تتزايد التوترات في منطقة الجنوب السوري، ولا سيما في ما يعرف بـمثلث الموت «درعا – القنيطرة – دمشق»، حيث تسعى إيران إلى السيطرة على المنطقة مستغلة الفراغ الذي تركته روسيا بسبب انشغالها في الحرب على أوكرانيا، والتي تعهدت سابقاً بإبعاد الميليشيات الإيرانية عن المنطقة القريبة من الجولان المحتل والحدود الأردنية التي تشهد عمليات تهريب للمخدرات والأسلحة.
وكان ملك الأردن عبدالله الثاني حذَّر من تصعيد عسكري محتمل على الشريط الحدودي مع سوريا، مؤكداً أن الأردن يواجه هجمات على حدوده بصورة منتظمة من «ميليشيات لها علاقة بإيران»، وأن الوجود الروسي الذي كان يشكل مصدراً للتهدئة سيملأه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم.
وفي السياق، علمت القبس من مصادر مطلعة داخل إيران أن طهران أرسلت أخيراً وحدات جديدة من فيلق القدس، الجناح الخارجي للحرس الثوري، إلى الحدود السورية – الأردنية، وهي بصدد إنشاء قاعدة كبيرة بدلاً من النقاط الصغيرة التي تستخدم من قبل ميليشياتها في المنطقة.
وقالت المصادر: إن الحرس الثوري أرسل ثلاث وحدات جديدة من لواء «فاطميون» الأفغاني، وصلت أخيراً من طهران إلى مدينة درعا، للاستقرار والانتشار على الحدود السورية – الأردنية تحت إشراف خبراء إيرانيين، بعد أن جرى تدريبها في معسكرات جنوب شرقي طهران على استخدام صواريخ قصيرة المدى وطائرات مسيَّرة وجرى تجهيزها عسكرياً.
وأشارت المصادر لـ القبس إلى أن الحرس الثوري أنشأ قيادة جديدة لإدارة المنطقة السورية الجنوبية، تولت مهامها بعد أن استكملت الوحدات الأفغانية انتشارها على الحدود مع الأردن، كما أطلق اسم «مالك الأشتر» على قاعدة جديدة يجري بناؤها في قرية حومة بمدينة درعا، ما يؤشر إلى نية إيرانية للاستقرار طويلاً هناك وحماية مصالحها واستثماراتها المستقبلية. وأمس استهدف مجهولون دورية روسية على أوتوستراد دمشق ـــ درعا في منطقة تسيطر عليها ميليشيات تابعة لإيران.
وكشفت المصادر أن الحرس الثوري بصدد انشاء قاعدة عسكرية كبيرة بدلاً من النقاط العسكرية الصغيرة التي تستخدم من قبل فيلق القدس وميليشيات «فاطميون» في المنطقة الجنوبية.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حذر في يوليو الماضي من تصعيد عسكري محتمل على الشريط الحدودي مع سوريا، مؤكداً أن الأردن يواجه هجمات على حدوده وبصورة منتظمة من «ميليشيات لها علاقة بإيران»، معبرا عن أمله بـ«تغير في سلوك» طهران.
وتحدث الملك عبدالله عن «عمليات تهريب المخدرات والسلاح» التي «تستهدفنا كما تستهدف الأشقاء»، وعن ضرورة إقامة «منظومة عمل دفاعي مؤسسي عربي» لمواجهة «مصادر التهديد المشتركة».
وخلال زيارته لواشنطن في مايو الماضي، قال الملك عبدالله إن الوجود الروسي في جنوب سوريا كان يشكل مصدرا للتهدئة، مبينا أن «هذا الفراغ سيملأه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا».
3 وحدات من «فاطميون»
وفي هذا السياق، قالت المصادر المطلعة من داخل إيران لـ القبس، إن الحرس الثوري أرسل ثلاث وحدات جديدة من لواء «فاطميون» بزعامة القيادي في الميليشيات الأفغانية حكمت الله هراتي، وصلت مؤخرا من طهران إلى دمشق ثم إلى مدينة درعا جنوبي سوريا، وقد أُرسلت تحديداً للاستقرار والانتشار على الحدود السورية – الأردنية بعد أن تم تدريبها، في معسكرات تابعة للحرس الثوري جنوب شرق طهران، على استخدام صواريخ قصيرة المدى والطائرات المسيّرة، وهي مجهزة عسكرياً أكثر من الميليشيات الإيرانية المتمركزة في دمشق.
قيادة وقاعدة
وأشارت المصادر الإيرانية إلى أن الحرس الثوري أنشأ قيادة جديدة لإدارة المنطقة السورية الجنوبية، وتولت هذه القيادة مهامها الأسبوع الماضي بعد أن استكملت الوحدات الأفغانية انتشارها على طول النقاط الحدودية مع الأردن.
وأوضحت المصادر الايرانية لـ القبس أن الحرس الثوري أطلق اسم «مالك الأشتر» على القاعدة الجديدة التي بدأ استكمال بنائها وانشائها في حومة بمدينة درعا.
ويقدر عدد عناصر ميليشيات «فاطميون» الذين نقلوا إلى الحدود السورية – الأردنية بنحو 350 عنصراً إضافة إلى ضباط وكوادر للحرس الثوري. وتريد إيران الاستقرار لفترة طويلة هناك، وأكدت المصادر أن عائلات عناصر لواء «فاطميون»، التحقت بهم بعد وصولهم الى درعا.
واعتبرت المصادر الإيرانية أن طهران تخطط للاستثمار في المنطقة الجنوبية من سوريا، وإنشاء قاعدة «مالك الأشتر» في درعا هو في جزء حماية الشركات الإيرانية من هجمات قد تشنها فصائل المعارضة السورية، إضافة إلى انشاء نقطة مركزية ثابتة في الجنوب لإحكام السيطرة على مثلث درعا ـ القنيطرة ـ دمشق.
عذراً التعليقات مغلقة