يبدو أن التصريحات المتلاحقة من المسؤولين الأمريكيين فيما يتعلق بسوريا، هي من تعطي الضوء الأخضر لنظام الأسد والقوى والميليشيات الطائفية المتحالفة معه لمزيد من الإجرام في القتل والتدمير والتنكيل بالشعب السوري.
حيث لا ينقضي شهر واحد منذ عام 2011 إلا ويطالعنا مسؤولون في الإدارات الأمريكية المتعاقبة بتصريحات حيال الملف السوري والتي مفادها بأن أمريكا لا تهدف من وجود قواتها في سوريا لتغيير النظام، وإنما وجودها هو فقط هو لقتال داعش وحماية حلفائها هناك قسد و بي كا كا.
ويضيفون في تصريحاتهم بأن العقوبات المفروضة على ذلك النظام إنما تهدف إلى تغير سلوكه فقط وإرغامه على الانخراط في العملية السياسية التي ما يزال الأمريكان ومن خلفهم الأوروبيون يعزفون عليها منذ 10 أعوام، والتي مفادها بأنه لا حل في سوريا إلا الحل السياسي.
ويعربون عن حزنهم حيال الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها نظام الأسد وحلفائه بحق الشعب السوري، متوعدين بمحاسبة المتورطين بتلك الجرائم والانتهاكات، مشيرين أيضاً إلى أن أمريكا الآن ليس من أولوياتها إعادة هندسة المنطقة على الصعيد السياسي أو العسكري.
الأمر الذي يعزز الدور الروسي على الساحة السورية والذي يؤكد أنه صاحب الانتداب وصاحب القرار الفصل بسياسة النظام الداخلية والخارجية، بحيث أن الدور الذي أعطاه أوباما إلى روسيا في عام 2013 بعد تجاهله الخطوط الحمراء حول الكيماوي مستمر حتى الآن بشكل أو بآخر.
وحيث أن أحدث تصريح لمسؤول سياسي كبير في الخارجية الأمريكية (جون هود) والذي قال بتاريخ 9/8/2021: إن بلاده لا تهدف لتغيير النظام في سوريا وإنما تهدف فقط إلى تغيير سلوك حكومة الأسد عبر عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة وتؤدي لحماية الشعب السوري، وذكر أيضاً بأن قوات بلاده ستعمل مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مواجهة تنظيم داعش، وأن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق في سوريا إلا من خلال عملية سياسية تمثل إرادة جميع السوريين في سوريا.
ومن خلال التماهي الأمريكي والدولي مع نظام الأسد المجرم والدعم الروسي الغير محدود عسكرياً وسياسياً، فإن هذا النظام كما يبدو استطاع ولو بشكل جزئي في الأيام القليلة الماضية من الخروج من عزلته، وبدأ بفتح حدوده مع الدول المجاورة والتي كان آخرها المملكة الأردنية كما استطاع أن يحضر مسؤولوه بعض الاجتماعات الدولية في العاصمة الأردنية من أجل ملفات الغاز والكهرباء والتي ستكون البداية لخرق قانون قيصر وبموافقة أمريكية لتجنيب الجارة الجنوبية تداعيات ذلك القانون.
ومن المؤكد أن نظام الأسد في وقت سابق استطاع الالتفاف على العقوبات المفروضة عليه من خلال شركاء له في الخارج قد سهلوا له الكثير من عمليات التحويل، وأزالوا له بعض من العقبات من خلال سياسة الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليه.
ولا يخفى علينا تجارة الكبتاكون والحشيش والتي أصبحت سوريا هي المصدر الأول والرئيسي لها في العالم، والتي يرعاها ويديرها رجال من ضمن الدائرة الضيقة في نظام الأسد وحزب الله اللبناني المجرم.
وبالتالي، فإن كل تلك العقوبات المفروضة على هذا النظام من عام 2011 وحتى اليوم، لم تثنيه عن إجرامه ولم ترغمه على تغيير السلوك الإجرامي، بل لم تجعله يقدم حتى الآن أي تنازل عبر العملية السياسية أو في الملفات الإنسانية العالقة والتي من أهمها ملف المعتقلين والمختفين قسراً.
فيما استطاعت تلك العقوبات أن تطال فقط الشعب السوري والذي أصبح غالبيته يرزح تحت خط الفقر ويحلم بالبحث عن الوطن البديل لانعدام أبسط مستلزمات الحياة اليومية في سوريا من ماء وكهرباء وغذاء ووقود.
وفي بيان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بتاريخ 21 آب 2021 والذي يتوافق مع الذكرى الثامنة لاستخدام نظام الأسد المجرم السلاح الكيماوي والذي تسبب بمقتل أكثر من 1400 سوري في منطقة الغوطة في دمشق، فإن البيان واصل دعوة نظام الأسد إلى الإعلان عن برنامج الأسلحة الكيماوية ولم ينسَ البيان إدانة استخدام الأسلحة الكيماوية بأشد العبارات، وأكد أنه ينبغي مساءلة نظام الأسد علناً عن تلك الجريمة ودعم كل الجهود المبذولة لضمان المسائلة عن الفظائع الأخرى التي ارتكبها النظام ضد الشعب السوري والتي يرقى العديد منها الى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كما أكد البيان وبذات الوقت على دعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي يتماشى مع القرار الدولي 2254.
في الوقت الذي لم تغب آلة القتل الأسدية والروسية والإيرانية عن مسلسل القتل والتدمير للشعب السوري حتى هذه اللحظة. وما يزيد المشهد السوري تعقيداً لعدم الوصول إلى حل عادل وشامل هو الدعم الروسي والإيراني الغير محدود لهذا النظام المجرم والذي توج بلقاء بوتين مع رأس النظام السوري منذ بضعة أيام في موسكو.
وحيث أن الرئيس بوتين من خلال ما تم تسريبه للإعلام فإنه يخطط لنسف كل العملية السياسية برمتها، والانقلاب على كل الاتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة، عندما قام بتهنئة المجرم الأسد بنتائج ما يسمى الانتخابات، ثم صرح بأن الوجود التركي في سوريا هو أمر غير شرعي، متجاهلاً بذلك الجهود التركية التي كان لها الدور الأساسي بالحفاظ على خمسة ملايين مواطن سوري في منطقة إدلب واستضافتها لأكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون على أراضيها.
إن تصريحات الرئيس الروسي وفي ظل البرود الأمريكي حول الملف السوري، فإنها وكما يبدو تهدف إلى تكريس حكم هذا النظام المجرم لسنوات طويلة، فهل سيبقى هذا النظام جاثماً على صدور السوريين(سبعاً عجافاً)، أم أن للشعب السوري وللدول الشقيقة والصديقة كلام آخر؟.
عذراً التعليقات مغلقة