تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود يوم الثلاثاء بدعوى قضائية في ألمانيا تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بحق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منددة بـ”مسؤوليته” في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وسجن حوالى ثلاثين صحافيا آخر، وفق ما أعلنت الثلاثاء في بيان.
وتضمن بيان المنظمة أن الشكوى التي تم رفعها الإثنين إلى “النائب العام في محكمة العدل الفدرالية في كارلسروهي” بسبب اختصاصها القضائي للنظر في “الجرائم الدولية الأساسية”، تتعلق بـ”الاضطهاد المعمم والممنهج للصحافيين في السعودية” وتستهدف إلى جانب ولي العهد، أربعة مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى آخرين.
ويأتي ذلك بعدما رفع الرئيس الأمريكي جو بايدن السرية عن تقرير استخباري خلص إلى ضلوع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي في العام 2018.
ويذكر أن خاشقجي كان مقيما في الولايات المتحدة حيث كان يكتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن قتِل في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول وقطعت أوصاله.
من جانبها رفضت الحكومة السعودية ما ورد في التقرير الأمريكي. وتصر على أن مقتل خاشقجي كان عملية فردية ولم يتورط فيها ولي العهد.
وتعرض الشكوى غير المسبوقة وتستهدف أيضا “مجهولا”، بالتفصيل التجاوزات المرتكبة ضد 34 صحافيا مسجونين في المملكة، بينهم 33 لا يزالون قيد الاعتقال وبينهم المدوّن رائف بدوي المسجون في السعودية منذ العام 2012 بتهم “إهانة الإسلام”.
وتضمن بيان الأمين العام للمنظمة كريستوف ديلوار “ندعو المدعي العام الألماني إلى اتخاذ موقف” مضيفا “لا ينبغي لأحد أن يكون فوق القانون الدولي، خصوصا عندما تكون القضايا مرتبطة بجرائم ضد الإنسانية”.
وقد أكدت المحكمة في كارلسروهي تلقيها الشكوى لكنها رفضت إعطاء تفاصيل إضافية.
“محاكاة ساخرة للعدالة”
وإضافة إلى ولي العهد الذي “يشتبه بأنه دبر بشكل غير مباشر قتل” خاشقجي، تستهدف الشكوى “مستشاره المقرب” السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، و”نائب رئيس الاستخبارات السابق” أحمد العسيري، والقنصل العام السابق في إسطنبول محمد العتيبي، و”ضابط الاستخبارات” الذي يشتبه بأنه قاد “الفرقة التي عذبت وقتلت” خاشقجي ماهر عبد العزيز مترب.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود إنه في حين أن القضاء السعودي حكم في نهاية المطاف على 11 متهما لم تُكشَف أسماؤهم إلا في كانون الأول/ديسمبر 2019 بضغط دولي، فإن المشتبه بهم الرئيسيين ما زالوا “محصنين من الملاحقة القضائية”.
ويذكر أن المحاكمة التي أجريت خلف أبواب مغلقة برأت المسؤولَين اللذين ينظر إليهما على أنهما العقل المدبر للجريمة: القحطاني وهو المستشار الإعلامي في الديوان الملكي ونائب رئيس الاستخبارات أحمد العسيري. وكلاهما جزء من الدائرة المقربة من الأمير محمد.
لكن، حكم على خمسة متهمين لم يتم الكشف عن أسمائهم بالإعدام وحُكم على ثلاثة آخرين بعقوبات طويلة بالسجن. وبعد تسعة أشهر، ألغت المحكمة أحكام الإعدام واستبدلتها بعقوبات تصل إلى السجن لعشرين عاما، وهو ما وصفته خديجة جنكيز خطيبة جمال خاشقجي بأنه “محاكاة ساخرة للعدالة”.
وهي قادت حملة لدفع المجتمع الدولي إلى معاقبة المملكة العربية السعودية على قتل مواطن خارج أراضيها.
كان خاشقجي مقيما في منفى طوعي بالولايات المتحدة حيث كان يكتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست إلى أن قتِل في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول.
وأخطر سفير السعودية لدى الولايات المتحدة الصحافي البالغ من العمر 59 عاما بأن يذهب إلى القنصلية السعودية في إسطنبول إذا كان يريد الحصول على وثائق لزواجه من خطيبته التركية خديجة جنكيز. وهناك، قتِل وقطّعت جثته على يد فريق أرسِل من الرياض بتوجيه من كبير مساعدي الأمير محمد، سعود القحطاني.
وبعد شهر واحد فقط على الجريمة، خلُصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بثقة إلى أن الأمير محمد أمر بعملية الاغتيال وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”. وخلص مجلس الشيوخ الأمريكي بعد اطلاعه حينها على التقرير إلى “مسؤولية” ولي العهد عنها.
لكن ترامب تجنب اتهام ولي العهد السعودي علنا، حفاظا على التحالف مع السعودية التي تعد إحدى دعامات استراتيجيته المضادة لإيران، علما أن المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر سوق للأسلحة الأمريكية.
وأكد التقرير الذي نشر الجمعة أنه تم إيفاد 15 شخصا لاستهداف خاشقجي في تركيا، بينهم عناصر “نخبة في فريق الحماية الشخصية” لولي العهد، في إشارة إلى قوات التدخل السريع التي شكّلت “من أجل حماية ولي العهد” و”تتصرف بموجب أوامره فقط”.
وفرضت إدارة بايدن عقوبات على قوة التدخل السريع، ما يعني أن أي تعامل أمريكي معها سيعتبر جريمة، وأوضحت أنها ستحظر دخول 76 سعوديا إلى الولايات المتحدة بموجب سياسة جديدة ضد المسؤولين الأجانب الذين يستهدفون المعارضين.
لكن الإدارة الأمريكية لم تصل إلى حد استهداف ولي العهد البالغ من العمر 35 عاما والحاكم الفعلي للبلاد ووزير دفاع البلاد، شخصيا.
عذراً التعليقات مغلقة