حرية برس – تركيا:
التقت مجموعة من نشطاء مدنيين وإعلاميين سوريين، مع زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو، في مدينة إسطنبول اليوم الجمعة، وذلك في خطوة لتحييد السوريين عن الصراعات السياسية التركية.
وحسبما نقل الحاضرون ومنهم منسق اللقاء، الصحفي طه غازي، في اللقاء عن “كليجدار أوغلو”، أنَّه نفى وصول دعوة من بشار الأسد لزيارة دمشق، مؤكداً أنَّها “معلومات غير صحيحة” قالها صحفي تركي، مؤكداً أنَّه “لن يرمي باللاجئ السوري إلى الموت مرة ثانية”.
وأضاف: “كليجدار أوغلو” بأنَّه أوضح سياسة الحزب بالمسألة السورية لمرات عديدة خلال تصريحاته الإعلامية وتتلخص “بتحقيق الأمن والسلام في سوريا أولاً والديمقراطية والحريات ثانياً، وبعدها يتم إعادة بناء ما دمرته الحرب من بنى تحتية بتمويل أوروبي، ومن ثم إيجاد مشاريع وفرص عمل تجذب اللاجئ السوري ليعود طواعية من تلقاء نفسه”.
وأردف: أنَّه “قال للأوروبيين خلال اجتماعاته معهم: حين كان في سوريا قتل جماعي لم تتحدثوا، لكن حين أتو إليكم (يقصد اللاجئين السوريين) بدأتم بالصراخ!” متسائلاً: “لماذا يبقى السوري في بلد لا ديمقراطي مثل سوريا؟”.
وأقر “كليجدار أوغلو” بأنَّ في سوريا انتهاك كبير لحقوق الإنسان، وأنَّ المسألة السورية كبيرة جداً، رافضاً إعادة السوريين إلى سوريا عنوة كي لا يقتلوا مرة أخرى، لافتاً إلى تأخر هذا اللقاء حيث كان من المفترض أن يعقد قبل عامين.
وتحدث عن حوادث عنصرية تستهدف منازل ومحلات السوريين في بعض الولايات مثل أنقرة، وعزا السبب إلى كثرة عدد السوريين الذي تجاوز عدد الأتراك مثل مدينة كلس، وحدد نقطة أساسية لمثل تلك الحوادث، وهي تجمع السوريين مثل منطقة إيجة بإسطنبول وهي مكان احتكاك مع الأتراك.
وأشار زعيم المعارضة التركية، إلى تأهب لنظام الأسد وروسيا يشي بهجوم محتمل على منطقة إدلب، ما يؤدي إلى موجة لجوء جديدة إلى تركيا بما لا يقل عن مليون و500 ألف شخص، وبالتالي الوضع يتطلب حلاً، وعند سؤاله عن الحل، أجاب بأنَّه لا يعلم كيف.
كما نوّه إلى أنَّ معظم التصريحات عن اللاجئين السوريين يتداولها الإعلام بشكل منقوص أو خاطئ، ومنها تصريحه عن عودة السوريين خلال سنتين، وكان القسم الثاني من التصريح الذي لم يذكره الإعلام هو “بعد تهيئة الظروف المناسبة”.
بدوره عضو المكتب السياسي في حزب اليسار الديمقراطي السوري وأحد المنظمين للقاء، زكي الدروبي” قال لـ”حرية برس”: إنَّ “اللقاء جاء ضمن متابعاتهم للمعارضة التركية لخفض الاستقطاب في الشارع التركي وخفض حدة خطاب الكراهية الموجه ضد اللاجئين السوريين”.
وأضاف أنَّ الحزب قال في كلمته خلال اللقاء: إنَّ “نقطة واحدة من النقاط التي دفعتنا للعمل على التواصل مع أحزاب المعارضة التركية والتي يقودها اليوم حزبكم العريق، إنها تلك التي تعبر عن رغبتنا نحن السوريون في سحب ملف اللاجئين من التسيس، أي من التجاذب السياسي بين تحالف الموالاة وتحالف المعارضة التركية”.
وأوضح الحزب في كلمته أنَّ هذا التجاذب تسبب في زيادة الاستقطاب حوله للدرجة التي أصبحت مقاربته في أي حوار تتسبب بعنف متفجر في شوارع أنقرة وإسطنبول، وهو مع الأسف عنف مؤسس على تمييز عنصري.
ودعا الحزب الأتراك إلى التعاون على سحب هذا الفتيل المتفجر، بهاجس صيانة السلم الأهلي للمجتمع التركي المضيف، والتخفيف من عدد الإصابات في صفوف اللاجئين وتقليص الخسائر التي تتعرض لها مساكنهم ومراكز عملهم، فالعنف معدٍ وهو أكثر خطراً على السلم الأهلي من كورونا على الصحة العامة.
وأكد حزب اليسار أنَّه يطمح إلى رؤية توافق وطني تركي تجاه ملف اللاجئين فنجاح معالجة هذا الملف يعتمد على توافق التيارات السياسية تجاه الحلول المقترحة، من هنا كان حرصه على ضرورة التشاور مع المعارضة التركية.
ويتطلع الحزب إلى تعاون مثمر مع المؤسسات الإعلامية التي تتبع الحزب التركي المعارض، للوقوف بوجه الموجات الشعبوية التي تجتاح السوشيل ميديا، قائلاً: “نحن على ثقة أننا سننجح في مهمتنا اعتماداً على خبرتكم في تكريس العلمنة لمواجهة الشعبويات المرتكزة على التمييز الطائفي والاثني على السواء”.
وتابع: إنَّ “السوريين بالعموم ومن نمثلهم من التيارات العلمانية بجناحيها اليساري والليبرالي راغبين حقاً في إيصال رسالة تؤكد على الأهمية التي نوليها للتعاون مع أعرق تيار علماني في الشرق الأوسط لمواجهة التطرف الشعبوي والطائفي الذي تتبناه حكومة بشار الأسد ضد السوريين الذين خرجوا يطالبون بالحرية والحقوق المدنية، للوصول إلى نظام ديمقراطي عوضاً عن النظام المافيوي الذي بدد الموارد الوطنية والسلم الأهلي على السواء”.
وأردف: “لقد جوبهت مطالب شعبنا بأقصى أنواع العنف وإرهاب الدولة مما اضطرهم لأن يصبحوا لاجئين في دول الجوار، الأمر الذي دفع قرابة أربعة ملايين لاجئ إلى تركيا”.
وأشار إلى أنَّ أنجع الحلول هي تلك التي تعالج جذور الازمات وأزمة اللاجئين انبثقت من رفض نظام الأسد الابن لأي إصلاح في نظام الاستبداد الذي ورثه عن أبيه، ولذلك دعت الأمم المتحدة إلى حل سياسي وفق القرار الأممي 2245 الذي ينص على ضرورة التزام جميع الأطراف بمرحلة حكم انتقالي يستبعد منها مرتكبي جرائم الحرب و الجرائم بحق الإنسانية.
ويأمل السوريون التعاون مع الأتراك في الضغط على نظام دمشق كي يلتزم بقرار مجلس الأمن، والانتقال إلى عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة تضمن عودة اللاجئين، بعيداً عن التفاهمات الإقليمية القلقة، وغير القادرة على تقديم حلول تخدم الاستقرار والتي أنتجتها قمم أستانا، فقادت المنطقة من فشل إلى فشل أكبر، وهي اليوم تشكل استنزافاً للجميع لرعاتها كما للشعب السوري على السواء.
وحضر اللقاء الذي استمر لنحو ساعة و40 دقيقة، غمزة أكوش إيلغيزدي، مساعدة “كليجدار أوغلو”، وعضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري عن ولاية إسطنبول، و16 سورياً بينهم ممثلين عن حزب اليسار الديمقراطي السوري (زكي الدروبي وصفوان موشلي) وحزب أحرار الليبرالي (بسام القوتلي)، والمجلس القفقاسي الشركسي (هيثم بدرخان ونورس العرفي)، وتجمع سنا لدعم المرأة السورية (شيماء البوطي) بالإضافة إلى نشطاء مستقلين بينهم أكراد.
ويتجاوز عدد السوريين المقيمين في تركيا، سواء “لاجئين” أو “سياح” أكثر من أربعة ملايين شخص، ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية إسطنبول، لتتبعها ولاية شانلي أورفة الحدودية، وولايتي غازي عنتاب وهاتاي، وتستمر حملات العنصرية ضدهم، حيث يروّج بعض الأتراك لأكاذيب وشائعات في سبيل طرد السوريين من البلاد.
عذراً التعليقات مغلقة