بعد سيطرته على عفرين.. هل سيقضم “الجولاني” المزيد من مناطق ريف حلب؟

عائشة صبري15 أكتوبر 2022آخر تحديث :
عائشة صبري
“أبو محمد الجولاني” زعيم هيئة تحرير الشام في ظهور له بريف اللاذقية في 22 أغسطس 2018

مع استمرار هجوم هيئة تحرير الشام بقيادة “أبي محمد الجولاني” على مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، لليوم الرابع على التوالي، ومحاولتها السيطرة على مدينة أعزاز بعد مدينة عفرين شمال محافظة حلب، تجري مفاوضات لمنع إراقة الدماء وسط مخاوف من تسليم إدارة المنطقة لـ”الجولاني” الذي استفرد بمنطقة إدلب بعد إقصاء 22 فصيلاً.

ويعتقد عدد من السياسيين والعسكريين السوريين، أن يتوقف تمدد “تحرير الشام” والاكتفاء بإبقاء فصيلي “فرقة الحمزة بقيادة سيف بولاد، وفرقة السلطان سليمان شاه بقيادة محمد الجاسم” في المنطقة، بينما يتحدث آخرون عن توسع نفوذ “الجولاني” باتفاق مع الجانب التركي، لتكون بداية مرحلة جديدة ليست كما قبلها.

فيما يذكر ناشطون أنَّ المرحلة الجديدة من أهدافها تشكيل إدارة عسكرية وأمنية واقتصادية ومدنية واحدة لكلّ المنطقة المحررة (إدلب، حلب، ريفي اللاذقية وحماة)، ما يعني دمج حكومتي “الإنقاذ والمؤقتة”.

ويتوقع النقيب عبد السلام عبد الرزاق، (المتحدث السابق باسم حركة نور الدين الزنكي) أن تتغير خارطة السيطرة وإدارة المناطق المحررة عن ما هي عليه اليوم، مضيفاً لشبكة “آرام” أنّ الفيلق الثالث “لن يستطيع فعل شيء”.

ويستدرك النقيب، “لتركيا الكلمة العليا في مناطق شمال شرقي حلب، ويمكن في أي لحظة أن تتغير المعطيات وتتمخض الاجتماعات عن نتائج غير متوقعة، لكن بالتأكيد استحالة العودة إلى ما قبل هذه المعارك، فكلّ شيء تغيّر وسيبقى كذلك”.

ويوافقه الرأي، الصحفي عقيل الحسين، إذ يقول لـ”آرام”: إنَّ “الفيلق الثالث، لم يدافع عن مناطق سيطرته في أيّ مكان”، فقد انسحبت قواته بدون قتال فعلي من عفرين وريفها ومن جرابلس والحمران، ويبدو أنَّه اقتنع بخارطة السيطرة الجديدة حيث سينحصر وجوده في منطقتي أعزاز والباب.

ومع تجدد الاشتباكات، الجمعة، بعد فشل عدة جلسات مفاوضات بين “الفيلق الثالث” و”تحرير الشام” بسبب مطالب “الجولاني” للفيلق الثالث بتسليمه الإشراف على الملفات العسكرية والأمنية والاقتصادية في ريف حلب. يتوقع العقيد عبد الجبار العكيدي، أن تندلع “معارك ضارية” في كفر جنة سيتكبد خلالها “حلف الجولاني” خسائر فادحة.

ويقول العكيدي في حديثه لـ”آرام”: “لن يتمكن الجولاني من الوصول إلى مناطق درع الفرات، فالفيلق الثالث سيدافع بضراوة عن مناطقه وحاضنته الموجودة في تلك المناطق، والمعركة بعد عفرين هي وجود أو فناء”. وبالفعل أثبت الفيلق الثالث مقاومته إذ تصدى لهجوم عنيف للهيئة مساء اليوم.

علاقة تركيا بالاقتتال

يجمع عسكريون وسياسيون على استبعاد تسليم إدارة المنطقة لـ”تحرير الشام” كونها “مصنفة على قوائم الإرهاب”، ويرى العكيدي، أنَّه ليس من مصلحة تركيا بقاء عصابات الجولاني في عفرين لأنَّه سيعطي الذريعة لميليشيا “قسد” بطلب الدعم من التحالف الدولي لقتال “الهيئة”، بالتالي فإنَّ الهدف الحالي هو مساندة “الحمزات والعمشات” للقضاء على الفيلق الثالث وتحقيق مكاسب اقتصادية.

بدروه، النقيب رشيد حوراني، يعتقد أنَّ الهيئة لن تنسحب من المناطق التي دخلت إليها، لأنّها كانت تُراقب في الفترة الماضية، وتقنص الفرص للدخول لتلك المناطق، وستكمل باتجاه قرية كفرجنة وصولاً إلى مدينة أعزاز (مقر الجبهة الشامية)، وستفرض تواجدها، وإن لم يكن بحجم وثقل تواجدها في إدلب.

ويرى حوراني وهو باحث في “المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام”، في حديثه لـ”آرام” أنَّ “الهيئة” ستمسك بالملف الأمني، وتبقي الفصائل (العمشات/الحمزات) للعمل تحت مظلتها في طريقة اندماج تحفظ لهم مكتسبات مادية دون أن يكون لهم دور في رسم الخطط واتخاذ القرار.

ولأنَّ المناطق تشترك بإدارتها الرسمية تركيا، فلا بدّ أن يكون دخول “الجولاني” إلى عفرين وفق تنسيق مع الأتراك، كما يقول المحامي عمر إدلبي، مدير مكتب “حرمون للدراسات” في قطر لـ”آرام”، بينما المرحلة القادمة تعتمد على التفاهمات بين “تحرير الشام” والجانب التركي، لافتاً إلى أنَّ فكرة تمدده “ليست سهلة”، وباعتقاده “غير متاحة حالياً”.

وفي ذات السياق، يشير الصحفي عقيل الحسين، إلى أنَّ “تحرير الشام” أنجزت مهمتها بتمكين حلفائها “فرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه” بالسيطرة على عفرين وريفها وعلى جرابلس، وكذلك فعلت مع حلفائها من حركة أحرار الشام عندما مكنتهم قواتها من السيطرة على معبر ومنطقة الحمران بشكل كامل، مضيفاً: “أعتقد أنَّ مهمتها ستتوقف عند هذه النقطة”.

ويتابع قوله: تعلم الهيئة أنَّ “تصنيفها على لوائح الإرهاب يحرج تركيا” في حال أيّ تمدّد لها في مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، ولذلك فهي لن تفعل ذلك، بل ستنسحب من المناطق التي دخلتها مؤخراً، بالتالي فإنَّ وجود “الهيئة” العملي سيبقى محفوظاً من خلال وجود حلفائها، فهي ليست بحاجة للوجود الرسمي هناك.

أسباب تمنع الجولاني من الاستمرار

أسباب أخرى لعدم تثبيت “تحرير الشام” في عفرين يذكرها الكاتب السياسي باسل معراوي، لـ”آرام” ومنها: باعتبارها منطقة كردية وتحظى باهتمام دولي وغربي، فوجودها في عفرين “يخالف تعهدات تركية وسورية محلية” بالحفاظ على أمن وسلامة السكان والأكراد خصوصاً.

كما أنَّ منطقتي “غصن الزيتون ودرع الفرات” تختلفان عن مناطق إدلب، فهي خاضعة للحكومة السورية المؤقتة التابعة إدارياً لسلطات ولايات تركية محاذية ويوجد إشراف إداري كامل على قطاعات التعليم والصحة والمجالس المحلية ومختلف نواحي الإدارة الأخرى، وهي مستثناة أمريكياً من عقوبات قانون قيصر ما يتيح الاستثمار ومختلف الأنشطة التجارية فيها.

ويضيف معراوي: إنَّ انتشار حالة الفوضى الأمنية في منطقة نفوذ تركيا لا يخدم مشروع إعادة مليون لاجئ سوري في تركيا إلى الشمال السوري، لذلك يرى أنَّ تركيا سترسم ملامح خارطة النفوذ بين الفصائل دون غالب أو مغلوب، أو إلغاء أحد مقابل أحد، مع تقليص حجم طموحات الفيلق الثالث بالسيطرة الكاملة على المنطقة حيث جرى دفعه إلى معاقله الأساسية يوم أمس.

ويستبعد ربط البعض ما يحدث مؤخراً، بالسياسة التركية المفترضة لتحسين العلاقات مع نظام الأسد، أو إبرام أيّ اتفاقيات معه بخصوص مصالحة بينه وبين المعارضة. مضيفاً: “لا يملك الجولاني وحلفاؤه الإمكانية العسكرية لمتابعة التوجه إلى إعزاز ومارع وهما من معاقل الفيلق الثالث الأساسية إضافة إلى مدينة الباب، إذ يرى كثيرون أنَّ الفيلق الثالث آثر الانسحاب من أماكن انتشاره بمنطقة عفرين التي إن قرر الدفاع عنها سيستنزف ولن يتمكن من تحقيق نصر فيها”.

وباعتقاد معراوي، أنَّ الشعلة التي انطلقت من مدينة الباب بعد مقتل الناشط محمد عبد اللطيف أبو غنوم وتمكن الفيلق الثالث من اعتقال المجرمين وبث اعترافاتهم، ومن ثم انسحاب فرقة الحمزة من مراكزها بمدينة الباب، وتحول الأمر إلى صراع بهدف استئصال الحمزات من المنطقة المحررة كلها مع وجود المطالب الشعبية بذلك.

لكن محاولة الفيلق الثالث استغلال حالة السخط الشعبي على القتلة، لم تكن اللحظة مناسبة لأنَّها اصطدمت بمعارضة أغلب الفصائل (سواء بتحييد أنفسهم أو الاشتراك بالقتال ضد الفيلق)، ولم يرق الحال للقيادة التركية التي أعطت ضوءاً أخضراً لدخول الهيئة إلى عفرين وفتح جبهة يصعب على الفيلق مواجهتها. حسب قوله.

يشار إلى أنَّ خسائر “تحرير الشام” على محور كفر جنة، هذه الليلة، دفع قائدها أحمد الشرع (الجولاني) إلى توقيع اتفاق مبدئي مع قائد الفيلق الثالث بقيادة حسام ياسين (أبو ياسين) ورغم حذف الفيلق للبيان من معرفاته إلا أنَّه أقرّ به بعد ذلك، على أن يتم تطبيقه صباح غدٍ السبت.

وتضمن البيان 10 بنود، وهي:

1- وقف إطلاق نار شامل وإنهاء الخلاف الحاصل بين الطرفين.

2- إطلاق سراح كافة الموقوفين في الأحداث الأخيرة من جميع الأطراف.

3- عودة قوات الفيلق الثالث إلى مقراته وثكناته.

4- فك الاستنفار العسكري الحاصل لدى هيئة تحرير الشام.

5- استعادة الفيلق الثالث لمقراته وثكناته ونقاط رباطه.

6- عدم التعرض لمقرات وسلاح وعتاد وممتلكات الفيلق الثالث وعناصره.

7- يتركز نشاط الفيلق الثالث في المجال العسكري فقط.

8- عدم ملاحقة أي أحد بناء على خلافات فصائلية وسياسية.

9- التعاون على البر والتقوى في محاربة الفساد ورد المظالم.

10- اتفق الفريقان على استمرار التشاور والمداولات لترتيب وإصلاح المؤسسات المدنية في المرحلة القادمة.

المصدر آرام
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل