بعيداً عن الضوضاء، و حرارة الشمس الملتهبة، وغبار السيارات، وصهاريج المياه، وأقدام المّارة، و أصوات الباعة الجوالين ، وبعيداً عن الرياح المحمّلة بالغبار التي حركت أوتاد الخيام، ومزقت عوازلها الزرقاء، والبيضاء المنقوش عليها شعارات نُسبت زوراً وبهتاناً للإنسانية. ليتبيّن للسوريين جميعهم بأنّها مجرد جمعياتٍ ربحيةٍ تنفذ ما يريده الساسة بعد جلساتهم في أقبية الظلام.
بعيداً عن كل ذلك عُقدت القمة 63، وجلس فيها من يدعي تمثيله للشعب، وقضيته وهناك بدأ مهرجان لاستعراضِ الأفكار، وإطلاق العنان لإنجازات ما شوهدت إلا على الورق. مع عرض للعضلات السياسية، وكلّ مستعرضٍ يظنُّ نفسه هو من أخرج الزير من البئر كما تقول الخرافة.
وهي في الحقيقة خرافة التمثيل لشعب بات يفكر أكثر من كل لحظة سابقة في مصيره المجهول.
نعم هناك في إسطنبول عقدت القمة، ولأوّل مرة بدأت الحكاية، بفاتحة على أرواح السوريين على من مات، وعلى من ما زال على قيد الحياة.
وبدأ كبيرهم في نقل التحيات، والتسهيلات مع معسول للكلام يضرُّ، ولا ينفع. مرحباً بأعضاءٍ جُدد لا يعلم مواطنٌ سوريّ كيف أُدخلوا الجسم أو أنّ للزعيم رأيّ آخر دائماً هو ما ينفذ.
مع تفعيل دور للجميع وصولٍ إلى تمثيل سياسي للمجتمع السوري، ووعود كسابقاتها هي أشبه برياح الصيف. بالقيام بزيارات لمؤسسات وفعاليات، ومنظمات التصقت بها كلمة الثورة، مع انعكاس للخطاب الوطني على الأفعال، وليس الأقوال فقط. وبعدها قام الزعيم الأصغر مستعرضاً إنجازات حكومة لا يعرف وزراؤها ماهي أصلاً، والحديث عن الصعوبات التي لا يُراد أن تُزال أصلاً خوفاً من نقصان كمية الدعم، وبعدها قام الجاموس شارحاً مستجدات، ومعضلات العملية التفاوضية، وشاكراً للشعب الثائر ثقته المطلقة به وببراعته التفاوضية، وكالعادة محملاً المجتمع الدولي التباطؤ في تطبيق قراره والذي إن طُبق لكان الجاموس فيه من الخاسرين.
ثم بدأ الهادي بشرح مقتضبٍ حول الدستور، وتعطيل النظام له، وهو أكثر المتيقنين بعبثية هذا الملف، ولكنّه يأبى التراجع عنه ولو بقي وحيداً في الميدان كحال حديدان.
لتقوم بعده المرأة التي تمثل المرأة لتتحدث عن دعم المرأة وتمكينها، وكأنَّ المجتمع السوريّ من ذي قبل كان يتعامل مع المرأة بدونية، وانحطاط مع أنّ المعاملة الإنسانية والمشاركة السياسية هي ذاتها لم تتغير، وما زالت المرأة هي الأم والبنت، والأخت، والزوجة، فهل هناك من يهين تلك الكنوز! أم أنّ لهذه الانشطة، والجمعيات رأيّ آخر؟.
وكي لا يبقى الشعب في غيبوبة، وأن يكون نصيبه من اللقاء قليلاً أصرّ الحضور على مناقشة همومه، ومطالبه المعيشية، والخدمية وكأنّ من أجل ذلك كانت ثورته وتضحياته.
وفجأة خرج الدّخان الأبيض الذي كان ينتظره الجميع. لتعمّ الفرحة، والبهجة، وتنطلق الزغاريد حيث وصل خبر قبول تمديد الهيئة السياسية عاماً كاملاً. هذه الفرحة أنست المجتمعين معاناة مخيم الركبان، وباقي المخيمات في إدلب، وحلب حتى مسألة العودة القسرية للشعب من تركيا إلى كانتونات صغيرة، كأنَّها غير موجودة، وهي من محض الخيال حالها كحال المدنية، والديمقراطية، والانتخابات العجيبة التي يمارسها من هم تحت قبة تلك الخيمة. والمعاناة في ازدياد.
عذراً التعليقات مغلقة