اتفق تحالف المعارضة السداسي في تركيا المعروف باسم “الطاولة السداسية” على اسم زعيم “حزب الشعب الجمهوري” كمال كلشدار أوغلو ليكون مرشحا رئاسيا ينافس الرئيس، رجب طيب أردوغان، في الانتخابات المقررة في الـ14 من شهر مايو المقبل.
وأعلن عن اسم كلشدار أوغلو في أعقاب اجتماع بمقر “حزب السعادة” بالعاصمة التركية، أنقرة، استمر لأكثر من أربعة ساعات، وجاء ذلك على لسان زعيم الحزب، تمل كرامالا أوغلو، أثناء قراءته لبيان الترشيح.
وكان التحالف السداسي قد تشكّل قبل عام ونصف، وبينما أجرى زعماء الأحزاب الستة فيه سلسلة من الاجتماعات واتفقوا على “نص النظام البرلماني المعزز” الذي سيطبقونه حال الفوز بالانتخابات، بقي اسم المرشح محط “تباين وحيرة” لأشهر طويلة.
لكن وعقب اجتماع الخميس (الثاني من آذار/مارس الحالي)، أعلن هؤلاء الزعماء أنهم توصلوا إلى “تفاهم مشترك” بشأن قضية “المنافس”. ومع ذلك أبدت زعيمة “حزب الجيد”، ميرال أكشنار، اعتراضها، معلنة مطلبها بترشيح أحد اسمين، الأول عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، والثاني عمدة أنقرة، منصور يافاش.
وفي حين أسفر اعتراض أكشنار عن “هزّة داخل الطاولة السداسية للمعارضة”، جاء خطابها، الجمعة، ليزيد من التوتر على نحو أكبر، بعد وصفها الطاولة بأنه باتت “طاولة كاتب بالعدل وطاولة قمار”.
وبقي موقف أكشنار المذكور محط تكهن وتساؤلات، إلى أن قادت مفاوضات، يوم الاثنين، إلى تبديد اعتراضها، بعدما التقى بها عمدتي أنقرة وإسطنبول منصور يافاش، وأكرم إمام أوغلو.
وتم إقناع أكشنار بالعودة إلى “الطاولة السداسية” وحضور اجتماع الإعلان عن كلشدار أوغلو كمرشح رئاسي منافس لإردوغان، بشرط أن يتم تعيين إمام أوغلو ويافاش نائبين له، في أعقاب الفوز، وهو ما حصل بالفعل.
من هو كلشدار أوغلو؟
ولطالما أبدى كلشدار أوغلو زعيم “حزب الشعب الجمهوري” نيته منافسة أردوغان في انتخابات الرئاسة، التي من المقرر أن يثبّت الأخير موعدها رسميا في العاشر من شهر مارس الحالي. ولطالما تحداه الرئيس التركي، داعيا إياه للكشف عن نيته الترشح للمنافسة في انتخابات الرئاسة.
ويبلغ كلشدار أوغلو من العمر 73 عاما، وهو لاعب أساسي في السياسة التركية للفترة ذاتها تقريبا التي يمتلكها إردوغان، وقادم من خلفية اقتصادية.
ومنذ سنوات، يتصدر وجه المعارضة التي خسرت سلسلة من الانتخابات على مدى عقد من الزمان، فيما يرى حزبه “الجمهوري” نفسه حاملا لشعلة الأتاتوركية، وهي الأيديولوجية العلمانية الغربية لمؤسس تركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك.
وكان كلشدار أوغلو قد وصل إلى رئاسة “حزب الشعب” عام 2010، بعد استقالة سلفه الراحل، دينيز بايكال.
وسبق أن شارك مع “حزب الحركة القومية” المعارض في ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو، في أغسطس 2014، بطريقة التصويت المباشر، لكنه خسر أمام مرشح “العدالة والتنمية” حينها أردوغان.
ويتزعم هذا السياسي المعارضة التركية باعتباره رئيس أكبر أحزابها، ويعرف داخليا بمواقفه المناهضة بشدة لحزب “العدالة والتنمية” وحكوماته المتعاقبة، ويعارض بقوة سياسات الحزب الخارجية.
ولا يعرف بالتحديد ما إذا كان سيحظى بحظوظ كبيرة للفوز أمام أردوغان، ولاسيما مع تضارب نتائج استطلاعات الرأي، والتي ازداد انحراف بوصلتها، بفعل كارثة الزلزال التي حلت قبل أسابيع.
هل من مرشحين آخرين؟
ومع إعلان أحزاب المعارضة المشكّلة لـ”الطاولة السداسية” مرشحها الرئاسي، يكون هناك وحتى الآن مرشحين اثنين، الأول هو كلشدار أوغلو والثاني هو أردوغان.
وفي غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى “حزب الشعوب الديمقراطي” الموالي للأكراد، وما إذا كان سيعلن عن مرشح ثالث، خاصة أن مسؤولوه سبق وأن ألمحوا إلى ذلك، خلال الأسابيع الماضية، وبموجب التحالف الذي أسسوه مؤخرا مع خمسة أحزاب أخرى.
وأطلق على التحالف اسم “تحالف العمل والحرية”، ويضم أحزاب “العمال التركي TİP”، و”العمل EMEP”، و”الحرية الاجتماعية TOP، و”الحركة العمالية EHP”، و”اتحاد المجالس الاشتراكية”.
ولطالما وصف مسؤولون في “الشعوب الديمقراطي” الحزب بأنه “صانع الملوك” في البلاد، قاصدين الدور الذي يلعبه في كل انتخابات، من زاوية ترجيح الضفة التي ينضم إليها، بناء على القاعدة الشعبية الخاصة به.
وفي حديث سابق لموقع “الحرة”، قال العضو البرلماني في الحزب الموالي للأكراد، عمر فاروق جيرجيلي أوغلو، إن “هناك عدة سيناريوهات للشعوب الديمقراطي، لكن لم يعلن عنها بعد”.
وأضاف جيرجيلي أوغلو: “من الواضح أنه لن يدعم تحالف الحزب الحاكم، بينما سيدعم تحالف المعارضة إذا أظهرت أحزابه موقفا ديمقراطيا”.
ومع ذلك، اعتبر العضو البرلماني أن “العامل الحاسم هو أن تحالفي الحزب الحاكم والمعارضة في نفس الموقف، وأن المسألة الكردية هي المشكلة الرئيسية”.
وستكون انتخابات 2023 واحدة من أكثر الانتخابات التاريخية في تركيا، التي سيشتد فيها السباق وتصل التوترات السياسية إلى ذروتها، وكثيرا ما وصفها أردوغان بـ”الحاسمة والمصيرية”، وفي مقابله أحزاب المعارضة.
وكان ينظر لهذا الاستحقاق ما قبل الزلزال على أنه “استثنائي” لسلسلة من الاعتبارات، ومع حلول “كارثة القرن” حسبما تصفها الأوساط التركية، تضاعفت هذه الحالة على نحو كبير، في وقت تسود الكثير من التكهنات بشأن السياق الذي ستنظم فيه، سواء من الناحية الجغرافية أو التنظيمية.
ويتوقع مراقبون أن تحسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، بينما يرى آخرون أن هذا الأمر مستبعد، إذ ستشهد “جولتين” (أولى وثانية)، وخاصة إذا ما ترشحت عدة أسماء لمنصب “الرئيس”.
ويجب أن يحصل المرشحون على نسبة “50+1” من الأصوات على الأقل ليتم انتخابهم، لكن وفي حال لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية بعد 15 يوما، بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات أولا. وبعد ذلك سينتخب المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات الصحيحة “رئيسا”.
عذراً التعليقات مغلقة