* فراس علاوي
خلال أقل من 24 ساعة من انتشاره.. شهد شريط الفيديو الذي أظهر مقاتلين يقال أنهم من “أحرار الشرقية” وهو فصيل تابع للجيش الحر الذي يقاتل في الريف الحلبي ضمن عملية درع الفرات التي يدعمها الجيش التركي انتشاراً وجدلاً واسعين وهم يهتفون ضد “أمريكا الكافرة”.
هذا التسريب الذي أعقب رفض هذا الفصيل الدخول لمقاتلين أمريكان للقتال إلى جانبه في معركة درع الفرات في منطقة الراعي رغم ادعاء الامريكان انهم فقط مرشدين للطيران لتحديد مواقع داعش المراد قصفها، شهد أيضاً انقساماً في المواقف منه.
هذا الانقسام كان بين مؤيد ومعارض لهذا التصرف، يظهر حدة الانقسام في الموقف من الوجود الامريكي في المنطقة ومن موقفه من الثورة السورية ولكل من الفريقين مبرراته.
فالمؤيدين للفكرة يدعمون أقوالهم بأن الامريكان يدعمون “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) والتي تقاتل الجيش الحر في ريف حلب ،وبالتالي كيف لمن يقاتلك على جبهة أن يدعمك في جبهة أخرى؟ وهم يستشعرون خيبة الأمل من الموقف الأمريكي المتخاذل في سوريا، وهناك من ينطلق من موقف ايديولوجي برفض التعاون مع الامريكان باعتبارهم أعداء، هذا المنطلق لا يجد له صدى واسعاً في صفوف الجيش الحر، لكن الشحن الإعلامي والطائفي الذي مورس خلال الثورة السورية ربما كان له دور في ذلك خاصة أن معظم المقاتلين هم من فئة الشباب غير المنفتحة سياسياً، إنما تقاتل من منطلق عقائدي وفكري فقط وهو ما يدفعهم لقتال كل من يقف في وجه أهدافهم المعلنة.
أما من رأى في هذا التصرف تصرفاً بعيداً عن منطق السياسة وتحالفاتها فهم يستندون إلى وقائع على الأرض، أهمها:
أن التدخل التركي برمته لم يكن ليحدث لولا الضوء الاخضر الامريكي والذي سمح به توافق تركي أمريكي، هذا التوافق بالتأكيد لم يغفل هذا الدخول للقوات الامريكية ولم يضعها في الحسبان، لكنه يرى في هذا الموقف رسالة تركية واضحة للجانب الامريكي الذي لم يفك ارتباطه بعد بالحليف الكردي والذي تعتبر عملية درع الفرات في أحد أهدافها ايقافاً لتوسعه وتقدمه وإجهاض حلمه في إقامة دويلة أو كانتون مستقل.
الرسالة لم يوجهها الأتراك بشكل مباشر بل تركوا أحد حلفائهم وهو فصيل من فصائل الجيش الحر ليرسلها، وهي عدم القبول بالشريك الأمريكي على الأرض رغم وجود الطيران الامريكي في الجو، ولذات السبب هذا الرفض لم يأت عبثاً، بل سبقه توتر في العلاقات الامريكية التركية اعقبت الانقلاب الفاشل وتطور العلاقات التركية الروسية، كل هذا مع التردد الامريكي في اتخاذ موقف واضح من الأكراد دفع بالأتراك للتصرف بشكل منفرد وتوجيه رسائل سياسية ربما خرجت في الفيديو الذي انتشر عن السيطرة، في وصف امريكا بالكافرة، والذي ربما سيكون له تبعات، خاصة إذا علمنا أن هذا الفصيل هو أحد الفصائل المعول عليها في حرب داعش في محافظته دير الزور، والتي سيكون للأمريكان دور كبير فيها والتي ستعقب معركة تحرير الرقة.
الرسائل التركية بدأت بتسريب الصحف التركية عن تقاعس امريكي في ضرب أهداف لداعش في معركة درع الفرات الأولى، حين لم يدعم الطيران تقدم فصائل الجيش الحر المدعوم تركياً ما أعطى تنظيم داعش الفرصة لمهاجمتهم واستهداف دبابة للجيش التركي وجرح طاقمها، والأخرى عندما أعطى الجيش التركي إحداثيات أهداف لمواقع لداعش تنطلق منها قذائف تصل للداخل التركي وتقاعس الطيران الامريكي عن استهدافها مما اضطر المدفعية التركية للتعامل معها وتدميرها.
هذه الرسائل السياسية وغيرها من مواقف الأمريكان والتي تثير الريبة كالذي حدث في معركة تحرير مدينة البوكمال السورية حينما تخلى الطيران عن مقاتلي “جيش سوريا الجديد” في منتصف المعركة مما كبدهم خسائر في العتاد والأرواح.
عدم الثقة والتردد الامريكي يجعل الجانب التركي يبحث عن رسائل طمأنة من الجانب الامريكي ربما ايعازه لهذا الفصيل احد هذه الرسائل بان الاتراك لا يزالون مرتابين من الموقف الامريكي خاصة وأنهم مقبلين على تحالف عسكري في معركة مصيرية وكبرى مثل معركة الرقة.
ما حدث أراده الاتراك لاستثماره سياسيا وعسكرياً لكن هناك إشكالية ربما حدثت أثناء تسريب مقطع الفيديو وهي في الألفاظ المنتقاة والتي ربما خرجت عن السيطرة او أنها كانت عفوية غير مرتبة وليدة اللحظة.
ماجرى في الراعي سيكون له تداعيات ربما على عملية درع الفرات برمتها وربما على تجانس قوى الجيش الحر الموجودة وبالتالي ستنعكس سلباً على العملية برمتها خاصة اذا تم استغلالها اعلامياً من قبل الماكنة الاعلامية لتنظيم داعش وبعض القوى المتضررة من عملية درع الفرات.
عذراً التعليقات مغلقة