تدرس الولايات المتحدة حاليا إمكانية إجلاء أفراد أسر دبلوماسييها المقيمين في أوكرانيا، بعد قيام روسيا بحشد أكثر من 100 ألف جندي على حدودها، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء، نقلا عن مصادر مطلعة على هذا الشأن. وقالت بلومبرغ إنه سيطلب من أفراد أسر الدبلوماسيين ، بموجب الخطة، العودة إلى الوطن مع السماح للموظفين غير الأساسيين بالمغادرة طوعا. ووفقا للمصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها قبل اتخاذ القرار ، إنه سيتم الإعلان عن ذلك في غضون أيام .
ورغم الاتفاق بين الروس والأميركيين على الالتقاء “الأسبوع المقبل” في ختام محادثات “صريحة” الجمعة حول الأزمة بين روسيا والغرب بشأن مسألة أوكرانيا، إلا أن حدة اللهجة كانت حاضرة في بعض التصريحات التي صدرت، ما يجعل الأزمة مهدّدة بالتصعيد في ظل التعزيزات العسكرية الروسية على الحدود مع هذا البلد.
واللقاء الذي عقد الجمعة (21 يناير/كانون الثاني 2022) في جنيف بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمريكي أنتوني بلينكن هو آخر محطّة ضمن مساع دبلوماسية مكثفة بدأت بمحادثتين عبر الإنترنت بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن في كانون الأول/ديسمبر.
ووصف بلينكن المحادثات بأنها “صريحة وجوهرية”، مشيرا إلى قدر من الانفراج بعد أسابيع من التصعيد في التصريحات.
من جانبه، أعلن لافروف بعد محادثات استمرت أقل من ساعتين بقليل، أنه ووزير الخارجية الأميركي “متوافقان على ضرورة إقامة حوار منطقي” كي “يتراجع الانفعال”.
وينفي الكرملين أي نية له لغزو أوكرانيا لكنه يشترط لخفض التصعيد إبرام معاهدات تضمن عدم توسع حلف شمال الأطلسي ولا سيما بانضمام أوكرانيا إليه، وانسحاب القوات التابعة للحلف من أوروبا الشرقية، وهو ما يعتبره الغرب غير مقبول، مهددا بدورهم روسيا بعقوبات كاسحة في حال شن هجوم على أوكرانيا.
وتسعى موسكو لانتزاع تراجع من الحلف الأطلسي الذي تعتبر أنه يطرح خطرا وجوديا عليها، مصرة على الحصول على ضمانات أمنية خطية بعدم مواصلة الحلف توسعه شرقا في ما تعتبره موسكو منطقة نفوذها.
وتعتبر واشنطن أن أي انسحاب من أوروبا غير وارد، غير أن إدارة بايدن تبدي استعدادها لبحث مخاوف الروس بشأن أمنهم.
تصعيد روسي؟
ووافق بلينكن على تقديم “أفكار” خطية الأسبوع المقبل إلى موسكو، من غير أن يوضح إن كانت هذه النقاط ستشكل ردا بندا ببند على المطالب الروسية المفصّلة.
لكنه حذر من أن واشنطن سترد على أي هجوم روسي على أوكرانيا “حتى لو لم يكن عسكريا”، مبددا بذلك الغموض الذي أثاره تصريح لبايدن الأربعاء.
ولخص لافروف الأمر بالقول إنه في ما يتعلق بجوهر المسألة “لا أعرف إن كنّا على الطريق الصحيح”، فيما صرح بلينكن “إننا الآن على الطريق الصحيح لفهم مخاوف ومواقف كل منا”.
واتفق الوزيران على الالتقاء مجددا ولم يستبعد بلينكن عقد قمة بين بايدن وبوتين، وهو ما اعتبره لافروف “سابقا لأوانه”، فيما رحب وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا بمواصلة “السبيل الدبلوماسي للاتصالات مع روسيا”.
غير أن وزارة الخارجية الروسية توعّدت بعد ذلك بـ”أخطر العواقب”، إذا تجاهلت الولايات المتحدة والغربيون “مخاوفها المشروعة” بشأن تعزيز الوجود العسكري الأميركي والأطلسي في أوكرانيا وعلى حدودها.
وأضافت “يمكن تفادي ذلك إذا استجابت واشنطن” لمطالب موسكو الأمنية وطلب بلينكن من روسيا أن تثبت أنها لا تنوي اجتياح أوكرانيا، مشددا على أن “وسيلة جيدة لذلك ستكون سحب قواتها عن الحدود الأوكرانية”.
وفي مؤشر إلى تعقيدات الوضع، اختارت الدبلوماسية الروسية يوم المفاوضات الجمعة لتشدد على وجوب سحب القوات الأجنبية التابعة للحلف الأطلسي من كل الدول التي انضمت إلى الحلف بعد العام 1997، مشيرة بالتحديد الى بلغاريا ورومانيا، حتى لو أن هذه القائمة تضم 14 دولة من الكتلة السوفياتية سابقا.
وردت وزارة الخارجية الرومانية مؤكدة أن “مثل هذا الطلب غير مقبول ولا يمكن أن يكون جزءا من مواضيع التفاوض”، وهو ما يتفق مع مواقف جميع الدول أعضاء الحلف.
فيما عبّر الرئيس البلغاري، رومين راديف، عن استيائه من الطلب الروسي، وقال في بيان إن “الطلب الروسي بسحب قوات الناتو غير مقبول ولا يستند للواقع”. وذكر راديف أنه على الرغم من عدم وجود قوات دائمة أو أسلحة للناتو في بلغاريا، فإن قرار ما إذا كان يجب أن تتمركز بالبلاد هو أمر سيادي يتم اتخاذه من جانب صوفيا بالتشاور مع حلفائها في الناتو، وليس من قبل موسكو. وكتب يقول في بيانه إن “بلادنا لا تتلقى إنذارات من أي أحد”.
كذلك أعلنت المتحدثة باسم الحلف الأطلسي أوانا لونجيسكو أن “مطالب روسيا ستولّد أعضاء في الحلف الأطلسي من الدرجة الأولى والدرجة الثانية، وهو ما لا يمكننا قبوله”، مشيرة إلى أن الحلف “يواصل تقييم ضرورة تعزيز السفح الشرقي لتحالفنا”.
واتهمت كييف الجمعة موسكو بمواصلة “تعزيز القدرات القتالية” للانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، ولا سيما بإمدادهم بدبابات ومنظومات مدفعية وذخائر.
وتُتهم روسيا بدعم هؤلاء الانفصاليين والتحريض على النزاع الذي أوقع أكثر من 13 ألف قتيل منذ 2014، السنة التي ضمت فيها شبه جزيرة القرم ردا على ثورة موالية للغرب في كييف. وتنفي موسكو هذه الاتهامات.
وعلى صعيد آخر، أعلن رئيس مجلس النواب الروسي فياتشيسلاف فولودين أن الكتل النيابية ستدرس الأسبوع المقبل نصا يطلب من بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا.
Sorry Comments are closed