في محنة اليتم التي عاشتها الثورة السورية، أصبح السوريون يشعرون بمن وقف محايداً من قضيتهم بأنه مقرب حميم منهم بعد أن تكالبت عليهم أمم الأرض.
من أجل ذلك يجد الكثير من السوريين أن قانون قيصر يمثل ضربة قاسية والبعض الآخر يعتبره ضربة قاصية وقاضية لنظام الأسد.
لكن كما يقول المثل الشعبي “إلي يجرب مجرب عقله مخرب”.
– هل يستطيع أحد أن ينكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي منعت إدخال مضادات الطيران للثورة السورية بينما كانت طائرات الأسد وحلفائه تدمر القرى والمدن فوق رؤوس أهلها؟.
– هل يستطيع أحد أن ينكر كيف تخطى وتجاوز نظام الأسد بسلام كل التحذيرات الأمريكية بإستخدام الاسلحة الكيماوية ضد الأبرياء واكتفت أمريكا بمعاقبته بتصريحات إعلامية فارغة؟.
– هل يستطيع أحد أن ينكر أن الخط الأحمر الأمريكي لإستخدام السلاح الكيماوي كان بمثابة إعطاء ضوء أخضر لإبادة الشعب السوري وتدمير سوريا بكافة صنوف الأسلحة الأخرى؟.
– هل يستطيع أحد أن ينكر أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت مراراً وتكراراً أن لا أحد سيحسم المعركة لصالحه عسكرياً من أجل إطالة عمر الحرب وتدمير وقتل أكبر عدد ممكن من سوريا والسوريين؟.
– هل يستطيع أحد أن ينكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أول من رفع عن الأسد ونظامه غطاء الشرعية في حين حافظوا على كرسيه في مجلس الأمن الدولي وكان مندوبه يحاضر فيهم وبالعالم أجمع بالمبادئ والاخلاق والقيم على مدار عشر سنوات؟.
– هل يستطيع أحد أن ينكر أن أوباما كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية “العظمى” قال مراراً وتكراراً أن أيام الأسد باتت معدودة في حين ولت كامل سنوات الرئيس الأمريكي نفسه، وولت من بعدها سنوات الرئيس الآخر والمجرم الأسد لا يزال يتربع على كرسي السلطة “كالطاووس”؟.
فسوريا بالنسبة للأمريكان ليست سوى ميدان كرة قدم يتسلون بمشاهدها لا أكثر ولا أقل، رغم أنها تحولت بفضل ما قاموا به إلى بركة دم و عبر عشر سنوات غرق فيها ملايين من السوريين ما بين شهيد وجريح ومشرد.
ضمن هذه المعطيات أخوف ما أخاف أن يكون قانون قيصر ليس إلا “ذر الرماد في العيون” و إعطاء إبر تخدير للشعب السوري إلى حين الوصول إلى إنتخابات “الرئاسة” العام المقبل ٢٠٢١ المقررة حسب مسرحية الديمقراطية لدى النظام الأسدي، خاصة أنه جاء القانون مع تزامن إشاعات كثيرة عن تخلي الروس عن ابنهم البار أيضاً.
و الكل يعلم أن أي انتخابات تجري في سوريا في ظل نظام الأسد الاستخباراتي الإرهابي سيفوز الأسد حتى لو وقف الأمين العام للأمم المتحدة على كل صندوق إنتخابي وبنفسه، وبنجاح الأسد عبر صناديق الانتخابات المزعومة سيجدون أنفسهم محرجين أمام مهزلة الديمقراطية والشرعية لكي يعيدوا له غطاء الشرعية باعتباره خيار الشعب السوري كما سيزعمون.
لو عدنا إلى قانون قيصر نجد أن الامريكان يتعاملون مع نظام الأسد وكأنه أحد الدول الإسكندنافية مرة يضعون له خطوط حمراء ومرة يريدون إسقاطه بالحصار الإقتصادي، وهم على كامل اليقين أن هذا النظام المجرم لا يقبل القسمة لا على واحد ولا على مليون.
لكن بكل الأحوال في ظل الظلم العظيم الذي تعرض له الشعب السوري والثورة السورية فإن قانون قيصر يعتبر من الناحية المعنوية انتصارا مقبولا لمظلومية هذا الشعب وهذه الثورة فعلى الأقل أعاد اعتبار للشعب السوري على أنه ضحية بعد أن حاول الكثيرون تأطيره ضمن إطار الإرهاب في محاولة قذرة لتبرير كل جرائم الأسد التي ارتكبها بحق السوريين الأبرياء.
Sorry Comments are closed