورية للتنمية التي استولت منذ بداية الحرب على معظم المساعدات الأممية التي دخلت سورية بعلم المنظمات الدولية التي لم تستطع عمل شيء، والرضوخ للابتزاز. ويقول لـ “العربي الجديد” إن “الأمانة السورية سخرت مليارات الليرات للمتضررين من حرائق مناطق اللاذقية ولمشاريع مثل إعادة إحياء الوردة الشامية في اللاذقية، وكذلك لمسابقة تحدي القراءة للأطفال التي أُقيمت في أبو ظبي، ولم تُنشئ مشروعا استثماريا أو تبن ملجأ”.
وساهمت الأمانة السورية مع منظمة الهلال الأحمر السوري باستقبال وتوزيع المساعدات الإنسانية خلال فترة ما بعد الزلزال. وأظهرت وسائل الإعلام الرسمي والتواصل الاجتماعي حجماً كبيراً للمساعدات الإغاثية، في الوقت الذي أعلن فيه الهلال الأحمر السوري عن وصول 10 أطنان من المساعدات فقط حتى تاريخ 7 مارس/ آذار. أمر أثار استياء وتساؤلات لدى معظم المتضررين في مناطق الزلزال طاول منظمة الهلال الأحمر والأمانة بتهم مختلفة.
عذراً التعليقات مغلقة