في الثامن من آذار من كل عام يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وفي هذا اليوم نسمع عبارات مكررة حتى باتت فارغة من مضمونها (المرأة نصف المجتمع)… ويكرر الجميع مقولة (وراء كل رجل عظيم إمرأة) ولكن لماذا لا نسمع عبارات مثل (وراء كل امرأة عظيمة رجل)؟ أليس هذا ألف باء العدل والمساواة؟ وما الذي يمنع تحقيق هذه المعادلة هل هي صعبة لهذه الدرجة؟
تقدر منظمة الصحة العالمية أن امرأة من بين ثلاث نساء يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي ومن دوائر اجتماعية مقربة زوج أو شريك خلال مرحلة من مراحل حياتهن، وإذا قربنا هذا الإحصاءات لتشمل المنطقة العربية التي تغيب فيها الإحصاءات الدقيقة لعدة اعتبارات أهمها الإجتماعية سندرك أن النسبة في المجتمعات العربية ستكون أكبر وأخطر وتشمل أنواع أخرى من العنف مثل زواج القاصرات وجريمة الختان التي مازالت شائعة في بعض الدول العربية الافريقية مثل مصر والسودان والصومال رغم كل المحاولات للحد منها.
لا يمر شهر تقريبا لا تتداول فيه وسائل التواصل الإجتماعي قصصاً محزنة عن حالات قتل نساء في الأردن وفلسطين وسوريا ودول عربية أخرى بما تدعى (جرائم الشرف) مع غياب كامل لأي جهود حكومية قانونية رادعة أو مجتمعية أهلية للحد من هذه الجريمة المتكررة بل على العكس مازال يبررعدد كبير من الرجال في المجتمع لهذه الجرائم بحجة الحفاظ على عفة المجتمع.
المجتمع الذي يرى بالمرأة المتبرجة حلوى مكشوفة سهلة المنال للرجال ومبرر علني للتحرش بها ويجرؤون على القول بأن مظهر المرأة ولباسها هي (دعوة مفتوحة لهم) مما يجبر عدداً كبيراً من النساء على السكوت عن حقوقهن إذا تعرضت إحداهن للتحرش أو الإغتصاب، فتتحول من ضحية إلى مذنبة لو تجرأت على كسر قواعد عفة المجتمع وفضحت المتحرشين وطالبت باسترداد جزء من كرامتها المهدورة وتعويض عن كل الألم والإهانة والعدالة من كل شخص ينتهك خصوصية وحرمة جسدها.
صور زهور وهدايا ملونة ومعايدات تملأ الفضاء الإلكتروني وتعج وسائل التواصل بعبارات عاطفية لكتاب وأدباء وشعراء ورسائل دعم وحب إحتفالا بيوم المرأة العالمي، وهنا يحق لنا كنساء أن نسأل عن الجانب الحقيقي الذي يحتفل به هذا المجتمع؟ مع كل أرقام إحصاءات العنف ضد النساء والقصص الحزينة التي نعيش تفاصيلها عن قرب في بيئتنا المحلية مع قصص نجاح فردية هنا وهناك تعكس واقع (وراء كل امرأة ناجحة نفسها).
يحلو للمجتمع أن يصف النساء (ناقصات عقل) لذلك يركز بكل قوته على الجانب العاطفي للنساء وأن هذه العملية كفيلة بإقناع النساء بدورهن القيم في المجتمع ووجهن المشرق كأمهات مضحيات وزوجات وفيات وبنات مطيعات، لكن عندما تفكر المرأة بدور لها كإنسانة حرة تملك الحق في إدارة حياتها خارج هذا الإطار ستتحول لنسوية تحمل أفكار هدامة للمجتمع وعفته الظاهرية وتشكل تهديد وخطر يجب محاربته بكل الطرق وستنقلب كل رسائل الدعم الوردية اللون لرسائل تهديد سوداء علنية تتناول أجساد النساء بالتحديد لأن المجتمع كله يختزل شرفه بهذا الجسد.
كيف يمكن أن تتجسد معادلة وراء كل إمرأة عظيمة رجل لا يرى فيها سوى جسد ونصف عقل؟! وكم من حق للمرأة بيوم كهذا اليوم ترسل لها معايدات (يوم مرأة سعيد) اعترافا بعقلها وإرادتها وإنجازاتها وعملها وطموحها ونجاحها في مختلف المجالات …. ويراد به باطل.
عذراً التعليقات مغلقة