لم تعلم بنت جواد فروغي الصغيرة، عندما خيَّرها مذيع أحد الشاشات الإيرانية بعد حصول أبيها على الميدالية الذهبية للرماية في الألعاب الأولمبية التي تجري في طوكيو الآن، عما إذا كانت تفضل إطلاق لقب (بطل الرماية) أم (بطل التمريض) على أبيها، مختارة الثانية، أن والدها قد صقل مهاراته في الرماية على أجساد الأطفال السوريين خلال مهمة (الممرض الحربي) التي قضاها لسنتين تحت لواء الحرس الثوري الإيراني من عام 2013 حتى عام 2015، كما ادعى الممرض الحربي على العديد من المواقع الرسمية الإيرانية.
وعلى الرغم من أن جواد فروغي أصر دائماً في مقابلاته التي أجراها مع المواقع الإيرانية على إخفاء قناصته الحربية وراء مريول الممرض الإنساني متباهياً بما سماه “عقيدته الإسلامية” التي أجبرته على طبابة الجرحى (الدواعش) في سوريا، لكن التفاصيل المتناقضة التي ذكرها وتحركاته المريبة فضحت العضو المنتمي لفرقة (أمير المؤمنين) التابعة للحرس الثوري الإيراني في محافظة إيلام الإيرانية.
وبصرف النظر عن التحية العسكرية الذي أداها حاسرَ الرأس بعد إعلان فوزه بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية في طوكيو، والتي لا تنم إلا عن تصرف عنصر تابع لميليشيات غير منظمة وقليلة التهذيب العسكري، لم تنحصر أعمال جواد فروغي في سوريا على القيام بالمهام “التمريضية”.
وهذا ما ظهر على لسان أحد الضيوف المشاركين في مقابلة قديمة مع جواد فروغي على شبكة سلامات التابعة للتلفزيون الإيراني، والذي تحدث عن أنه كان لديهم العديد الأعمال المشتركة مع جواد فروغي في سوريا، ليضيف مبتسماً بلهجة لا تخلو من الافتخار بأعمال الممرض القناص، أن فروغي كان يعمل “بشكل مستقل” في أكثر الأوقات.
وفي الحقيقة، لا نعلم ماذا يمكن لممرض عادي يبلغ من العمر 42 عاماً، ويتبع لمرتبات مستشفى بقية الله التابع للحرس الثوري الإيراني، أن يعمل “بشكل مستقل” في سوريا خارج المشافي الميدانية المخصصة لمعالجة جرحى فيلق القدس الإيراني في سوريا.
ثم إن تصريحات جواد فروغي في المقابلة أعلاه حول المواقع التي عمل بها (حران قرب دمشق، خان طومان قرب حلب، جورين في ريف حماة) في سوريا، تتناقض تماماً مع ادعاءاته الزائفة بمداواة عناصر تنظيم “الدولة” المصابين في تلك المناطق، لأن التنظيم لم يصل أبداً إلى تلك المناطق خلال الفترة الزمنية الممتدة ما بين (من عام 2013 حتى 2015) على الأقل، إلا إذا كان الممرض القناص يعتبر أن كل الشعب السوري الثائر ضد نظام أسد عبارة عن (دواعش) يجب محاربتهم، ومن ثم يخرج ليدعي مداواتهم بكل طيب خاطر بناءً على ما تمليه عليه “معتقداته الإسلامية”.
ورغم أن جواد فروغي قد أثنى في المقابلة أعلاه على ابنته الصغيرة لاختيارها لقب (بطل التمريض) له، إلا أن الوقائع التي تنشرها منصات المواقع والناشطين الإيرانيين، تشير إلى أن مهاراته في القنص أكبر مما يمتلكه من خبرات في التمريض ومداواة الجرحى، أو أنه يرغب بشدة من إظهار نفسه كجندي مطيع للمرشد الإيراني يرتدي جعبة قناص على جبهات العمق الاستراتيجي الإيراني لا كممرض يرتدي مريول التمريض الإنساني ناصع البياض.
وهذا ما أكده أيضاً الممرض القناص نفسه، عندما أكد للمواقع الإيرانية أنه كان يشغل “لأسباب طبية” مناصب عسكرية لمدة 3-4 ساعات مع زملائه، إلى جانب قيامه بمهمة “الممرض الحربي” المزعومة في سوريا..
ثم إن جواد فروغي لم يخفِ إعجابه بشخصية العميد حسين همداني الذي قتل في معارك مدينة حلب السورية عام 2015، مستشهداً بإحدى عباراته ليقوم بعدها الممرض القناص بتشبيه فوزه بالميدالية الذهبية في طوكيو بانتصار الجندي على خطوط الجبهة الأولى في سوريا، عندما قال: “عندما كنت في خدمة الشهيد همداني في سوريا، كان الشهيد همداني يقول إن الجندي على الخطوط الأمامية يحتاج إلى تسعة أشخاص على الأقل لتقديم أعمال الدعم واللوجستيات له، لكنني أريد أن أقول إنه بحسب هذا الشهيد العظيم، يتعين على العديد من الأشخاص العمل من أجل فوز شخص واحد بميدالية”.
وفي نهاية المطاف، أكد جواد فروغي عشقه للقناصة أكثر من حبه لمشرط الطبيب عندما أهدى الممرض القناص فوزه بالميدالية الذهبية للرماية للمرشد الإيراني الأعلى معتبراً نفسه “أحد جنوده”، وأكد ذلك أيضاً تهنئته بالفوز من قبل أكثر الشخصيات المتشددة وضباط الحرس الثوري الإيراني من حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري الإيراني إلى الرئيس الإيراني الجديد ابراهيم رئيسي إلى قاليباف رئيس البرلمان الإيراني، ورئيس منظمة “الباسيج” غلام رضا سليماني.
في الحقيقة إن فوز الممرض القناص بالميدالية الذهبية للرماية لم يثر فقط الكثير من الشكوك عند السوريين الذين قتلتهم وشردتهم الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني التي عمل معها في سوريا، بل إن صعوده عالمياً في مجال الرماية والقنص وولاءه وانتماءه الواضح لميليشيات الباسيج والحرس الثوري الإيراني أعادت الذاكرة المؤلمة إلى الإيرانيين الناقمين الذين سقطوا بالآلاف في انتفاضة البنزين في عام 2019، وفي الانتفاضة الحالية في خوزستان برصاص القناصة التي استهدفتهم في أماكن قاتلة.
وهذا ما أكده سام رجبي العضو السابق في المنتخب الإيراني للجودو، الذي أشار إلى احتمالية إرسال الممرض القناص جواد فروغي للعمل كقناص ضد انتفاضة العطشى في خوزستان.
Sorry Comments are closed