الباذنجان يسميه السوريون ” بأبو العيال” وذلك لرخص سعره وتنوع أكلاته.
لكن من حسن حظ هذه النبات البسيط أنه ينمو في بلاد الشام، وقد أبدع السوريون في طرق طبخه وتقديمه على موائد الطعام أيما إبداع.
“فللمحشي” ذكريات لمة العوائل الكبيرة ، وقصص حب وصلة رحم لا تنتهي، ويعتبر المحشي من أشهر الأكلات الشعبية السورية، حيث يفرغ الباذنجان ويتم حشوه بالرز واللحم، و من ثم يتم طهوه “برب” البندورة.
أما المكدوس، فقصة عشق وإبداع عند السوريين يستحقون عليها براءة اختراع، وهو يعتبر من أشهر أطباق الفطور لدى السوريين أو ما يسمى بأكلات “الإيدام أو الحواضر”، حيث يتم سلق الباذنجان ومن ثم حشوه بالفستق الحلبي أو الجوز مع الفليفلة الحمراء، ومن ثم وضعه فيما يعرف “بقطارميز” زجاجية أو بلاستيكية مليئة بزيت الزيتون ويحفظ فيها على مدار العام.
يحتاج تحضير أكلة المحشي لعدة ساعات، بينما صناعة المكدوس تحتاج إلى عدة أيام.
المتبل من أشهر أطباق المقبلات في المطاعم، حيث يتم شواء الباذنجان ومن ثم تحضيره مع اللبن والثوم والطحينة، وللمتبل أخ مشابه له يسمى “بابا غنوج” يعتبر من المقبلات ويصنع من الباذنجان المشوي أيضاً بعد أن يتم قليه بالسمن أو الزيت مع البصل والفليفلة.
و لعل من أبسط أطباق الباذنجان أن يتم طبخه مع البندورة وهو ما يعرف باسم باذنجان مطبوخ أو “المسقعة”.
وأيضاً من الأطباق البسيطة الباذنجان المقلي حيث يتم تقطيعه إلى شرائح و”قليه” بالزيت المغلي، ومن ثم يتم تقديمه بطريقتين، إما أن يوضع مباشرة في طبق، أو يتم إعادة طبخه مع البندورة والبصل وهذا الطبق يعرف باسم “المطبق”.
كباب باذنجان حيث يتم إضافة قطع الباذنجان بالتناوب مع قطع اللحم وتشوى معا.
لم يتوقف إبداع السوريين عند الأطباق المطبوخة، بل صنعوا منه مربى الباذنجان كحلويات، و صنعوا مخلل الباذنجان وأصبح أحد ألذ أنواع المخللات.
ويستخدم الباذنجان كمادة ثانوية في العديد من الأطباق السورية، ففي “المقلوبة” يوضع الباذنجان المقلي كطبقة من مكونات المقلوبة.
و تكون قطع الباذنجان كمكون مع عدة أنواع من الخضار مع قطع اللحم في أكلة “الكواج”.
كما يتم “تقديد” الباذنجان أي تجفيفه تحت أشعة الشمس لكي يستخدم في الشتاء، و يتم “تقديد” الباذنجان وفق نوعين المفرغ الخاص بالمحشي والشرائح الخاص بالطبخ وعندما يطبخ يصنع منه طبق “القديد”.
و لعل حصر أكلات وطبخات الباذنجان لا يتسع لها مقال، فهناك العديد والعديد من الأطباق والأكلات التي لا تنتهي، و تعتبر بلدة كرناز في ريف حماة الشمالي من أشهر المناطق التي تزرع الباذنجان في سوريا.
و لهذا يقول السوريون “الباذنجان أبو العيال” وذلك لأنه يستر البيوت الفقيرة، لكن لعل كلمات هذا المقال تبدو اليوم مؤلمة لدى الكثيرين من الشعب السوري، و خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق النظام، وذلك بعد أن حاصرهم الجوع وأصبح رغيف الخبز بعيد المنال.
وقع الباذنجان البسيط المتواضع بيد السوريين فصارت له إمبراطورية ومملكة، ووقعت سوريا بيد “آل الأسد” فقتلوا من أهلها من قتلوا، واعتقلوا من أهلها من اعتقلوا ، وشردوا من أهلها من شردوا، وهدموا ما هدموا، وحولوا “جنة الله في الأرض” ـ كما قيل عنها ـ إلى خراب.
وتحولت دمشق من حاضرة الدنيا إلى أسوأ عاصمة للعيش في العالم قاطبة.
سائلين الله بفرج عاجل على سوريا و أهلها….
عذراً التعليقات مغلقة