قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام السوري القيام بها منفرداً غير شرعية وتنسف العملية السياسية وتجري بقوة الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أن بشار الأسد متهم بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ويجب محاسبته.
قال التقرير -الذي جاء في 15 صفحة- إن النظام السوري ينتهك قرار مجلس الأمن 2118 وبيان جنيف واحد، بإعلانه عقد انتخابات رئاسية في أيار المقبل 2021، وينتهك إضافة إليهما قرار مجلس الأمن 2254 (عام 2015)، الذي وضع فيه مساراً تسلسلياً واضحاً لعملية الانتقال السياسي، مؤكداً على وجود مرشح أوحد من حزب البعث -بشار الأسد-، ومُذكِّراً أن هذه الانتخابات تأتي بعد أن أثبتت آلية التحقيق المشتركة المنشأة من قبل مجلس الأمن في آب/ 2015، مسؤولية النظام السوري 3 مرات عن استخدام سلاح الدمار الشامل الكيميائي، وكذلك أثبتت آلية التحقيق وتحديد المسؤولية التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مسؤولية النظام السوري عن أربع هجمات كيميائية إضافية. وأوضحَ التقرير أن النظام السوري كان قد انتهك سابقاً قرار مجلس الأمن 2118 وبيان جنيف واحد، عندما أجرى انتخابات رئاسية من طرف واحد في حزيران/ 2014، وكانت عبارة عن مسرحية معدة مسبقاً ومبرمجة لتحقيق فوز ساحق لمرشح حزب البعث الأوحد بشار الأسد.
ووفقاً للتقرير فإن النظام السوري لم يتوقف يوماً عن ارتكاب الانتهاكات الفظيعة ضد المواطن السوري، فقد استمر منذ الانتخابات الصورية (التي يعتقد التقرير بعدم شرعيتها)، في ارتكاب أنماط متعددة من الانتهاكات، يرقى بعضها بحسب تقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وفي هذا السياق أوردَ التقرير حصيلة لأبرز تلك الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري منذ الانتخابات الرئاسية الصورية السابقة في حزيران 2014 حتى نيسان 2021 بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حيث سجل مقتل 47967 مدنياً بينهم 8762 طفلاً و5309 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 58574 شخصاً بينهم 1986 طفلاً و4693 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التابعة للنظام السوري. من بينهم ما لا يقل عن 44652 شخصاً بينهم 1827 طفلاً و3516 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري. كما سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 4901 شخصاً بينهم 84 طفلاً و52 سيدة قضوا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التابعة للنظام السوري.
وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إجراء انتخابات رئاسية من قبل شخص متورط بجرائم ضد الإنسانية والفوز بها يفقد المجتمع السوري أية ثقة بالعملية السياسية والتحول الديمقراطي، ويُعزز من سردية التنظيمات المتطرفة وينشر ثقافة الثأر، يتوجب على الدول الداعمة للعملية السياسية الرفض المطلق لهذه الانتخابات الصورية، والتأكيد على عدم شرعيتها، والرد باتخاذ خطوات جدية ضمن جدول زمني محدد لإنجاز الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
أوردَ التقرير ثمانية أسباب رئيسة متسلسلة رأى أنها تجعل من الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام السوري القيام بها منفرداً فاقدة للشرعية، وغير ملزمة للشعب السوري، وجاءت النقاط الثماني على النحو التالي:
واحد: الانتخابات جرت وتجري وفقاً لدستور 2012، الذي اعتبره فاقداً للشرعية لعدة أسباب:
- اعتُمِدَ بشكل انفرادي وإقصائي من السلطة الحاكمة لكافة المعارضين الفعليين للنظام السوري.
- جرى الاستفتاء عليه في ظلِّ ارتكاب النظام السوري جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتسبَّبت تلك الجرائم في توليد حالة من الإرهاب والرعب لدى المواطن السوري تدفعه نحو التصويت لصالح النظام السوري ودستوره.
- العديد من نصوص دستور النظام السوري لعام 2012 تخالف أبسط معايير النصوص الدستورية، وتنسف مبدأ الفصل بين السلطات، وتخرج مفهوم الدستور من مضمونه.
- دستور النظام السوري الأمني لعام 2012 مصمم لفوز رئيس الجمهورية بشار الأسد حصراً في جميع الانتخابات الرئاسية القادمة، ولا يمكن لأي أحد هزيمته.
اثنان: انعدام التأثير الفعلي للسلطة القضائية: فالنظام السوري متجسداً في شخص بشار الأسد يسيطر على مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية العليا.
ثلاثة: سيطرة السلطة التنفيذية متجسدة في شخص رئيس الجمهورية على السلطة التشريعية لصالح حزب واحد يرشح شخصاً واحداً للانتخابات الرئاسية هو بشار الأسد.
أربعة: بشار الأسد باعتباره القائد العام للجيش والقوات المسلحة متورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب السوري ولا يمكن قبوله رئيساً للشعب السوري، بل يجب أن تتم محاسبته.
خمسة: إجراء انتخابات رئاسية يخالف قرارات مجلس الأمن رقم 2118 و2254.
ستة: تسلُّط وتهديد الأجهزة الأمنية ينهي البيئة الآمنة والمحايدة وحرية الرأي.
سبعة: أزيد من نصف الشعب السوري مشرَّد قسرياً.
ثمانية: قرابة 37 % من مساحة الدولة السورية خارج سيطرة النظام السوري.
ووفقاً للتقرير فقد ساعد فشل المجتمع الدولي بما فيه مجلس الأمن الدولي في عدم تحقيق أي تقدم جدي على صعيد الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، ساعد هذا الفشل مع الإفلات التام من العقاب، النظام السوري على الاستمرار في تحدي المجتمع الدولي وإجراء انتخابات رئاسية منفرداً وترشيح الشخص نفسه المتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
طالب التقرير المبعوث الأممي جير بيدرسن والدول الراعية لعملية السلام في جنيف بإدانة إجراء انتخابات رئاسية من طرف واحد، والإعلان عن رفض الاعتراف بنتائجها، والعمل على إلزام كافة الأطراف بمسار الحل السياسي وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ووضع جدول زمني محدد لإنجاز ذلك.
كما أوصى بالإعلان بأن المتورطين في الجرائم الفظيعة مثل الجرائم ضدَّ الإنسانية ليس لهم دور في مستقبل سوريا، والتأكيد على رفض أي تأهيل لهم لأن ذلك عبارة عن تأجيج للنزاع وليس حلاً له.
وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يوضِّح انتهاك الانتخابات الرئاسية من طرف واحد لقراراته المتعلقة بالعملية السياسية، والعمل على تطبيق القرار رقم 2254 في أقرب وقت ممكن.
كما قدم التقرير توصيات إضافية إلى كل من روسيا والنظام السوري.
Sorry Comments are closed