أكدت صحيفة “العرب” اللندنية في تقرير لها على أن سقوط درعا يرتب عبئاً أمنياً وعسكرياً على المملكة الأردنية، مشددة على أن تواصل المواجهات يثير قلق الأردن المحاذي لجزء ليس بالقليل من المحافظة المضطربة، فيما يحذر خبراء من أن سيطرة قوات النظام على درعا يعني أن الحرس الثوري الإيراني أصبح على حدود المملكة.
وقال التقرير: إن الأردن ينظر إلى تصاعد وتيرة المواجهات بين نظام الأسد ومعارضيه في محافظة درعا بالكثير من القلق والاستنفار، لاسيما وأن سيطرة قوات النظام على المحافظة تسهّل تموضع الميليشيات الإيرانية قرب حدوده الشمالية.
وأضاف: أن باحثين وأكاديميين أردنيين دعوا عمّان إلى النظر “بعين الخشية والاهتمام” نحو وجود ميليشيات إيرانية على الحدود الأردنية مع سوريا، حتى لا تشكل مصدر إزعاج أمني أو تأثيراً في العلاقات الأردنية – السورية.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في الجامعة الأردنية “محمد مصالحة”: إن اتفاق التسوية في درعا المحاذية للأردن عام 2018، “بمباركة روسية، كان يهدف إلى تفادي تهديد الوجود الإيراني على الأمن القومي الأردني”.
وحذّر الأكاديمي الأردني من أنه “بعد مرور ثلاثة أعوام على اتفاق التسوية بين المعارضة والنظام في محافظة درعا، وبوساطة روسية، عاد الوضع فيها إلى المربع الأول”.
وفي الرابع والعشرين من حزيران/يونيو الماضي فرضت قوات النظام والميليشيات التابعة لها حصاراً على منطقة درعا البلد بمحافظة درعا، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفاً لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
وفي السادس والعشرين من يوليو الماضي توصلت لجنة المصالحة بدرعا البلد وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بأيدي قوات المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.
وزاد حديث أهالي درعا عن وجود قوات إيرانية داعمة للنظام من حالة القلق لدى عمّان، لاسيما وأن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد أعلن مؤخرا في مقابلة أجرتها معه شبكة “سي.أن.أن” الأميركية عن تعرض بلاده للهجوم من طائرات مسيّرة إيرانية الصنع، وتم التعامل معها.
والأردن من بين أكثر دول العالم تأثراً بما تشهده جارته الشمالية، فبعد أن كان على أهبة الاستعداد لإعادة تشغيل كلي لمعبره الحدودي جابر – نصيب الرابط مع سوريا على أمل تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية، قرر في الحادي والثلاثين من يوليو الماضي إغلاقه بالكامل، مرجعاً ذلك إلى “تطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري”، وفقا للصحيفة.
وأوضحت أن الأردن دعا مراراً إلى حل سياسي للأزمة السورية، وهو ما عبر عنه مسؤولوه وساسته في الكثير من المناسبات، لكنه في الوقت ذاته يسعى جاهدا لتجنب أي تداعيات أخرى قد تطوله نتيجة التطورات الأخيرة في محافظة درعا.
ولفتت إلى أن الأردن يخشى أن تؤثر الصدامات المتصاعدة في درعا على أمنه الحدودي من عدة زوايا، أهمها على الإطلاق حصول اضطراب أمني يمكن أن يؤدي إلى المزيد من النزوح واللجوء، وتلك ورقة تشكل ضغطا كبيرا اليوم على الاقتصاد والبنية التحتية في الأردن.
وأشارت إلى أنه سبق لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن حذر من أن الاضطرابات الأمنية في درعا، قد تؤدي إلى وجود تفاضل عددي لمجموعات مسلحة معادية للشعبين الأردني والسوري.
وأكدت أن الأردن لا يريد أن يرى ميليشيات تابعة لإيران أو لبنان أو العراق أو لأي بلد آخر بالقرب من جواره، ولا يريد الاتجاه نحو المزيد من الجاهزية العسكرية والاستنفار للتعامل مع وجود مسلحين على بعد لا يقل عن 50 كيلومتراً عبر الفاصل الحدودي بين البلدين.
ويشكل وجود ميليشيات إيرانية على الحدود الأردنية أيضا خطرا، خاصة في حال وقع اشتباك مسلح مع “إسرائيل”، حيث ستتساقط على الأراضي الأردنية الصواريخ والقذائف، والتي ربما تمس سلامة الأردنيين على أراضيهم.
ويقول مدير مركز “شرفات” لدراسات الإرهاب سعود الشرفات، إن “سيطرة الجيش السوري المدعوم من إيران على درعا يعني أن الحرس الثوري الإيراني أصبح على الحدود الشمالية للأردن، وأقرب إلى داخل إسرائيل وحدودها”.
وأضاف الشرفات أن ما سبق “يزيد من احتمالية حدوث سيناريوهات استهداف المصالح الأردنية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، باستخدام الحدود الأردنية لضرب إسرائيل أو التحرش بها من قبل إيران، خاصة عن طريق الطائرات دون طيار التي أصبح الحرس الثوري خبيرا في استخدامها ضد الأهداف الرخوة”.
ورغم وجود اتفاق أردني مع الجانب السوري على إبعاد الميليشيات الإيرانية عن الحدود الأردنية مسافة 50 كلم، إلا أن المعلومات تؤكد وجود هذه الميليشيات، ولكن بملابس عسكرية سورية.
عذراً التعليقات مغلقة