الفستق الحلبي تحت ضربات عصي النظام

معاذ عبد الرحمن الدرويش8 أغسطس 2020آخر تحديث :
الفستق الحلبي تحت ضربات عصي النظام

الفستق الحلبي تلك الثمرة الأنيقة الجميلة النفيسة اللذيذة. جميلة بألوانها الزاهية و التي تتدرج ما بين الأبيض إلى الزهري والأحمر القانئ، أنيقة لطيفة بملمسها المخملي، رقيقة حساسة فأي شيء يلمسها يمكن أن يخدشها ويؤذيها. نفيسة غالية حيث تباع بأعلى الأثمان في معظم بلاد العالم. لذيذة بطعمها الفريد طعمها الرائع والذي جعل منها مضرب مثل لكل طعم مميز حيث يقولون “مثل الفستق”.

المزارع والفلاح في سوريا عموماً وفي ريف حماة الشمالي خصوصاً، بادل تلك الأناقة بالأناقة، تعامل مع تلك الثمرة كعاشق ولهان، حيث يرعاها في الصيف و الشتاء، صبر على شجرتها ورعاها وكدح لأجلها عشر سنوات وأكثر حتى كبرت وصارت مثمرة، فشجرة الفستق الحلبي لا تثمر إلا بعد أن يبلغ عمرها أكثر من عشر سنوات.

ولموسم قطاف الفستق الحلبي طقوسه الخاصة، فالمزارع لم يكن يقطف ثمرة الفستق الأنيقة إلا في الثلث الأخير من الليل حيث الجو الأكثر لطفاً في آب وأيلول، وكان لمجرد أن تطلق الشمس أسهم أشعتها كان يتوقف عن القطاف حتى لا يؤذي “عشيقته” الرقيقة بحرارة تلك الأشعة، وجهز لها قطع القماش وفرشها تحت الشجرة من كل الجهات حتى تتلقاها بكل خفة ورقة أثناء سقوطها من الشجرة على الأرض، ولا يسمح لحبة تراب واحدة أن تلمس خدها الجميل، ثم يضعها في صناديق خشبية ويغطونها بالقماش حتى تصل إلى السوق وهي بكامل زهوها وبهجتها وأناقتها.

أي عاشق ولهان هذا المزارع هذا الفلاح حتى يفعل كل ذلك من أجل هذه العشيقة الرائعة.

لكن هذه العشيقة الأنيقة اليوم سلبت واختطفت، وقعت بأيدي قطاع طرق ومجرمين لم يعرف التاريخ مثل إجرامهم.

نعم لقد سقطت مدينتا مورك وكفرزيتا المشهورتين بزراعة الفستق الحلبي في أيدي النظام وأصبحت كل كروم الفستق الحلبي سليبة، علما أن بلدة مورك تقيم كأول قرية في إنتاج الفستق الحلبي على مستوى العالم كله.

وهذا أول موسم تمتد إلى تلك الثمرة الرقيقة يد المجرمين، الذين لم تألف أيديهم في حياتها كلها إلا أن تمتد إلى بندقية قتل أو عصا ضرب.

وحسب ما تم نقله أن شبيحة النظام تقوم بجني محصول الفستق الحلبي في كل من كفرزيتا ومورك بالضرب بالعصي وتكسير الأشجار والأغصان ، وذلك لكسب الوقت وسرقة أكبر كمية يمكن سرقتها من الموسم، سواء من صاحب الأرض إذا كان مواليا للنظام وموجودا، و من جهة ثانية هناك تسابق محموم ما بين الشبيحة أنفسهم لمن يجمع ويسرق أكثر و أكثر.

يذكر أن النظام أعلن في وقت سابق وبشكل رسمي أنه سيصادر ربع الموسم في مدينة كفرزيتا ليتم توزيعه على أسر قتلى الشبيحة.

وكان النظام قد خدع الأهالي الموالين له بعد احتلاله لريف حماة الشمالي، حيث سمح لهم أن يعملوا بكرومهم وكروم أقاربهم بعيداً عن أي تقييم، لكن ما أن نضج الموسم حتى نكث بعهده لهم، وأصدر قوائم بأسماء الكثيرين من الأحرار الأبطال ليصادر مواسم كرومهم، ويبيعها بالمزاد العلني.

طبعاً لا ننسى أن النظام المجرم كان قد قطع واحتطب آلاف من الأشجار في مدينة مورك خلال السنوات الأولى للثورة، وقام بإحراق العديد من كروم الفستق الحلبي في مدينة كفرزيتا خلال هذا العام، من خلال الحرائق التي أضرمها بحقول القمح و قد امتدت النيران إلى تلك الكروم وأحرقتها.

طبعاً ليس عجباً من مغول العصر الذين دمروا البلاد بالبراميل و قتلوا الأطفال والنساء بالكيماوي.
ليس عجبا ممن عفشوا البيوت بدءاً من ملاعق الطعام وانتهاء بأحجار الرخام و السيراميك.

ليس عجبا ممن نبشوا القبور ولعبوا بالجماجم وعظام الأموات، ليس عجباً أن يفعلوا ما فعلوه بشجرة الفستق الحلبي.

يذكر أن شجرة الفستق الحلبي شجرة قارية تحب البرد في الشتاء وتحب الحرارة في الصيف، هي شجرة مثل أهلها تصبر على الحر والقر ، وقد مر عليها المغول والتتار وكل مجرمي التاريخ وصمدت في وجوه كل الغزاة والمحتلين والمجرمين.

هي مثل أهلها لن يستطعوا اقتلاع جذورها من تلك الأرض المباركة مهما أحرقوا ومهما كسروا ومهما احتطبوا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل