العلويون في سورية.. اجتماعيا وسياسيا

حسين عبد العزيز7 مايو 2022آخر تحديث :
غلاف كتاب العلويون في سورية

في كتابهم “العلويون في سورية” (تحرير مايكل كير وكريغ لاركين، ترجمة رضوان زيادة وأحمد العبدة، منتدى العلاقات العربية والدولية، الدوحة، 2021)، يقدّم مجموعة من المؤلفين دراسات معمّقة عن المجتمع العلوي في سورية من النواحي التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية. ويضع الكتاب التجربة العلوية المعاصرة في سياقها التاريخي، ويقدّم قراءات لرحلتها من مجتمع ريفي مغمور أواخر العهد العثماني إلى مرحلة الاستقلال السياسي تحت الانتداب الفرنسي، إلى الهجرة والتطور الاجتماعي ـ الاقتصادي في سورية الاستقلال، ومن ثم تولي الريادة السياسية مع حافظ الأسد، إلى مرحلة الثورة.

.. بعد تقديم قراءة سريعة لتشكل الطائفة على المستوى العقيدي، ينتقل أسلم فاروق علي (كاتب فصل “العلويون: السرية والبقاء) إلى تتبع المسار السياسي التاريخي للطائفة العلوية بعجالة، قبل أن يتوقف عند حدود انهيار السلطنة العثمانية وحلول الفرنسيين محلها في حكم بلاد الشام. ويتناول هذه الفترة باعتبارها بداية نقلة تاريخية للطائفة التي ما زالت منقسمة داخليا بين أربع جماعات قبلية (الخياطين، الحدادين، المتاورة، الكلبيين) غير خاضعة لسلطة مركزية، وبين ثلاثة تقسيمات دينية فرعية (الشمسيون، القمريون، المرشديون). وفي هذه المرحلة، سعى العالم العلوي عبد الرحمن الخير إلى إبعاد الطائفة عن ماضيها الغابر وإدخالها في طية الإسلام من البوابة الشيعية، مستلهما صحوة المجتمع العلوي. وثم جاءت النقلة الكبرى للطائفة مع تسلم حافظ الأسد السلطة، ووجدت الطائفة في ذلك فرصة تاريخية للاستحواذ على تفاصيل الحكم والحياة السياسية والاقتصادية.

ويرى الباحث أن الإنجاز الفذ للأسد في ترسيخ حكم الأقلية لم يعتمد على الحكم القمعي فحسب، بل أيضا على قدرة النظام على شرعنة نفسه عبر التخفيف من إبراز هويته. ومع ذلك بقي المجتمع العلوي مشلولا سياسيا لارتباطه بعشيرة الأسد التي استغلت الهوية الدينية لترسيخ حكمها الأوتوقراطي المستبد.

بقي المجتمع العلوي مشلولا سياسيا لارتباطه بعشيرة الأسد التي استغلت الهوية الدينية لترسيخ حكمها الأوتوقراطي المستبد

يقدّم ستيفان وينتر في “العلويون في العهد العثماني” الأدلة التي تدحض السردية العلوية في الاضطهاد التاريخي الذي تلقته الطائفة على يد العثمانيين. وباعتماده على سجلات الأرشيف في إسطنبول وطرابلس، يبيّن، أولا، أن السلطات العثمانية اعترفت بالمجتمع العلوي جماعة ضريبية متميزة، فبحسب سجلات جباية الضرائب العقارية العثمانية (تحرير دفترليري) فُرضت ضريبة الدرهم على الرجال. وثانيا، أن أفراد الطائفة استخدموا نظام المحاكم العثماني القانونية وليس الشرعية، على نطاق واسع، كما بينت سجلات طرابلس وأنطاكية… وفي أدلته على نفي سردية الاضطهاد، يبين الكاتب أن العائلات العلوية النافذة (شمسين، الشلف) تمتعت بدرجة نفوذ واضحة في دوائر القضاء والإدارة المحلية العثمانية خلال القرن الثامن عشر. وتظهر السجلات في الفترة نفسها ظهور عشيرة “بنو علي” التي ترتبط غالبا بالمهالبة، وتعد المنافس الرئيس للكلبيين في المنطقة، إما على شكل جباة ضرائب محليين أو سادة أراض وملاكها.

تحت حكم “البعث”

يتابع فابريس بالانش التحولات الديمغرافية للمجتمع العلوي خلال القرن العشرين، فيركز على الهجرة نحو السهول نتيجة التحول الناتج من زراعة الحبوب إلى الزراعة المختلطة المروية، ثم الهجرة نحو دمشق التي أحيطت بحزام من المنشآت العسكرية وسكن الضباط العلويين والموظفين الحكوميين من أبناء الطائفة. وقد أدت هذه العملية إلى ظهور علويين أفضل تعليما وأكثر غنى ونفوذا سياسيا، كما أدت أيضا إلى انخفاض معدل الولادات داخل الطائفة.

وأدرك حافظ الأسد أن توطيد سيطرته على الدولة يتطلب منه إيجاد كادر من العلويين الموالين الموثوقين في كل مستويات الجهاز الحكومي، ولكي يضمن تدفقا منتظما من العلويين المؤهلين لمستويات الخدمة العامة العليا، وسع التعليم الحكومي المخصص لمجتمعات الأقليات المهمشة والمعزولة تقليديا. ونتيجة هذه السياسات، ارتبط المجتمع العلوي ارتباطا وثيقا بالجهاز الحكومي، إذ أظهر إحصاء عام 2014 أن أكثر من 80% من الموظفين العلويين يعملون في الجيش أو الصناعات التابعة للدولة أو القطاع العام.

مع حافظ الأسد، وجدت الطائفة فرصة تاريخية للاستحواذ على تفاصيل الحكم والحياة السياسية والاقتصادية

وخلال خمسين سنة، خرج العلويون من الطور الثاني لتحولهم الديمغرافي، تمثل الطور الأول في تناقص معدلات الوفيات مع ارتفاع في معدلات الولادة، ثم انهارت معدلات الإنجاب بسبب نجاح سياسات التطوير التفضيلية غير المتكافئة التي أطلقها الأسد الأب. وتُظهر متابعة الخط البياني للنمو السكاني في سورية من 1970 ـ 1981 (الفترة الأكثر فعالية في سياسات الأسد التطويرية) قصة مختلفة تماما عن فترة 1994 ـ 2004 عندما جرى التخلي عن هذه الخطط، بعد أن حقق المجتمع العلوي تحوّله السكاني، فقد كان معدل نمو السكان في المنطقة العلوية خلال السبعينيات موازيا للمعدل الوطني، لكنه انهار خلال التسعينيات، وظهر ذلك بشكل جلي خلال الثورة عام 2011، حيث تضافرت عوامل شيخوخة السكان العلويين، وتدني معدلات ولادتهم، وهجرتهم الجماعية، على استنزاف المصدر الأساس للدعم الديمغرافي والعناصر العسكرية. وقد دفع كثيرين منهم شعورهم بأنهم أقلية من جهة، وفشلهم في الاندماج الثقافي في دمشق وحلب من جهة ثانية، إلى العودة إلى قراهم في أثناء الأزمات، وهذا ما حدث بداية الثمانينيات أثناء أحداث حماة، وما حدث بعيد اندلاع الثورة.

تنوّع العلويين وتضامنهم

علويو المشرق العرب حالة متناقضة، فهم تشكيلة بشرية شديدة التنوع والتشظي من ناحية، لكنهم أظهروا وحدة وتماسكا قويا مع اندلاع الثورة عام 2011. يجادل ليون. تي. غولدسميث بأنه لا يمكن تصنيف العلويين وفق مصطلحات إثنية ـ طائفية ضيقة وأحادية البعد، فأن تكون علويا يعني أشياء مختلفة لأفراد مختلفين من الطائفة، مع مصادر هوية متعدّدة ومتداخلة، بما فيها العربي والإسلامي والشيعي والسوري والتركي واللبناني والمديني والريفي، والمنتمي إلى النخبة أو الطبقة العاملة. ولتجاوز تلك الهويات وتقديم تحليل شامل لهذا المجتمع الديني، يقسم غولدسميث الطائفة إلى فئتين جغرافيتين: علويي الساحل الموجودين على طول الأراضي من شمال لبنان إلى جنوب تركيا، وعلويي الداخل في حمص وحماة ودمشق وحلب وجوارها.

على الرغم من تآكل الهوية القبلية العلوية تدريجيا بفعل التحضر والتعليم والأيديولوجيا، إلا أنها تبقى وثيقة الصلة اليوم، ويظهر ذلك بتحول السلطة العلوية باتجاه الاتحادات العشائرية الحدادية والكلبية بدءا من ستينيات القرن العشرين، وقد أنتج هذان الاتحادان صلاح جديد من عشائر الحدادين، وحافظ الأسد من عشائر الكلبية.

كان لعسكرة الطائفة دور رئيس في عملية التضامن، حيث أنتجت عملية انخراط العلويين في الجيش عصبية علوية معسكرة

ومن عوامل مصادر التضامن العلوي، بقاء التمدن العلوي غير مكتمل نتيجة إدراكهم نقاط اختلافهم مع المجتمع السني، الأمر الذي دفعهم إلى الحفاظ على نمط حياة يراوح في دائرة ريفية ـ حضرية مغلقة. وأيضا، كان لعسكرة الطائفة دورا رئيسا في عملية التضامن، حيث أنتجت عملية انخراط العلويين في الجيش عصبية علوية معسكرة. كما شكل استمرار الإحساس بالتعصب الديني السني إلى تكتل الجماعة معا في حالة انعدام أمن مشتركة، خاصة في أوقات الاضطراب السياسي.

بهذا، يمكن وصف التمدّن العلوي بأنه دائري، حيث احتفظت معظم العائلات بروابط متينة مع قراها. ولا تعد هذه الظاهرة فريدة في أنماط الهجرة الريفية ـ المدينية، إذ توجد أنماط مشابهة بين شيعة لبنان أو الأيبو في نيجيريا، لكن المهم في الحالة العلوية، حسب غولدسميث، أن الدافع الأساس لهذه الازدواجية الريفية ـ المدينية يرجع إلى شعور العلويين الكامن بانعدام الأمان أكثر من كونه دافعا اقتصاديا.

علويو طرابلس

يناقش كل من كريغ لاركن وأوليفيا ميدا الوجود المحاصر والهويات المتنازعة للمجتمع العلوي اللبناني في مدينة طرابلس… تفاقمت التصدّعات الاجتماعية لعلويي جبل محسن نتيجة اعتمادهم لأمد بعيد على سلالة آل الأسد، لكن الباحثيْن يجادلان بأن جبل محسن ليس ساحة حرب بالوكالة أو امتداد للنزاع السوري فحسب، بل أيضا مسرح حرب تاريخية قائمة بذاتها، مشبعة بالمظالم المحلية وتناحرات القوى السياسية والتوترات الداخلية. وفقا لذلك، يؤكّدان على أن النظرة الشاملة والدقيقة للتجربة العلوية في طرابلس يجب أن تحلل جبل محسن بوصفه في آن موقعا ماديا لصراع مديني حضري، وفضاء متخيلا لتضامنات مجتمعية وتنافسات جيوسياسية.

اقتصر التمثيل المجتمعي العلوي في لبنان على وسيط سلطة وصانع قرار سياسي وحيد هو “الحزب الديمقراطي العربي” بقيادة علي عيد الذي تعاظمت علاقته مع آل الأسد. وقدّم رفعت الأسد التدريب العسكري والأسلحة لأبناء الطائفة في طرابلس، ما سهّل تشكيل مليشيا عرفت باسم “فرسان العربي الحمر”.

وهنا لا تسهم سرديات الألم والمعاناة في طرابلس بتأجيج الخطابات الطائفية فحسب، بل تنتج مشاهد طائفية، جيوب مدينية متجانسة محاطة بعتبات متينة. وجبل محسن ضاحية محاطة بأحياء سنية (باب التبانة، القبة، الريفا، المنكوبين)، وليس هناك منطقة عازلة تفصل المتحاربين، على عكس الصراعات المدينية الأخرى. وفي هذا الوضع، تمارس الدولة سياسة الحياد السلبي، وأصبحت الأجهزة الأمنية اللبنانية شديدة الانقسام، وشديدة الخضوع والتبعية دوليا. وتتبدّى هذه الانقسامات بوضوح على مستوى الخطاب المجتمعي والحضور في الشارع: قوى الأمن الداخلي تنتشر في باب التبّانة، فيما يحرس الجيش جبل محسن. وقد أحدث النزاع العنيف في جبل محسن انزياحا مادّيا تمثل باقتصاد الحرب، يوحّد مقاتلي وتجار الحيين المتناحرين. ولم يكن هذا الوضع خاليا من الاستياء والنقد، حيث بدأت تظهر معارضة داخلية ضد المحاباة والفساد.

في المعارضة السورية

يجادل كارستن فيلاند بأن المثقفين العلويين يشكلون جزءا حيويا من المعارضة السورية، رغم إحجامهم عن تبنّي استراتيجية علوية شعبية تتحدّى هيمنة النظام الذي يخشى المعارضين العلويين كثيرا بسبب مصداقية تشكيكهم في سردية السلالة الحاكمة القائمة على افتراض ولاء كل العلويين لآل الأسد، على عكس العلويين، لم يخش نظام الأسد الأب والابن من الحركات الإسلامية.

بعد مجزرة حماة عام 1982، تفرّغ النظام للمعارضة العلوية اليسارية (رابطة العمل الشيوعي)، وتلقت شخصيات عديدة معارضة أحكاما بالسجن أطول بكثير من أحكام الشخصيات الأخرى من خلفياتٍ دينيةٍ أخرى.

وكان من السهل الاستيلاء على العلويين سياسيا ضمن مشروع الأسد الأسروي ـ السلالي، كونه لم يسبق لهم تعريف أنفسهم من حيث الأصل أو الدين، وجعل طمس الحدود بين الأسد والمجتمع العلوي عملية الفصل بينهما شبه مستحيلة. ومع اندلاع الثورة السورية عام 2001، انخرط علويون في التظاهرات بقوة، وانتقلوا من مدينة إلى أخرى للمشاركة في التظاهرات، وفي 25 إبريل/ نيسان 2011، وقّع 102 كاتب سوري من كل الخلفيات بيانا حدادا على شهداء الثورة، من بينهم شخصيات علوية.

جرى اقتتال داخلي في القرداحة بسبب رفض عائلات إرسال أولادها إلى القتال في الخطوط الأمامية

يعرض الكاتب سرديتين داخل المجتمع العلوي بشأن المسؤول عن العنف: تدّعي الأولى أن النظام يحتجز المجتمع العلوي رهينة كجزء من استراتيجيته للبقاء، بعد أن أثار الكراهية الطائفية في البلاد. ويدّعي تفسير ثان شائع أن الإرهابيين الإسلاميين الذين يتحينون الفرصة المواتية للانتقام من المجتمع العلوي لدوره في مجزرة حماة، سعوا إلى الاستيلاء على الدولة. في هذه اللحظة، تراجع عدد من علويي المعارضة عن مواقفهم السابقة وبدأوا يدعمون النظام، وهم في الأغلبية من اليسار، أمثال فاتح جاموس الذي رفض الاعتراف بالمعارضة الخارجية. ومقابل هؤلاء، بقي علويون معارضون للنظام ينشطون سرّا في الداخل، إلى درجة أنهم غير معروفين لرفاقهم العلويين. وهنك شخصيات علوية معارضة معتدلة مثل عارف دليلة، وعبد العزيز الخير الذي اعتقل في سبتمبر/ أيلول 2012، وما يزال مصيره غامضا. وينبغي النظر إلى اعتقاله في سياق أوسع، فبعد نضال مشترك في السنوات البعثية الأولى، اشتركت عائلتا الخير والأسد بتاريخ طويل من المواجهات، يرجع إلى إعدام الشاعر البعثي حسن الخير عام 1979، وإلى سجن زوجة عبد العزيز الخير، منى، وتعذيبها، فترة طويلة. بعد أيام من اعتقاله، اندلعت اشتباكات مسلحة بين عائلته وعائلة الأسد بسبب مطالبة أحد أبناء عائلة الخير برحيل الأسد، ووقفت عائلتا عبود وعثمان إلى جانب عائلة الخير. وجرى اقتتال داخلي في القرداحة بسبب رفض عائلات إرسال أولادها إلى القتال في الخطوط الأمامية. ولكن الانتقاد العلوي للنظام بدأ بالتراجع مع قيام جماعات إسلامية بالاعتداء على محيط منطقة اللاذقية. ورغم ذلك، لعبت شخصيات علوية مهمة أدوارا بارزة في صفوف المعارضة.

القمع ليس شيئا غبيا

يقدم راينود ليندرز مقاربة تقول إن الاستبداد والقمع لم يكونا شيئا غبيا، وتوضح استجابات النظام السوري للانتفاضة أنه كان محتسبا وعقلانيا. وتبقى تكتيكات النظام واستراتيجياته على التكيف المفتاح لفهم كيف ولماذا، بعد وقوعه تحت مطرقة احتجاجات شعبية، ما يزال قائما، وإن كان مهزوزا ومتضررا. وقليلا ما عدلت تحليلات الأزمة السورية الافتراض السائد بشأن لاعقلانية الطاغية وسذاجته وعدم كفاءته.

عندما أطلقت قوات الأمن النار على المنتفضين الأوائل في درعا، تبين أن القمع أشعل مزيدا من الاحتجاجات، وكان أركان النظام مدركين آثار القمع، لكن لجنة حكومية خاصة لدراسة إمكانية اندلاع احتجاجات في سورية خلصت إلى نتيجة مفادها أن السبب الرئيس في تتالي الاحتجاجات في كل من تونس ومصر كان لعدم سحقها في بدايتها.

أدرك النظام أن العنف سوف يحول المواجهة إلى صراع مسلح، حيث تكون فرصه أفضل في الفوز

أدرك النظام أن العنف سوف يحول المواجهة إلى صراع مسلح، حيث تكون فرصه أفضل في الفوز، بسبب مهارته في هذا المجال من جهة، وبسبب أن أعداد المستعدين للقتال من المتظاهرين تكون أقل من جهة أخرى. اعتمد على العنف لقمع الاحتجاجات، ثم واجه الثوار في مناطق مختارة، ثم وسّع نطاق عمليات بعد تأمين بعض المدن إلى أجزاء من الأرياف، لتحقيق هدف مزدوج، يوفر القوات من جهة، ويفتّت التمرّد من جهة أخرى بين أمراء حرب محليين وطائفة واسعة من الجماعات المسلحة.

وسع النظام قدرته على التعلم من التحدّيات الطارئة التي شكلتها الانتفاضة الشعبية على بقائه والتلاؤم معه، من خلال المراقبة الدقيقة للسياسات الإقليمية والدولية. على سبيل المثال، بدأ استخدام المدفعية الثقيلة في حصار حمص في فبراير/ شباط 2012، وعندما لم يظهر رد فعل أميركي ودولي، لجأ إلى قواته الجوية لتخفيف الضغط على جنوده المنهكين. وعندما لم يظهر رد فعل دولي، لجأ إلى صواريخ سكود للمرة الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 2012 ضد أهداف عسكرية ثم أحياء سكنية، ثم البراميل المتفجّرة وقنابل النابالم والقنابل العنقودية، وصولا إلى الأسلحة الكيميائية على نطاق محدود، ولاحقا على نطاق واسع.

على الصعيد الخارجي، اعتمد النظام على إيران وحزب الله في سرديته الطائفية عن الاحتجاجات، وفي جهوده لمساعدة تحويل الانتفاضة إلى تمرّد جهادي، وقد وجدت هذه السردية صدى في روسيا التي لديها تجارب خاصة مع الإسلاميين في شمال القوقاز. وقد أضعف صعود الجماعات الإسلامية الجهادية ـ السلفية شهية الجمهور الغربي للتعاطف مع الثورة السورية، كما أوجد عقباتٍ أمام صناع القرار الغربيين لتسليح الثوار العلمانيين.

المصدر العربي الجديد
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل