اتفاقات ابراهام تحط في دمشق … فأهلا وسهلاً بها

حازم الأمين12 نوفمبر 2021آخر تحديث :
اتفاقات ابراهام تحط في دمشق … فأهلا وسهلاً بها

العقل المدبر لاتفاقات ابراهام وصديق تل أبيب، زار دمشق عشية تنفيذ أصدقائه غارات صاروخية على سوريا، وربما التقت الطائرة المغيرة بالطائرة الزائرة في أجواء حمص ولوح قبطاناهما لبعضهما بعضاً بأيديهما.

من المسلي، وإن كان من غير المفيد، رصد مزاجي الممانعة وممانعي الممانعة، في ضوء زيارة وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبدالله بن زايد العاصمة السورية، وافتتاحه “زمناً عربياً جديداً فيها”، ذاك أن هراء الخطابين المتواجهين على مدى السنوات العشر الأخيرة، ارتسم على نحو يفترض أن يحول الزيارة إلى ملهاة، على رغم كل ما سال من دماء ومآسٍ وشقاق!

إنه محمد بن زايد، مهندس اتفاقات ابراهام، الرجل الذي ورد اسمه في بياناتكم، يا رجال المقاومة ويا أقلامها ووجوهها وملاليها، بوصفه شيطان الارتهان والتنازلات، وقد حط في عاصمتكم، فأين ستذهبون بوجوهكم؟ 

لا بأس فقد سبق لوجوهكم أن بذلت مياهها على وقع “الهندسة الروسية الدقيقة” للغارات الإسرائيلية المهينة على مواقعكم المتقدمة في دمشق. الغارات التي تمارسون حيالها صمتاً تخرقونه بدعواتكم للحفاظ على “الكرامة الوطنية” في وجه طالبي الاعتذار من السعودية بعد تصريحات جورج قرداحي!

لكنه أيضاً بشار الأسد أيها الداعون إلى مواجهة النفوذ الإيراني في الإقليم! بشار الأسد الذي تتولون شيطنة حسن نصرالله لأنه يقاتل دفاعاً عن نظامه في سوريا. فقد بُذلت لكم الشاشات والمواقع والصحف لخوض حرب شعواء على أهل “المحور” وعلى طائفته وسلاحه، وإذ بمرشدكم وقد حط برحاله في قصر المهاجرين، وحل ضيفاً عزيزاً على من ثقبتم رؤوسنا في الأوصاف الشنيعة التي أطلقتموها عليه! ونحن للسذاجة، ولكن أيضاً لضعف في الحساسية، صدقنا أنكم معنا في مشاعرنا حيال ديكتاتور دمشق، فكان أن انهزمت ثورتنا على وقع السذاجة، لكن الأهم أنها هُزمت أيضاً على وقع ضعف الحساسية حيال ديكتاتورنا، وتكثفها حيال ديكتاتورهم.

قد يبدو هذا الكلام محاولة سجال مع الخطابين، وهذا لن يكون مفيداً في ضوء ما أصابهما من زيارات وغارات وخطوات بهلوانية، وما كشفاه من رياء. لكن قد تكون الزيارة مناسبة لإعادة حقيقة الصراع إلى جادته الفعلية. الهزيمة ألحقت بنا، ولا داعي لمزيد من جلد النفس، وما بقي من مشهد النزاع هو مضمونه المذهبي. وعلى طرفي هذا المشهد تقبع مخيمات اللاجئين والمدن المدمرة والمقابر التي تضم رفات مئات آلاف الضحايا، فيما الناجون يقيمون الآن في “دياسبورا الثورة” بعيداً من أعين الديكتاتور وضيفه.

لقد زالت الأقنعة تماماً. فلسطين تخففت من أعباء الخطاب الذي وضعها عنواناً لمجازره، وها هو عبدالله بن زايد، الذي أهدى بنيامين نتانياهو القدس، في دمشق، ليس بعيداً من معسكرات الحرس الثوري الإيراني. الرسالة مزدوجة وتفشت على طرفي الانقسام الزائف بين رافضي “أنظمة الارتهان” ومستهولي جرائم ديكتاتور الممانعة. وبقي المضمون الفعلي للحرب الأهلية والمذهبية التي تعيشها دولنا ومجتمعاتنا. الحرب بين السنة والشيعة، وبين الأكراد والعرب، وبين مصالح النظام في إيران ومصالح أنظمة دول الخليج. ولفهم الزيارة بعيداً مما تستدرجه من نقاش عقيم، من المفيد وضعها في هذا السياق. إيران تقاتل في سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن من أجل ذلك، وعبد الله بن زايد يتحرك على وقع هذه المعادلة.

لكن يمكننا أن نفتح هامشاً فكاهياً في ظل هذا المشهد القاتم، إذ يراود كثيرين وهم بضرورة انتزاع بشار الأسد من الحضن الإيراني، وهو ما يفسر خطوات حكومات وأنظمة عربية تجاهه، وهو وهم صادر عن سذاجة مدهشة لجهة جهل أصحابها بالوقائع السورية الثقيلة. أما الهزال على الجهة الأخرى من الطرفة، فيبقى أن العقل المدبر لاتفاقات ابراهام وصديق تل أبيب، زار دمشق عشية تنفيذ أصدقائه غارات صاروخية على سوريا، وربما التقت الطائرة المغيرة بالطائرة الزائرة في أجواء حمص ولوح قبطاناهما لبعضهما بعضاً بأيديهما.        

المصدر موقع درج
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل