تحذير: هذه جريمة لا تضع إيموجي “أضحكني” لهذا الخبر

هدى أبو نبوت24 يناير 2021آخر تحديث :
تحذير: هذه جريمة لا تضع إيموجي “أضحكني” لهذا الخبر

عادة ما نضع إيموجي “أضحكني” للتفاعل على فئة معينة من الأخبار الطريفة والخفيفة الظل أو للتندر وأحيانا للسخرية من بعض الأخبار التي نشعر أنها تستخف بعقولنا كأفراد، ولكن سيبدو إيموجي”اضحكني” غريباً جدا وصادماً على خبر نشرته إحدى وسائل الإعلام الإحترافية عن دوافع الإغتصاب والأسباب التي تدفع الرجل لهذا الفعل المشين.

بحثت من بين مئات اللايكات على أصحاب هذه الإيموجات علّ وعسى أن يكون أحدها بالخطأ ولكن ذهلت من عددها التي جاءت بعض التعليقات تصب في نفس الإطار الساخر من الخبر وما يثير التساؤل أكثر أنها جميعها تعود لصفحات شخصية بأسماء رجال مع غياب أي تعبير أو تعليق ساخر لأي امرأة، ربما لأن النساء يعرفن تماما مشاعر الإهانة والقهر عند أي محاولة تحرش يتعرضن لها فكيف إذا كانت حادثة اغتصاب مكتملة الأركان.

ما الذي يدعو الرجال للاستهتار وتحويل خبر يحمل كل دوافع الجريمة كالاغتصاب لنكتة، حادثة تنتهك الجسد والروح الإنسانية وخصوصا أن الاغتصاب ليس حكرا على المرأة بل يتعرض له الأطفال واليافعون واليافعات من الجنسين وكذلك بعض الرجال في المعتقلات والسجون لإذلالهم وحتى في الحياة اليومية للانتقام أحيانا والاستقواء على الآخر الأضعف جسديا.

إيموجي الرجال الضاحكة تنتقل يوميا عبر وسائل التواصل الإجتماعي على أخبار مشابهة تتسم بالعنف وحولوا بعضها كنكت يتداولونها فيما بينهم كحادثة الزوجة التي قامت بمفاجئة زوجها بوجبة الإفطار على السرير وانتهت بها مشاعر المحبة لزوجها بغرفة الإسعاف بالمشفى بعد أن سكب الزوج الغاضب ماء الشاي الساخن على ظهرها عقابا لها لأنها أيقظته من النوم.

وهناك بعض الأخبار التي لا يكفي التعبير ايموجي “أضحكني” لأنهم يجدون أنفسهم بحاجة للتعبير عن آرائهم بكل وضوح وصراحة كما يحدث مع الأخبار المشابهة لمقتل الفلسطينية إسراء غريب والتي تتكرر بشكل دوري كحادثة الفتاة الأردنية التي تعرضت لضرب عنيف منذ يومين من قبل أخيها وحتى لا تتلقى العلاج ربطها لمدة يومين في الحمام عقابا لها على مكالمة هاتفية مع شاب لانعرف بالضبط ماهية علاقتها به إن كان صديقا أو زميلا أو حبيب.

كثير من الرجال وبعض النساء يجدون من السهل الوقوف مع المعنف وخصوصا إذا كانت الضحية امرأة لأن العرف السائد يقول أن المرأة تحتاج لتقويم سلوكها الذي لايتفق مع العادات والتقاليد والخطوط الحمراء التي حبسها فيها المجتمع الذكوري وأي محاولة للتمرد يكن المجتمع في المرصاد ومهلل ومبارك للبطل الذي أخمد نيران الفضيحة وغسل شرف العائلة والحي والمدينة والوطن، بدماء وآلام وأوجاع وآحلام المرأة الضحية لأنها امتلكت حلم وإرادة التغيير.

في المجتمعات المتخلفة التي تغيب فيها سلطة القانون وتسيطر عليها قوانين العرف والعادة تزداد هذه الظواهر العنيفة ضد كل فئات المجتمع وليس النساء بالذات ولأن الإنسان في دولنا العربية التي تخضع للاستبداد والفقر والجهل يتشرب الإنسان القهر وفي محاولة منه لمقاومة هذا القهر يمارس العنف على المرأة لأنها أضعف منه.

مصطفى حجازي في كتابه سيكولوجية الإنسان المقهور يعرف التخلف الاجتماعي من خلال سلوك الإنسان المقهور ضمن هذا المجتمع ويوضح علاقة القهر والاستبداد والظلم بالعنف حيث يقول (لب الشعور الاضطهادي هو البحث عن مخطئ يحمل وزر العدوانية المتراكمة داخليا، لا يستطيع ان يكتفي بإدانة ذاته، إنه بحاجة لإدانة الآخرين ووضع اللوم عليهم، يفسح المجال في مرحلة ثانية لإمكانية تبرير الاعتداء عليه والإعتداء يصبح مشروع لأنه يتخذ طابع الدفاع عن النفس ثم أن إلصاق العيب الذاتي بالآخر يحوله إلى رمز للنقص والعار).

ولكن رغم الواقع الأليم هناك بارقة أمل لأن الشعوب المقهورة المظلومة باتت أكثر وعيا بأسباب قهرها وظلمها وقررت أن تثور على السلطة والفساد وبعض الموروثات وبالتالي لأن التغيير يحتاج تضحيات سيبقى الطريق وعر، وستبقى تستفز مشاعرنا الإيموجي الضاحكة على أخبار العنف ضد النساء حتى يعي المجتمع أن إي انتهاك للمرأة هو انتهاك إنساني لجميع أفراده من واجب الجميع التصدي له والخجل منه مرتكبيه وإنصاف الضحية والوقوف في وجه الجلاد.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل