كيف ساهم أسامة بن لادن في نشر “الإسلاموفيا” في حين سيطر مارك زوكربرغ وبيل غيتس على العالم؟

هدى أبو نبوت18 سبتمبر 2020آخر تحديث :
كيف ساهم أسامة بن لادن في نشر “الإسلاموفيا” في حين سيطر مارك زوكربرغ وبيل غيتس على العالم؟

نشرت المخابرات الأمريكية تقريرا عن محتويات القرص الصلب في الكمبيوتر الشخصي لأسامة بن لادن، ومن ضمن المحتويات المثيرة هو احتواؤه على عشرات الأفلام الإباحية وربما سيذهب ذهن القارئ مباشرة إلى أن أسامة بن لادن ربما كان “شبق جنسيا” كما يثار دائما حول الحياة الشخصية للشخصيات السلفية الجهادية ولكن المثير للاهتمام أن بن لادن كان يستخدم هذه المواد لتمرير رسائل مشفرة يتبادلها مع أعضاء التنظيم، هذه حيل ذكية تظهر الخلفية العلمية الجيدة التي يتمتع بها أسامة بن لادن فهو خريج جامعة الملك عبد العزيز في الاقتصاد وإدارة الأعمال ويملك مؤهلا علميا في الهندسة المدنية وهو ابن عائلة بن لادن الثرية وتقدر ثروته لوحده في تسعينات القرن الماضي بأكثر من سبع مليارات دولار، وكان يدير أعمال بن لادن التجارية قبل أن يؤسس تنظيم القاعدة ويتحول للجهاد العالمي.

لماذا صبت كل تلك الإمكانات في خلق تنظيم إرهابي أصبح يشكل التهديد الأول للعالم وحول المسلمين في كل دول العالم لنموذج للدم والقتل والتكفير في حين نرى أن هناك نموذج آخر مثل مارك زوكربرغ وبيل غيتس يسيطران على العالم اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وهما لم يكونا ثريين مثله ولم ينحدرا من عائلات ثرية بالولادة.

إذا نظرنا في خلفية حياة بيل غيتس المسيحي سنرى أنه شاب استثمر أفكاره الخلاقة في صناعة شركة مايكروسوفت التي غيرت وجه العالم التكنولوجي وساهمت في تحويل العالم إلى قرية صغيرة مما حوله بفترة قصيرة جدا إلى أغنى رجل بالعالم وأصبح من الشخصيات الاجتماعية النافذة واستطاع من خلال ثروته ونفوذه أن يستثمر في الصحة والتعليم والبحوث العلمية بموطنه “الولايات المتحدة الأمريكية” والأعمال الخيرية في كثير من دول أفريقيا الفقيرة من خلال تكريس جهده في العمل الإنساني، مما وسع نفوذه وصفته الاعتبارية الى جانب ثروته وقيمته التسويقية كرجل ثري يملك الترتيب الثالث كأغنى رجل في العالم في حين لم تكن ثروته عام ١٩٩٠ تتجاوز ال٢،٥ مليار دولار وهي أقل بكثير من ٧ مليارات بن لادن ولكن بيل غيتس تحول لسيد العالم في عقدين فقط ونموذج للنجاح وقدوة للتغيير عند كثيرين في حين نعلم جميعا أي نموذج أصبح بن لادن ونوع التغيير الذي كان يطمح إليه.

وفي سياق آخر ظهر مارك زوكبرغ اليهودي المنشأ وهو شاب في مقتبل العمر حول فكرة مشروعه “الفيس بوك” مع عدد من زملائه في جامعة هارفرد إلى أكبر منصة للتواصل الاجتماعي يستخدمها أكثر من مليار إنسان في العالم، وسيطر من خلال توسيع شبكة التواصل الاجتماعي الواتس آب والإنستغرام على عقول وتوجهات وأفكار وحتى خيارات مستخدميه على اختلافها بذكاء منقطع النظير في دراسة النفس البشرية واحتياجاتها ودراسة السوق وأدواته وتحول الفيس بوك وهو منصة مجانية الاستخدام لأحد أكبر العلامات التجارية والأكثر تربعا على عرش الربح والإنتشار مما جعل مارك أحد أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، في حين استثمر بن لادن أمواله وأفكاره السلفية بتشكيل تنظيم متطرف وساهم في زج الشباب المسلم بحروب عقائدية عبثية بدول مختلفة لم تعد بأي نتائج إيجابية على الصعيد السياسي أو الإجتماعي بل كرست صورة سلبية للمسلمين وأغرقت العالم في “الاسلاموفيا”.

وإذا عدنا إلى محتويات قرص بن لادن الصلب سنلاحظ أن بن لادن كان شغوفا بمتابعة كل الاخبار ومتابعا جيدا للسياسة الدولية ومهتما بالبرامج الوثائقية وعلى صعيد خاص الحياة البرية والحيوانات وهذا يدل على أن هذا الرجل لم يكن يملك المال والدراسة الاكاديمية فقط بل كان مطلعا ومثابرا ونشيطا على كل المستويات ويملك شبكة علاقات هائلة في مختلف دول العالم، فهو بكل بساطة لم يكن أقل ذكاء أو معرفة بما يدور بالعالم قياسا ببيل غيتس ومارك زوكربرغ، فلماذا قرر بن لادن أن يذهب لخيار الإرهاب والمجابهة العسكرية مع الغرب الكافر كما يدعي ولم يستثمر ثروته وخبرته وعلاقاته وذكائه في منحى آخر يعود على العالم الإسلامي بنتائج إيجابية عكس النتائج الكارثية التي ما زلنا نعاني منها حتى بعد مقتله.

ربما سيخلص القارئ بعد قراءة ما سلف إلى أن المشكلة تكمن في الدين الإسلامي ولكن بقراءة متأنية لسيرة حياة هذه النماذج في سياقاتها التاريخية والسياسية والإقتصادية، سنرى أن النتائج تعود لخياراتهم الشخصية في حياتهم بغض النظر عن الدين الذي ينتمون له، لو فرضا جدلا أن شخصا مثل أسامة بن لادن شق طريقا مغايرة لما هو الآن هل كنا سنقول أن الدين الإسلامي دين إرهاب وقتل؟ ولو استثمر بيل غيتس ثروته وأمواله في نشر الأفكار المتطرفة كان سيتحول الإتهام للدين المسيحي مثلا؟

رجل مسلم واحد امتلك كل هذه الإمكانيات والادوات وتقاطع طموحه وأفكاره المتطرفة مع لعبة الاستخبارت الدولية ومصالح الدول في حقبة الاتحاد السوفياتي فحول حلمه لحقيقة واستثمر الظروف لخلق تنظيم القاعدة فأصبح رمز سيء السمعة للإسلام والمسلمين، في حين استثمر بيل غيتس ومارك أفكارهم وأموالهم في خلق واقع جديد غير وجه العالم وتحولوا لأيقونات في النجاح والإبداع، فأصبح من السهل الاستنتاج والترويج أن الإسلام هو دين إرهاب لا يصدر الا القتل والعنف لأن اسامة بن لادن مسلم ومنتمو الأديان الأخرى لا يصدر عن أصحابها إلا الفائدة والخير للبشرية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل