أكدت مجموعة من الصحفيين والسياسيين السوريين، في ندوة على منصة “تويتر” دعا إليها المحامي اللبناني د. طارق شندب، على أنَّ انتخابات نظام الأسد الجارية حالياً “ساقطة قانونياً، ومدعومة أمريكياً”.
وذكر “شندب” في الندوة التي استمرت لنحو ساعتين، في ليلة الخميس – الجمعة، بحضور شبكة “آرام”، أنَّ انتخابات الأسد غير شرعية وتتعارض مع القانون الدولي والقرار 2254، ويجب تطبيق القرار بالقوة تحت الفصل السابع، إذا أراد المجتمع الدولي احترام قراراته.
وبدوره الإعلامي السوري أحمد الهواس، وصف الانتخابات بـ”المهزلة”، قائلاً: “بعيداً عن حكومة الولي الفقيه في إيران (…) نتحدث عن موضوع أكبر هو أنَّ الثورة السورية أسقطت النظام لأنَّ الشعب هو مصدر الحكم، والنظام ارتكب مجازر جعلت منه عصابةً وليس نظام حكم”.
أمريكا داعمة للأسد
وأكد “الهواس” أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية، التي مرّرت انتخابات بشار الأسد عام 2014، هي من تدعم الانتخابات الحالية، قائلاً: إنَّ “أمريكا ادعت أنَّ فيتو روسيا والصين يُعرقل ملف سوريا في مجلس الأمن الدولي، ولو أرادت تحريك الملف لحوّلته للجمعية العامة للأمم المتحدة، فالفيتو الروسي بالحقيقة أمريكي”.
وأضاف أنَّ “أمريكا ساهمت في بقاء الأسد، وأرادت ذلك لأنَّ سوريا ركيزة لها، وباراك أوباما كان معجباً بإيران ووقَّع معها الاتفاق النووي، كما سمحت أمريكا للروس بالتدخل في سوريا، وأسّست التحالف الدولي بحجة داعش التي صنعتها باتفاق مع إيران بهدف ضرب الكتلة الصلبة بالثورة السورية”.
وأردف “الهواس” أنَّ “أمريكا وإيران وإسرائيل، حلف واحد ثلاثي، وكلّ ما يحصل في سوريا برضا أمريكا، التي لم تكن يوماً صديقة للشعب السوري، وفي موضوع السلاح الكيماوي قال أوباما: إنَّه خط أحمر، وعندما شعرت أمريكا بالخطر أعطت الأسد الضوء الأخضر باستخدامه، وهنا أخذت السلاح الذي هو ملك الشعب السوري بذريعة سحبه من الأسد”.
وتحدث “الهواس” عن مأزق آخر دولي، هو عدم إعطاء الشرعية الدولية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة عند تشكيله، حيث بقي دون شرعية دولية، مشيراً إلى أنَّ روسيا دولة غازية تدخلت في سوريا تحت البند السابع.
من جهته، المحامي هيثم المالح، الحاصل على دبلوم القانون الدولي العام، أكد في الندوة، أنَّ أمريكا هي اللاعب الرئيسي في تدمير سوريا، وإبقاء بشار الأسد باتفاق مع الروس لمصلحة إيران، وليس لمصلحة الشعب السوري.
الانتخابات ساقطة قانونياً
“المالح” أوضح أنَّ أيَّ نظام حكم في العالم يستمد السلطة من الشعب، ومطالب الثورة كانت إصلاحات رفضها النظام، بعدها تحوّلت المظاهرات ضد النظام بمعنى سحب الشرعية منه وسقوطه، وبالتالي كلّ ما يفعله من عقود مع دول وانتخابات فهي “باطلة”.
وقال: إنَّ “إجراء الانتخابات عمل عبثي لا يؤدي لنتيجة قانونية، وفي سوريا منذ حكمها بالنار بثورة الثامن من آذار 1963 انتهى عهد القانون والديمقراطية، وبالتالي لا يوجد انتخابات في سوريا، والمحكمة الدستورية هي عبارة عن شكل لا مضمون فيه”.
وأضاف “المالح”، أنَّ “أكثر من نصف السوريين مهجّرين في الداخل، ونحو سبعة ملايين خارج بلادهم، وتقدمتُ بمذكرة لمحكمة الجنايات الدولية في جريمة التهجير القسري المستمرة وجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم”.
وأردف، أنَّ سبعين في المئة من البنى التحتية في سوريا “مدمّر”، فلا يوجد انتخابات من قبل اندلاع الثورة ولا بعدها لأنَّها عبارة عن “مهزلة متكررة وهمية”، ومن يدلي بأصواته لا يعطي لبشار شرعيته، لأنّه ساقط قانونياً ولن يعود إلى الشرعية إطلاقاً، لافتاً إلى صدور قرارات عديدة عن مجلس الأمن بوجوب “السلطة الانتقالية” ريثما يتم انتخاب حقيقي.
لماذا تم تعطيل المكتب القانوني المسؤول عن جرائم الحرب وفتور الهمة بالتعامل معه؟
أفاد “المالح” بأنَّه قدَّم إلى مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة 1500 صفحة تُدين بشار الأسد بجرائم ورثها عن أبيه حافظ، إضافة إلى تقديم مذكرات بـ 500 صفحة إلى مجلس الأمن الدولي وهي على مستوى أكاديمي عالٍ.
وأكد أنَّ أهم ثورة في العصر الحديث هي الثورة السورية، وذلك لصمودها أمام أعتى ترسانة حرب، ولم يستطع أحد إخمادها وستنتصر بالتأكيد، وسنُعيد بناء سوريا على أساس ديمقراطي وليس استبدادي.
وأشار “المالح” إلى مشروع قرار قدَّمه لم يهتم به الائتلاف الوطني، لأنَّه محكوم بأشخاص بالمجلس الكردي، وهناك إقصاء لشخصية هيثم المالح. حسب قوله.
وبيَّن أنَّ “حالة التفرقة والتشرذم في المعارضة السورية، وكلّ مجموعة تقدّم مشروعها لوحدها، جعلنا عرضة للاستخفاف من قبل الدول، فلا بدَّ من قيادة للثورة تتولى تحرير المذكرات المطلوبة دولياً”.
وتابع، “ووجود لوبيات في مدن نيويورك وجنيف أمام مراكز الأمم المتحدة، وبروكسل أمام مقر الاتحاد الأوروبي، وبعض العواصم الأوروبية، مع رفع لافتات ومذكرات ليعلم الجميع أنّنا لسنا نائمين، وللضغط على الحكومات الدولية”.
من جانبه، الإعلامي السوري ماجد عبد النور قال: إنَّ “المجرم مستمر بصمت وإرادة دولية، والانتخابات لن تُضيف شيئاً على الواقع، فالأسد لا يُسيطر سوى على جزء صغير من البلاد، ولا أحد لديه مصلحة بتعويم مجرم ارتكب مجازر وأسقط الشعب شرعيته، ونحن أمام سبع سنوات جديدة من قهر السوريين”.
أحداث لبنان
الصحفية اللبنانية كارول معروف، وصفت خلال الندوة، ما حدث في لبنان بـ”المحزن”، لظهور العنصرية من اللبنانيين على اللاجئين السوريين، موضحة أنَّ عدد الذين انتخبوا في السفارة السورية نحو 20 ألف موالي للنظام، وهم كانوا سبب افتراء على الأكثرية.
وذكرت أنَّ خط الممانعة الذي يُهاجم السوريين سابقاً، نراه اليوم يقف مع الناخبين باعتبارها حرية الرأي والتعبير، لكنه في الحقيقة هو دفاع عن الشبيحة التابعين للأسد، لذلك ما حصل هو “شيء مقرف”، إضافة إلى ممارسة الضغط على بعض اللاجئين لإجراء الانتخاب عنوةً.
وأضافت “معروف” أنَّ الاستفزاز الذي حصل أوضح صورة “انقسام حاد عند اللبنانيين”، حيث أنَّهم اتهموا سمير جعجع بـ”النازية” لأنَّه طالب بترحيل ناخبي بشار الأسد كونهم لا يمثلون صفة “اللاجئ” (…) لكنَّهم لم يعلقوا على كلام الرئيس اللبناني ميشال عون ضد السوريين.
وأردفت أنَّ “التيار الوطني الحر” لجبران باسيل وحزب الله، “أسسا لانبطاح تام”، وهناك مفارقة من حيث دفاعهم عن السوريين فقط لأنَّهم شبيحة النظام السوري، ونسوا السحل الذي تعرض له مناصرو “عون” عندما كان بالمنفى في باريس هرباً من الأسد.
واعتبرت ما يجري في لبنان هو مثل “التحالف مع الشيطان لاستمرار الحكم”، ونوهت إلى أنَّ الرئيس السابق إيميل لحود كانت وظيفته عرّاب عودة عون من فرنسا إلى لبنان باتفاق مع الأسد، فالانفتاح بين التيار الحرّ لباسيل وسوريا كان لحود عرَّابه. حسب “معروف”.
وفي ختام الندوة أكد مدير “مركز جسور للدراسات” محمد سرميني، أنَّ مصطلح “انتخابات” غير موجود في سوريا، بل هي “مسرحية” لإعادة تثبيت رئيس عصابة النظام السوري، الذي هو ميليشيا أكثر من نظام حكم، وتحوَّل لأداة بيد الروس والإيرانيين.
ولفت إلى أنَّ تأخر موعد الانتخابات التي كان من المزمع إجراؤها في نيسان/ أبريل الفائت، هو بسبب الروس الذين يستخدمون الانتخابات لتحقيق مصالحهم، لذلك عملية الانتخابات كانت بمخطط روسي (…)، وبالتالي لا يوجد تداعيات سياسية سوى “إعادة تثبيت”.
وشدّد “سرميني” على أنَّ المجتمع الدولي وعلى رأسهم أمريكا يريدون إغراق روسيا في المأزق السوري، لكن السوريين ما زالوا يُصرّون على الثورة، وهم مستمرون بالمظاهرات والحراك الشعبي في الداخل المحرر وفي بلاد اللجوء، لذلك يستفيد السوريون من الانتخابات عبر تأكيدهم على إسقاط النظام.
يشار إلى أنَّ العقيد رياض الأسعد، والصحفي غسان الياسين، وصحفيين آخرين مثل، مراسل قناة “TRT عربي” أحمد سعيد، وكريم سليمان المقيم في ألمانيا، ألقوا كلمات خلال الندوة حول الانتخابات في سوريا.
يذكر أنَّ الحكم في سوريا استبدادي محصور في عائلة الأسد منذ انقلاب حافظ الأسد العسكري في الجيش السوري عام 1970، سبقه قيام حزب البعث الذي ينتمي إليه حافظ بما يسمى ثورة الثامن من آذار عام 1963.
Sorry Comments are closed