ياسر محمد- حرية برس:
قبل يوم واحد من دخول الحزمة الأولى من قانون “قيصر” (الذي يبدأ غداً الأربعاء 17 حزيران)، هوت الليرة السورية إلى مستويات قياسية جديدة أمام الدولار وباقي العملات، ولكن بتباين كبير بين مناطق النظام والمعارضة، فيما بدأ التنافس يشتد بين حواجز نظام الأسد على الأتاوات والتكسب من طرق التجارة، وهو ما يشي بصراع يأكل فيه النظام نفسه من جراء الصراع على مكاسب الحرب.
الليرة تهوي في إدلب
وفي التفاصيل، عاودت الليرة السورية سقوطها المدوي أمام العملات العالمية، اليوم الثلاثاء، فسجّلت الليرة أمام الدولار الأمريكي في أسواق إدلب اليوم، 3500 ليرة مبيعاً، و3300 شراء، وأمام اليورو 3972 مبيعاً، و3740 شراء، وأمام الليرة التركية 512 مبيعاً، و481 شراء.
أمّا في دمشق، فقد شهدت الليرة أمام الدولار تدهوراً أقل حدّة، حيث سجّلت 2700 ليرة مبيعاً، و2600 شراء، وأمام اليورو 3064 مبيعاً، و2945 شراء، وهذه أول مرة يكون فيها الفارق بين أسعار الصرف في مناطق النظام والمعارضة كبيراً إلى هذه الدرجة، ما يعكس التخبط وفقدان السيطرة.
وبعد تحسّنها المؤقت أمام العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية، عادت الليرة إلى التدهور قبيل تطبيق قانون قيصر المقرر يوم غد الأربعاء، مع توقعات بأن تشهد انهياراً كلياً وتخرج من التداول بعد تطبيق القانون.
عصابات النظام تتصارع على مكاسب الحرب
مع بدء تدفق النفط بشكل رسمي وعلني من مناطق “قسد” إلى مناطق النظام، برعاية روسية، قبل يومين، زادت حدة الصراع بين روسيا وميليشيات إيران وقوات الأسد التي تتحكم بخط سير قوافل النفط والتجارة بين شرقي سوريا والساحل السوري حيث مصفاة بانياس، ووسط سوريا حيث مصفاة حمص.
وكانت روسيا أمرت بشار الأسد قبل أيام بتوجيه أوامر لأخيه “ماهر الأسد” قائد الفرقة الرابعة في قوات الأسد، لسحب حواجز الفرقة من سائر الحواجز خارج دمشق والطرق المؤدية إليها، ومن جنوب سوريا ووسطها ومناطق حلب التابعة لسيطرة النظام، إلا أن الأمر قوبل برفض مطلق من “ماهر الأسد” الذي يتحكم عن طريق عناصره بطرق التجارة والإمداد ويفرض أتاوات وضرائب على التجار، كما يتحكم بالبضائع الواردة من الموانئ ويتقاسم مع “الجمارك” الضرائب والرشى المفروضة عليها.
وبدا التنافس بين الميليشيات الإيرانية و”الفرقة الرابعة” من جهة، والميليشيات الروسية و”المخابرات الجوية” من جهة ثانية، أكثر وضوحاً في مناطق التماس مع المعارضة بريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، ويمتد التنافس بين الطرفين بطبيعة الحال إلى المناطق الحدودية (اللبنانية والعراقية والأردنية)، وباقي مناطق التماس مع “قسد” والتي من المفترض أن تشكل متنفساً اقتصادياً مهماً للنظام في ظل قانون “قيصر”، ومورداً مالياً مهماً بالنسبة للميليشيات التي ستسيطر وتتحكم في معابر التهريب، وتحتكر السلع.
الأثر الاقتصادي المتوقع
في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، سلطت وكالة رويترز الضوء على قانون “قيصر” والأثر الذي سيتركه على النظام والأطراف الدولية والمواطن السوري.
وقالت الوكالة إنه من المتوقع أن تعمل العقوبات على إثناء المستثمرين بدرجة أكبر عن دخول سوريا وتعميق عزلتها عن النظام المالي العالمي. ويقول خبراء في الشأن السوري إن العقوبات تقضي على أمل سبق أن داعب دمشق وموسكو في بدء حملة عالمية لإعادة البناء قبل مرحلة انتقال سياسي ترضي الغرب.
ويقول مصرفيون إن لبنان الذي يعد معبراً تقليدياً للسلع والتمويل إلى سوريا سيتضرر بشدة إذ ستضطر الأعمال التي تربطها صلات بدمشق إلى التعامل مع المخاطر الجديدة.
ويقول رجال أعمال إن شركاء أعمال آخرين في الأردن والإمارات أصابهم التوتر وبدأوا يتخلون عن خطط للاستثمار في سوريا. وفق رويترز.
وتمنح العقوبات الجديدة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سلطات أوسع لتجميد أرصدة أي فرد أو طرف يتعامل مع نظام الأسد، بغض النظر عن جنسيته وتغطي عدداً أكبر بكثير من القطاعات من البناء إلى الطاقة.
كما يستهدف قانون العقوبات للمرة الأولى من يتعاملون مع كيانات روسية وإيرانية في سوريا وهو ما يوجه ضربة لحلفاء نظام الأسد.
وعلى الرغم من أن قانون “قيصر” يعفي واردات السلع الغذائية الضرورية وغيرها من ضرورات إنسانية، لكنه يشدد الفحص لمساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية لضمان عدم استفادة نظام الأسد منها، لكن خبراء يتوقعون أن يعاني المواطن العادي أكثر، لأن النظام يتعمد الإتجار بمآسي الموالين له لإظهار “مظلوميته” أمام الرأي العام العالمي.
عذراً التعليقات مغلقة