تأويلُ الأشجار (مجزرة السّاعة)
شعر: سليمان نحيلي
في مدينةٍ عشقتْ الاختصارَ
حدَّ اختصرتْ كلّ شؤونِ الأرضِ الّليّنةِ:
– مِنْ نهرٍ خارجٍ عن طاعةِ عائلةِ الأنهارِ
ومِن بساتينَ وأشجارٍ، وأهلٍ طيبينَ كالرّيفِ
ومن آلهةٍ تُكحّلُ عينيها بالشّمسِ – باسمِها المرسومِ ثلاثةَ حروفٍ مغلقةٍ تفتحُ بابَ التأويلِ على الخصبِ ..
(ربّما تقولونَ: قد يبدو هذا المَطلعُ غير ضروريّ للآتي من هذا النّصِّ، لكنْ للمدنِ أحوالٌ، كالأنثى: لاتُسأَلُ عمّا يخصُّ تاريخَ مفاتنها،
هيَ أدرى بما يُضمرُهُ العشّاقُ، وأَجهلُ بما يُضمرُهُ الجلّادون)
في حمصَ
في ساحةِ السّاعةِ الجديدةِ
ومنذُ سنينَ لجمَ الخوفُ عقاربَ السّاعةِ، فتوقّفَ الزّمنُ فيها.. من سنين ..
في ساحةِ السّاعةِ
نزلوا آلافاً يهتفونَ للحريّةِ وللإنسانِ
الوردُ بأيديهم كانَ أبيضَ
كستائر الدّيرِ
وحَمَامِ المسجدِ
وقلوبِ الأُمّهات ..
في السّاحةِ
كانوا آلافاً
وكانوا جميلينَ
حتى أشجارُ السّاحةِ ظلّت ساهرةً تُصفّق لهم حين يهتفونَ
وتُصفّقُ للربيع..
آلافاً كانوا
وكانوا جميلينَ ويهتفون
فجأةً هطلَ الرّصاصُ عليهم كالمطرِ
لكنّهم ظلّوا جميلينَ
مع أنّهم ميتونْ..
في السّاحةِ
لمْ يبقَ أحدٌ غيرَ السّاعةِ الّتي شرعتْ عقاربُها بالدّورانِ
وغيرَ دماءٍ غطّت أرضَ السٍاحةِ
وغيرَ الأشجارِ التي زادتْ مِنْ ليلتها
في مدينةٍ
تعشقُ التأويلَ والاختصارْ
أوَّلتْ حمصُ
شهداءَها إلى
أشجارْ ..
Sorry Comments are closed