انتقادات واسعة قابلت نشر المشروع الجديد للجمهورية التونسية الخميس في الجريدة الرسمية، وسيصوت عليه التونسيون في 25 يوليو/تموز الجاري، نظرا للسلطات الواسعة التي يمنحها لرئيس الجمهورية، على حساب تهميش البرلمان ومنظمات المجتمع المدني.
ويتضمن المشروع الجديد 142 مادة ويمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية خلافا لدستور 2014 الذي كان ينص على نظام شبه برلماني، وكان قيس سعيّد قد أمر بتعليقه في 25 يوليو/تموز 2021.
مشروع الدستور الجديد يعطي سلطات أكبر لرئيس الجمهورية خلافا لدستور 2014، الذي يتقاسم فيه الرئيس السلطات مع البرلمان، ما يُعيد إرساء النظام الجمهوري الذي كان قائما قبل ثورة 2011، الذي يضمن سلطات أوسع للرئيس مع دور أقل للبرلمان.
وخلافًا لما جاء في دستور 2014، لم ينص في المادة الأولى على أن تونس دينها الإسلام، حيث ينص الدستور الجديد على أن “تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة”.
فيما تنص المادة 5 على أن “تونس جزء من الأمة الإسلامية، وللدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية”.
وتنص المادة 6 من مشروع الدستور على أن “تونس جزء من الأمة العربية واللغة الرسمية هي اللغة العربية”، وتشير المادة 7 إلى أن “الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي الكبير تعمل على تحقيق وحدته في نطاق المصلحة المشتركة”.
وفي ما يلي عرض لأهم نقاط مواد مشروع الدستور الجديد:
- تكريس لسلطة الرئيس
تشير المادة الثانية من مشروع الدستور إلى إعادة إرساء النظام الجمهوري الذي كان قائمًا قبل ثورة 2011 (للرئيس سلطات أوسع)، حيث كان النظام بحسب دستور 2014 جمهوريا ديمقراطيا تشاركيا تنقسم فيه السلطات بين البرلمان ورئيس الحكومة، مع صلاحيات أقل للرئيس.
ويمارس الرئيس “الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة” بحسب المادة 87، وهنا تم التخلي عن عبارة “سلطة” وتعويضها بعبارة “وظيفة”، ما يراه متابعون تقليصًا من دور بقية الوظائف (التشريعية والقضائية).
وبحسب المادتين 100 و101 فإن الرئيس يعين رئيس الحكومة وبقية أعضائها (باقتراح من الأخير) وله إنهاء مهامهم.
ووفق المادة 106 تتضمن صلاحيات الرئيس إسناد الوظائف العليا المدنية والعسكرية في الدولة باقتراح من رئيس الحكومة.
تكريس سلطات واسعة للرئيس تعززها المادة 110، وتنص على أنه “يتمتع بالحصانة طيلة توليه الرئاسة، وتعلق في حقه كافة أجال التقادم والسقوط، ويمكن استئناف الإجراءات بعد انتهاء مهامه، ولا يسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه”.
وتنص المادة 112 على أن “الحكومة مسؤولة عن تصرفها أمام الرئيس”.
ووفق المادة 115، لا يمكن للبرلمان إقالة الحكومة أو حجب الثقة عنها في التصويت إلا بتأييد ثلثي النواب (تتم بتأييد النصف زائد واحد في دستور 2014).
أما المادة 116 من مشروع الدستور الجديد فتشير إلى أنه وفي صورة إجراء تصويت ثانٍ لحجب الثقة عن الحكومة خلال نفس الدورة البرلمانية، يبقى للرئيس قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
فيما تشير المادة 141 إلى استمرار العمل “في المجال التشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021، المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين تولي مجلس نواب الشعب (برلمان جديد) وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه”.
- برلمان ونواب بصلاحيات أقل
التعديلات في مواد مشروع الدستور الجديد قلصت صلاحيات نواب البرلمان مقارنة بما كانوا يتمتعون به في دستور 2014.
وهنا تنص المادة 61 من مشروع الدستور الجديد على أن التفويض الممنوح للنائب يمكن سحبه وفق الشروط التي يحددها قانون الانتخابات.
وتؤكد المادة 62 على تحجير (منع) تنقل نواب البرلمان بين الكتل النيابية “في صورة الانسحاب من الكتلة التي ينتمي إليها بداية المدة النيابية”.
وتشير المادة 66 إلى أن “النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية بالنسبة إلى جرائم القذف والثلب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضا في صورة تعطيله للسير العادي لأعمال المجلس (البرلمان)”.
وتمنح المادة 68 الرئيس الحق في طرح مشروعات القوانين على البرلمان، وهو من يقدم مشروعات قوانين الموافقة على المعاهدات ومشروعات القوانين المالية.
وبجانب البرلمان، جاء المشروع الجديد للدستور بغرفة برلمانية ثانية هي “المجلس الوطني للجهات والأقاليم”، دون ذكر تفاصيل واضحة عن مهامه أو طريقة انتخابه والصلاحيات التي سيتمتع بها.
وبحسب المادة 109 “لرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس نواب الشعب (البرلمان) والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما، ويدعو إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها”.
** الحقوق والحريات
أكدت مسودة الدستور الجديد على غرار الدستور القائم (دستور 2014)، في 33 مادة (من المادة 22 إلى المادة 55) على تعهد الدولة بحماية الحقوق والحريات.
ويشمل الأمر المساواة أمام القانون، والحق في الحياة، ومنع التعذيب، وضمان الحرية الفردية وحرية المعتقد وسرية الاتصالات والتنقل، بحسب المواد من 22 إلى 30.
كما يؤكد مشروع الدستور الجديد ضمان “حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر وعدم الرقابة عليها”، والحق في “الإعلام والنفاذ للمعلومة”، وحق “الانتخاب والاقتراع والترشح، مع ضمان تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة”، و”حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات”، وفق المواد من 37 إلى 40.
وتشير المادة 41 إلى الحق النقابي في الإضراب، باستثناء أفراد الجيش والأمن والجمارك والقضاة، وحرية الاجتماع والتظاهر السلميين المضمونة بحسب المادة 42، وإلزامية التعليم المجاني إلى سن الـ16، والحق في الصحة بحسب المادتين 43 و44 على التوالي.
عذراً التعليقات مغلقة