“نحن سوريا”.. نازحون ولاجئون سوريون يحددون شروطهم للعودة

فريق التحرير21 يوليو 2020آخر تحديث :

مالك الخولي – حرية برس:

أظهر مسح ميداني أعدته “الرابطة السورية لكرامة المواطن” واشتمل عينة تمثيلية كبيرة من النازحين داخليا وفي بلدان اللجوء أن معظم المهجرين يشترطون رؤية حل سياسي شامل يضمن حقوقهم إلى جانب رحيل نظام الأسد وتفكيك الأجهزة الأمنية ووقف التجنيد الإلزامي وإطلاق سراح معتقلي الرأي.

وشملت الدراسة التي استغرق إعدادها ستة أشهر 1100 مهجر سوري موزعين على مناطق شمال غرب سوريا (إدلب وحلب) ولبنان وتركيا والأردن ومصر وأوروبا.

وقال المحامي سامر الضيعي، عضو الرابطة السورية لكرامة المواطن، إن التقرير هو جزء من خطة عمل الرابطة والتي تعمل على مناصرة وحماية حقوق اللاجئين السوريين، حيث يسعى الى إيصال الرأي العام لدى عينة من المهجرين حول موضوع العودة والشروط الهامة حول عودتهم ورغبتهم في العودة وفق واقعهم الحالي وأماكن إقامتهم بالإضافة لأسباب تهجيرهم والفترات الزمنية والجهات التي كانت مسيطرة لحظة التهجير والسيطرة الحالية على المناطق وانعكاسها على موضوع العودة، بالإضافة الى كونه يحوي ثروة من البيانات والتحليلات لمساعدة صانعي السياسات على اتخاذ القرارات بناءً على وجهات النظر المباشرة التي تم جمعها من 1100 نازح سوري.

وتزامن صدور التقرير مع قرار الحكومة اللبنانية قبل أيام تشكيل “لجنة متابعة إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بأمان وكرامة”، وفي هذا الصدد، رأى المحامي محمد الجوجة وهو عضو الهيئة العامة للرابطة السورية لكرامة المواطن، أنه “لا يمكن للدولة اللبنانية أن تقيم بمفردها أن الوضع في سوريا أصبح آمناً وملائماً لعودة اللاجئين، خاصة بعد صدور تقارير عن الخارجيتين الألمانية والهولندية صنفت سوريا كدولة غير آمنة لعودة اللاجئين”.

واعتبر الجوجة أن أخطر ما في الخطة هو ما ورد فيها عن إعادة تفعيل اتفاقية استرداد المطلوبين مع النظام مما يعرض حياة الآلاف من اللاجئين الذين فروا من البلاد خوفاً على حياتهم كونه يوجد ملاحقات أمنية بحقهم على خلفية مشاركتهم في الثورة ضد النظام، وتنفيد قرارات الإبعاد بحق من حوكموا أمام المحاكم العسكرية اللبنانية أيضاً على خلفية مشاركتهم بالثورة ضد النظام، مضيفاً أن إعادة اللاجئين إلى سوريا بالتنسيق مع النظام وقبل بدء عملية سياسية حقيقية تؤمن بيئة آمنة لعودة المهجرين ستعرض حياة آلاف اللاجئين لتهديد الموت والتصفية على أيدي الأجهزة الأمنية.

وبالعودة إلى التقرير الذي حمل عنوان “نحن سوريا”، ركز المسح الميداني على بيان أسباب النزوح، والوضع الحالي، والحالة التي يحتاج المهجرون إلى رؤيتها تتحقق في سوريا من أجل أن يقرروا العودة، وفق الآتي:

أسباب النزوح: الأسباب الأمنية

بحسب التقرير، كانت الأسباب الأمنية هي السبب الأبرز لمغادرة السوريين لديارهم منذ عام 2012، حيث غادر 98٪ منهم في ذلك العام بسبب أن مشكلة أمنهم وأمانهم هي السبب الرئيسي وراء فرارهم. وتشمل أسباب النزوح المتعلقة بالأمن أشكالاً مختلفة من التهديدات: الخوف من الاعتقال، السلطة غير المقيدة للأجهزة الأمنية، النزوح القسري، غياب سيادة القانون، التجنيد القسري… كان هذا يمثل – بشكل لا لبس فيه – الدافع الرئيسي للمغادرة والرحيل لكلٍ من اللاجئين (86 ٪) والنازحين (96 ٪) الذين تمت مقابلتهم.

العوامل الاجتماعية

وأظهر المسح أن العوامل الاجتماعية كانت ثاني أكثر الأسباب شيوعاً، وغالباً ما كانت سبباً إضافياً وراء قرار مغادرة اللاجئين (38٪) والنازحين داخلياً (25٪) الذين تمت مقابلتهم. وتشمل هذه الأسباب مثلاً انفصال الأسرة، والانقسامات في المجتمع الناتجة عن الصراع والوضع السياسي، والتغيرات في طريقة الحياة. وتم اختيار المجموعة الثالثة من الأسباب، التي وُصفت بأنها مخاوف اقتصادية، على الأقل من قبل اللاجئين (33٪) والنازحين داخلياً (20٪).

الظروف الراهنة

وجاء في التقرير أن معظم النازحين السوريين (73٪) أعربوا عن الرغبة في العودة إلى ديارهم إذا توفرت الظروف المناسبة، وهو ما يتفق مع العديد من الدراسات. وبالتطبيق على عدد النازحين بسبب الحرب، تشير هذه النسبة المئوية إلى أن أكثر من 9 ملايين ينوون ممارسة حقهم في العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى منازلهم في سوريا. وتعتبر نية العودة أكثر بروزاً لدى النازحين داخلياً بنسبة (92٪) ولدى اللاجئين بنسبة (62٪)، وهو اختلاف يبدو أكثر وضوحاً بين النساء. ومن الواضح أن هذا الاختلاف يأتي مدفوعاً بالظروف المعيشية القاسية للغاية التي تواجهها النساء النازحات مقارنة باللاجئات. ومع ذلك، فإن الدافع للعودة لا يأخذ في الاعتبار ظروف المعيشة الحالية فقط: إن أكثر من نصف الذين تم سؤالهم والذين قالوا بأنهم يشعرون بالاستقرار في موقعهم الجديد قالوا أنهم ما زالوا يريدون العودة إلى ديارهم (66٪). وهذا يشير إلى أن غالبية النازحين لن يتنازلوا عن حقهم في العودة الآمنة والطوعية والكريمة، طالما كانت الظروف المناسبة متوافرة.

وشدد التقرير على أن أحد العناصر الحاسمة للعودة الآمنة والكريمة والطوعية هو الوصول إلى المعلومات التي يمكن أن يعتمد عليها النازحون حول ظروف العودة والعملية المصاحبة لها. لقد كان عدد مذهل من المستطلعين (87٪) واثقين من أن لديهم معلومات كافية من خلال القنوات غير الرسمية – مثل أفراد الأسرة ووسائل الإعلام – للحكم على ما إذا كانت شروط العودة مستوفاة في مناطقهم الأصلية. ومع ذلك، كشفت أسئلة أخرى أن الغالبية (80٪) لم تكن على دراية بالمكونات التي يُحتمل أنها سوف تهدد حياتهم في متطلبات النظام للعودة مثل ’وثيقة المصالحة‘ التي يمثل توقيعها اعترافاً من الشخص بارتكابه لانتهاك قانوني أدى إلى مغادرته البلاد.

شروط العـودة: حل سياسي شامل

وفق المسح الميداني، يريد ثلاثة أرباع النازحين السوريين رؤية حل سياسي شامل يضمن حقوقهم قبل أن يشعروا بالأمان في العودة. وفي حين سلط المسح الضوء على مجموعة من المخاوف والظروف المحددة التي يرغب النازحون السوريون في رؤيتها تحدث وتتحقق قبل أن يتمكنوا من العودة بأمان، قالت الغالبية (73٪) أنه يجب وضع اتفاق رسمي قبل أن يثقوا في حدوث هذه التغييرات. وأكّد عدد كبير من المستطلعين (75٪) على أن يكون هناك دستور جديد ’يعبر عن إرادة الشعب‘. وذكروا أيضا أن القوانين القائمة التي سنها النظام تمثل عقبة أمام العودة.

الظروف الأمنية

بين التقرير أن الظروف الأساسية لعودة الغالبية العظمى من النازحين السوريين مرتبطة بـ’الظروف الأمنية‘. إن النازحين لا يثقون في الضمانات الأمنية التي يقدمها النظام أو حلفاؤه، وهم ليسوا على استعداد للمخاطرة بالعودة إلى منازلهم تحت ظروف لا يزال فيها النظام راسخاً ومسيطراً، نظراً لأن أجهزته الأمنية تخترق وتتخلل جميع مناحي الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرته.

إصلاح القطاع الأمني

وأوضح التقرير أن الأولوية الأولى للغالبية العظمى من المشاركين في الدراسة (73٪) تتعلق بالحاجة إلى إصلاح قطاع الأمن وكبح سلطاته على الحياة المدنية. ودعت شريحة أكبر (82٪) إلى تفكيك كامل للأجهزة الأمنية الحالية وإصلاحها بطرق من شأنها ’ضمان تركيز أدائها على وظيفة الأمن الداخلي، التي تضمن أمن المواطنين وتحميهم بما يتوافق مع القوانين‘.

المعتقلون:

وكشف التقرير أن مصير المعتقلين هو من أهم أولويات النازحين (64٪). وطالب معظمهم (82٪) ’بالإفراج الكامل وغير المشروط عن جميع المعتقلين الذين اعتُقلوا بتهمة الانشقاق أو اتهموا بأنشطة أو مشاعر معادية للنظام، وكشف مصير المختفين قسرياً، والإفراج عنهم أو تسليم جثث أولئك الذين لقوا حتفهم في السجن لعائلاتهم‘… مما يدل على أولوية الاهتمام الذي توليه مجموعة واسعة من السوريين من جميع الفئات لهذه القضية.

التجنيد العسكري الإجباري:

وبحسب التقرير، يرغب معظم المشاركين في الدراسة من الذين يرغبون في العودة في رؤية التجنيد الإجباري العسكري إما ملغياً أو أن يتم تعليقه لمدة 5 سنوات على الأقل (84٪).

رحيل النظام السوري:

اعتبر عدد كبير من المشاركين (81٪) ممن يرغبون في العودة أن ’رحيل النظام بكل عناصره وشخوصه الرئيسية‘ شرط أساسي للعودة، في حين أن نسبة صغيرة (12٪) قالت إنها راضية ومكتفية بـ ’رحيل رئيس النظام السوري‘.

الأمن العام:

ووفق المسح الميداني، أشار أغلبية المشاركين (74٪) إلى أن الشعور العام بالأمن المجتمعي هو شرط مسبق رئيسي للعودة. ويتفهّم معظم من تم إجراء مقابلات معهم ذلك على أنه يشمل استعادة الثقة داخل المجتمعات وبين أفراد الأسرة بعد النزاع الطويل. وتم اختيار خيار ’إنهاء العمليات القتالية‘ وحسب بواسطة شريحة أصغر، ولكنها لا تزال مهمة (60٪).

بالإضافة إلى العوامل المتعلقة بالأمن، سلطت الدراسة الضوء على ثلاثة مجالات أخرى مهمة، وهي الخدمات العامة، والتعليم والروابط الاجتماعية والعائلية.

وقدم التقرير توصيات إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمواصلة الضغط الاقتصادي والسياسي على النظام السوري والمساعدة في إيجاد مشاركة مشروعة للسوريين النازحين بطريقة مباشرة وفعالة في العملية السياسية بجنيف، وضمان المشاركة الفعالة والهادفة للنازحين السوريين في عمل مكتب المبعوث الخاص ومفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، وزيادة ومواصلة التمويل للبلدان المضيفة المجاورة مع ضمان تضمين مشروطية في العلاقات مع اللاجئين، بالشكل الذي يمنع تسييس اللاجئين وتجريدهم من إنسانيتهم، والحفاظ على العقوبات المستهدفة؛ مثل عقوبات الولايات المتحدة / الاتحاد الأوروبي وتنفيذ ’قانون قيصر‘ كأدوات أساسية في الضغط على النظام السوري وحلفائه الرئيسيين لبدء إجراء تغييرات كبيرة في الظروف الأمنية، وكذا الانخراط في مفاوضات سياسية ذات مغزى؛ بما من شأنه أن يؤدي إلى حلٍ مستدام وشامل، ومنع المزيد من التصعيد والنزوح بين السوريين.

وأوصى التقرير مكتب المبعوث الخاص بالتفاوض وتقديم آلية تضمن الحقوق والحد الأدنى من شروط العودة التي يعبر عنها اللاجئون والنازحون كجزء أساسي من أي حل سياسي وتحديد عناصره المنفردة واحداً واحداً، مثل الدستور أو الانتخابات الجديدة ذات المصداقية.

وجاء في التوصية إلى مفوضية شؤون اللاجئين وجوب مراعاة ماهية معايير الحد الأدنى أو عتبات الحد الأدنى لشروط العودة التي حددها وعبّر عنها النازحون السوريون. والانخراط مع النازحين في سوريا لتقييم العتبات الحالية وتعديلها بما يتماشى مع وجهات نظرهم. وكذلك إشراك السوريين النازحين باستمرار في عملية مراقبة وتحديث الحدود الدنيا وظروف العودة. وتوفير معلومات واضحة وفي الوقت المناسب حول الظروف الحالية وكذا العمل الذي يتعين القيام به لتلبية أي شروط أساسية للعودة.

كما أوصى التقرير البلدان المضيفة بضمان توفير الخدمات والمساعدات والحقوق القانونية للاجئين والعمل على توفير استمرارية واستدامة الرعاية لهذه المجتمعات لمنع العودة المبكرة وغير الآمنة. ومنع تسييس اللاجئين والعمل على مكافحة الخطاب والسلوكيات البغيضة والمهينة التي تتحرك ضدهم، والتي تتسبب في آثار نفسية سلبية، وقد تؤدي إلى العودة المبكرة وغير الآمنة.

وأوصى المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الدولية بالدعوة والعمل من أجل تأمين تسوية سياسية شاملة لسوريا، بما في ذلك إيجاد آليات لتلبية شروط عودة اللاجئين والنازحين داخليا، حتى يتمكنوا من العودة إلى الوطن بأمان وبصورة طوعية وكرامة. وقال إن المجتمع المدني يقدم المساعدة والمناصرة للاجئين والأشخاص النازحين داخلياً داخل سوريا والدول المجاورة؛ ويجب العمل معاً للضغط على الدول المضيفة والمانحين والجهات الفاعلة السياسية لزيادة المساعدة والحماية للسوريين في أماكن النزوح، والدعوة لزيادة أماكن إعادة التوطين.

والرابطة السورية لكرامة المواطن (SACD) هي حركة شعبية ترتكز على الحقوق المدنية؛ وتنشط على المستوى القاعدي الشعبي، وقد أسسها مواطنون من مناطق مختلفة من سوريا لخدمة الشعب السوري. وهي حركة مجتمعية شعبية ليس لها انتماء سياسي؛ وهي تعمل على مناصرة وحماية وتأمين حقوق اللاجئين والنازحين السوريين أينما كانوا. بحسب تعريفها.

للاطلاع على التقرير كاملا اضغط هنا

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل