خاص حرية برس- عائشة صبري:
وجّهت السيّدة “أم وليد” والدة الشهيد عبد الباسط الساروت، نداءً إلى قادة المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، تطالبهم فيه بالتحرك ضد نظام الأسد، وتساءلت عن سبب الجمود في الجبهات السورية.
النداء وجهته “أم وليد” (75 عاماً) خلال اتصال أجرته “حرية برس” معها للاطمئنان عنها وعن عائلتها بمناسبة مرور الذكرى الثانية لاستشهاد فلذة كبدها وأحد أبرز رموز الثورة السورية “عبد الباسط الساروت”.
وتعيش أم وليد في مدينة طرابزون التركية مع زوجة ابنها الشهيد “وليد” ولديها منه ولدين أعمارهما (17 و18 عاماً)، وزوجة ابنها “حسين” الذي لم يبقَ لديها غيره بعد استشهاد جميع أبنائها الستة، ولديه خمسة أطفال، لكنه لم يجد فرصة عمل فاضطر للرجوع إلى الشمال السوري، وهو يعاني من عدة إصابات في جسمه آخرها شظايا في يده تعيقه عن الحركة.
تتحدث “أم وليد” والحرقة في قلبها على ما آلت إليه الثورة السورية من جمود وعدم وجود حمية لدى الرجال مثل السابق، قائلة: “أين الرجال؟ أين أصحاب النخوة؟ هناك شباب على الجبهات يدها على زناد البندقية تنتظر الأوامر من القادة لتصويبها تجاه عدونا الذي يقبع في سجونه آلاف المظلومين ينتظرون من يساعدهم بالإفراج عنهم”.
وأضافت: “أنا امرأة أميَّة لا أجيد الكتابة، لكنِّي أحترق من داخلي وأتمنى أن أشارك في المعارك ضد النظام، ومثلي نساء كثر يرغبن بالمشاركة، لكن للأسف لا توجد معارك، وأنا أتعجب من القادة لماذا هذا الصمت المطبق؟، ولماذا يرسلون الشباب للقتال في الخارج، أليست جبهاتنا أولى بدمائهم؟، والحرقة أيضاً أنَّنا كلما دخلنا في معركة لنحرّر منطقة تسقط منطقة مقابلها وكأنّها مقايضة بين الدول”.
وأوضحت أنَّه مهما تحكمت الدول في قرار الفصائل والمعارضة السورية، لن تستطيع هذه الدول السيطرة علينا إن توحدنا، فالتوحد فيما بيننا هو السبيل الوحيد للخلاص من هذه المأساة المستمرة منذ عشر سنوات، لكن حال السوريين كما يقول المثل: (شاطرين على بعض).
وأشارت “أم وليد” إلى أنَّها حاولت قبل أيام دخول مدينة إدلب لتشارك الأهالي في مظاهرة إحياء ذكرى استشهاد “الساروت”، لكن أمور أوراقها وإجراءات الدخول لسوريا، وقفت أمامها حائلاً لتحقيق هذه الأمنية، كونها كانت تود إيصال هذه الرسالة عبر جموع المتظاهرين.
والجدير بالذكر أنَّ والدة “الساروت” معروفة في مواقفها الشجاعة والرافضة لأن تكون الثورة باباً للارتزاق، مثلما يفعل الكثير من المتسلقين على الثورة، فهي رفضت كما رفض ابنها قبل استشهاده جميع العروض المغرية بالمال، وكل ما وصل ليد عبد الباسط (رحمه الله) كان يتبرع به ويقول لأمه رغم حاجتها لضيق الحال: “يا أمي الله يرزقنا من فضله لا أريد صرف أي ليرة تأتيني بسبب الثورة”.
ومن أبرز مواقف “خنساء الثورة السورية”، أنَّها رفضت مبلغاً قدره 40 ألف دولار، قُدّم لها من قبل “فريق ملهم التطوعي” كحصيلة حملة أطلقها لدعم عائلة منشد الثورة، وروى مدير الفريق عاطف نعنوع، أنَّ والدة الساروت قالت لهم: “يا ابني أنا مبسوطة وفخورة أن ولادي شهداء وما طلع كلام سيء على حدا منهم، ولا حدا منهم طلع ما منيح”.
وعندما ألح الفريق عليها بقبول المبلغ قالت: “خلي رفاق عبد الباسط الذين كانوا معه بمنطقته يتزوجون ويفرحون”، لأنَّ حارس الثورة، كان ينوي الزواج في رمضان الماضي بعد ثماني سنوات من الثورة، ولم تتحقق أمنيته، ولذلك أحبَّت أن تتبرع بالمبلغ دون أن تستلمه لتزوج فيه رفاق الساروت”.
يشار إلى أنَّ “الساروت” عمل قبل استشهاده كقائد عسكري في “جيش العزة”، واستشهد يوم السبت 8 / 6 / 2019، خلال علاجه في مدينة الريحانية التركية، متأثراً بجروح أصيب بها قبل يوم على جبهات ريف حماة الشمالي خلال معركة “تل ملح”.
وتجمهر مئات من السوريين في تشييع جثمان “الساروت” بعد خروجه من المشفى، وخلال نقله إلى الجانب السوري من معبر “باب الهوى” الحدودي مع سوريا، حيث استقبله آلاف السوريين هناك ليتم دفنه في مدينة إدلب حيث بكى عليه كلّ من سمعه وعرفه.
يذكر أنَّ “الساروت” ابن حي البياضة في مدينة حمص مواليد 1992، كان حارس نادي الكرامة السوري ومنتخب شباب سوريا، لذلك لُقب بـ”حارس الثورة”، وتحوّل مع انطلاق الثورة إلى أبرز وجوهها الثورية، وعمل كـ”منشد ثوري” خلال السنوات الأولى لينال لقب “بلبل الثورة”، وحبّ وإعجاب جميع الأحرار من السوريين والعرب والأجانب.
Sorry Comments are closed