كتاب جديد عن ترامب.. لكن بعيون عربية

فريق التحرير4 يوليو 2020آخر تحديث :

حرية برس:

منذ وصول ترامب إلى السلطة بدأ العالم يغلي، وحار الكتاب والمحللون في فهم طبيعة السياسة الأمريكية الجديدة، فبعضهم عزاها إلى طبيعة الرئيس الأمريكي وبعضهم رأى فيها خطة جديدة للإدارة الأمريكية، وذهب آخرون مذاهب شتى، في ظل الإشكال في تمييز ما يصدر عن أمريكا كدولة، وما يصدر عن أمريكا ترامب. ولهذا كثرت الكتب والأبحاث الأمريكية والأوربية التي تتناول شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسياساته.. أما هذه المرة فإن الأمر مختلف، إذ ظهر كتاب جديد يتحدث عن ترامب وسياسته.. ولكن بعيون عربية، وهو كتاب صغير من تأليف الكاتب السوري محمد علي النجار، وقد جاء تحت عنوان صادم (دونالد ترامب – رئيس أمريكي أم عميل روسي؟)

الكتاب عبارة عن تحليل لمجموعة من سياسات الرئيس الأمريكي، تتضمن تحذيرا صارخا للشعب الأمريكي والشعوب العربية، والجديد في هذا الكتاب أنه يسلك مسلكا جديدا في تحليل سياسة دونالد ترامب. ففي حين اعتاد منتقدو سياسة ترامب وصفه بالجهل أو الجنون والاضطراب، فقد ذهب الكاتب إلى أن أفعال ترامب في غاية الاتساق والرتابة، وهي تنظوي على خيانة عظمى للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة، إلا أنه استطاع أن يغلفها بغلاف من الجهل والجنون والأطماع الشخصية، ليبعد الشبه عن نفسه.

يميل المؤلف إلى اتهام ترامب بالعمل لصالح الروس، ويرى أن لديه مهمتين:

الأولى: تدمير أمريكا خارجيا، وذلك عبر سحب الجيش الأمريكي عشوائيا من مواقع مختلفة من العالم وإثارة الفتن بين حلفاء أمريكا في المنطقة وعلى رأسهم دول الخليج وتركيا ومصر بهدف فتح الطريق للروس والإيرانيين، وفي هذا السياق تأزمت العلاقة بين قطر وجيرانها، واغتيل جمال خاشقجي في إسطنبول، إذ يرجح الكاتب وجود أصبع للرئيس الأمريكي في كل ذلك. كما يرى الكاتب أن لدى ترامب مخطط لتفتيت الاتحاد الأوربي لصالح الروس والصينيين، وآخر للانسحاب من العراق والخليج العربي لصالح الإيرانيين.

المهمة الثانية: تدمير أمريكا داخليا، عبر تغذية التطرف الديني والعرقي، وفي هذا السياق جاء قتل جورج فلويد أمام الكاميرات، وكانت تصريحات ترامب المتشددة التي لم تنقطع منذ وصل إلى البيت الأبيض.

يحذر الكاتب الشعب الأمريكي من إعادة انتخاب ترامب فيقول: (إن أخطأ الأمريكيون في الانتخابات القادمة وانتخبوا ترامب مرة أخرى فلن تمضي سنوات قليلة حتى يستيقظوا يوما ليشاهدوا الجنود الروس يشربون الفودكا على شواطئ نيويورك، أو الجنود الصينيون يصطادون الحشرات في غابات كاليفورنيا).

عناوين الكتاب الداخلية:

تضمن الكتاب خمسة عناوين:

العنوان الأول: (“أوستن تايس” بـين نظام الأسد وترامب – معلومات وخفايا)، يحوي حديثا عن قضية كثيرا ما أثارها الرئيس الأمريكي، وهي قضية الصحفي الذي خطفه نظام الأسد في عام 2012م، ويتساءل الكاتب؛ كيف يستقيم الحرص على استعادة أوستن تايس مع دعم حلفاء ترامب – ابن زايد والسيسي – لنظام الأسد؟ ويعرض فيه مجموعة من المعلومات السرية عن وضع الصحفي المعتقل، والجهة المسؤولة عن خطفه.

العنوان الثاني: جاء بعنوان: (ترامب رئيس أمريكي أم عميل روسي؟) ويتحدث عن عمل حلفاء أمريكا الخليجيين والمصريين لصالح بوتين في إفريقيا وليبيا وسوريا، كما يعرض فيه لمحاولات ترامب تفتيت الاتحاد الأوربي بغية رمي دوله في الحضن الروسي أو الصيني.

العنوان الثالث: تحت اسم (السر خلف قيام ترامب باغتيال قاسم سليماني) يرى الكاتب فيه أن اغتيال قاسم سليماني جاء مقدمة لتسليم العراق للإيرانيين بشكل رسمي، لكن رفض المؤسسات الأمريكية لنتائج العملية أدى إلى تبطئة عملية الانسحاب، ولكنها ستتم، ويُتَوَقَّع أن تتبعها عملية استفزازية أخرى للإيرانيين، ينسحب ترامب في نتيجتها من الخليج العربي ويسلمه لإيران.

في المقال الرابع: قدم الكاتب مجموعة من التوصيات التي قد تساهم في إصلاح ما أفسده ترامب على المستوى العالمي أو الداخلي الأمريكي، ويتضح أنه قد ركز فيه على القضايا والحلول التي تساهم في ردع التمدد الروسي والإيراني في المنطقة العربية.

وأما المقال الختامي فهو عبارة عن ملحق يناقش فيه الكاتب السياق الذي ظهرت فيه مذكرات جون بولتون، فيقول: (لا أقول إن مذكرات بولتون جزء من خطة ما، ولكنها لا تخرج عن جو النفاق السياسي الذي يعيشه المجتمع الأمريكي.. إذ يسمح للجميع بالكتابة، ولكن ضمن حدود لا يستطيع أحد تجاوزها). ويقول: (صحيح أن مذكرات بولتون تضر بأصوات ترامب إلى حد ما في انتخاباته القادمة في شريحة المترددين خاصة، إلا أنها قدمت له خدمة كبيرة متمثلة بنفي تهمة الخيانة والعمل لصالح الروس عنه تماما. إذ كل ما فعله الرئيس الأمريكي من انسحابات مدروسة لصالح الروس والإيرانيين كانت عبارة عن أخطاء فقط لا أكثر، بحسب بولتون الصادق في نظر الأمريكيين اليوم).

الحقيقة أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أثرت على العالم كله كما أثرت على الداخل الأمريكي.. ولعله أكثر شخصية جدلية تناولتها وسائل الإعلام في العالم كله خلال السنوات الأربع الماضية.. فإثر وصوله إلى السلطة زار السعودية وحصل منها على عقود بمئات مليارات الدولارات، واندلعت إثرها أزمة الخليج وقتل الصحفي جمال خاشقجي، واشتعلت الحرب الاقتصادية بين الأمريكيين والصينيين، وألغى الرئيس الأمريكي الاتفاق النووي مع إيران واغتال قاسم سليماني، ونفذ انسحابات مختلفة من المواقع التي كان يحرص الأمريكيون على التواجد فيها.

وفي عهده قُتل جورج فلويد وعصف فيروس كورونا بالشعب الأمريكي، ووقِّع قانون قيصر. لكن هل كان كل ذلك عبارة عن خطأ بدأه الأمريكيون في صناديق الاقتراع، وأكمله ترامب، أم هو تخطيط محكم كما يرى مؤلف الكتاب؟

سؤال يطرحه كثيرون، ولكنه لم يجد إجابة شافية حتى اليوم. ويبقى هذا الكتيِّب الصغير شيئا جديدا لم يقدمه الآخرون، وإن صدق بعض ما فيه فالمنطقة العربية مقبلة على خطر عظيم.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل