ياسر محمد- حرية برس:
نجحت الولايات المتحدة وفرنسا في توحيد صفوف عدة أحزاب ومؤسسات كردية سورية، واتفقت تلك الفاعليات الكردية على 5 مبادئ، منها أن “الكُرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في حل قضيتهم القومية”، وهذا ما يفتح الباب على صراع عرقي طويل ويمهد لتقسيم سوريا وفق رأي خبراء ومحللين.
وفي التفاصيل، وبعد أسابيع من مساعٍ بذلتها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، توصلت قوى وأحزاب كردية في شمال شرق سوريا إلى رؤية سياسية تضمنت 5 نقاط، بينها أن “سوريا دولة ذات سيادة، يكون نظام حكمها اتحادي فيديرالي يضمن حقوق جميع المكونات”، واعتبار “الكُرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في حل قضيتهم القومية”.
وتضمن الاتفاقات، وفق صحيفة “الشرق الأوسط”، المطالبة بـ”الإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة، وفق العهود والمواثيق الدولية”، و”تشكيل مرجعية كردية تمثل جميع الأحزاب والتيارات السياسية وممثلي المجتمع الكردي بسوريا”.
هذه المبادئ جاءت ثمرة لعمل أميركي فرنسي مكثف، فقد عقد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، ويليام روباك، 4 جولات من المباحثات المباشرة، 3 منها الشهر الماضي، ورابعة كانت بداية الشهر الحالي في قاعدة أميركية بالحسكة ضمت قادة “حزب الاتحاد الديمقراطي” السوري من جهة، ورئاسة “المجلس الوطني الكردي” المعارض من جهة ثانية، بمشاركة مظلوم عبدي قائد ميليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد). كما عقد اجتماعات منفصلة مع ممثلي “التحالف الوطني” الكردي وأحزاب الإدارة الذاتية و”الحزب التقدمي” الكردي.
ودخلت فرنسا على خط المحادثات، وعقد وفد دبلوماسي من خارجيتها على مدار 3 أيام متتالية اجتماعات مكثفة مع جميع الأطراف المعنية بين الخامس والثامن من الشهر الحالي بقاعدة عسكرية للتحالف الدولي في بلدة رميلان النفطية، وتوصلوا إلى تفاهمات سياسية مشتركة، على أن تبدأ جولة ثانية من الاجتماعات نهاية هذا الشهر، ومناقشة باقي القضايا الخلافية، على أن تفضي إلى تشكيل وفد كردي موحد للمشاركة في المحافل الدولية الخاصة بالأزمة السورية، واتخاذ موقف واحد من النظام والمعارضة.
هذه المساعي واجهتها تركيا بحزم، وقال وزير خارجيتها، مولود جاووش أوغلو، قبل أيام، إن بلاده لن تسمح بدمج إرهابيي “قسد” وشركائهم مع المكونات الكردية الأخرى، لتعويم “قسد” وشرعنتها، كما أن مكونات كردية رئيسة ترفض هذا التوجه العرقي الانفصالي، ويتبنى هذا الرفض كل القوى المعارضة لنظام الأسد أو القريبة من تركيا وذات التوجه الإسلامي.
هذا وقد حذر خبراء من صراع كردي- عربي، قد يشتعل على خلفية مساعي الولايات المتحدة وفرنسا لإنشاء هيكل كردي جديد في الشمال السوري، يهدف لتقسيم سوريا.
وقال تقرير في صحيفة “حرييت” التركية، ترجمته “عربي21″، أن الولايات المتحدة أقرت بشكل واضح بدعمها لـ”قسد” التي منيت بهزائم في عمليتي “غصن الزيتون” و”نبع السلام” التركيتين، ولا تعطي الحق للقبائل العربية بالعيش في الشمال السوري.
وأضاف التقرير أن المنظمة الكردية الإرهابية (قسد)، مارست التطهير العرقي في الشمال السوري ضد القبائل العربية، التي أرغمتها بالضغط والتهديد على مغادرة منازلها، وأجبرت أبناءها على الانضمام إليها بالإكراه، ومن يرفض ذلك يتم قتله.
بدوره قال الخبير الأمني التركي إسماعيل حقي بكين، إن قيادة القوات المركزية الأمريكية، تحاول إنشاء هيكل كردي جديد، وتريد إبقاء القبائل العربية في الخلفية.
وأضاف، أنه إذا استمر هذا الواقع على هذا المنوال، فإن صراعا كردياً- عربياً، قد ينشأ في المنطقة، خاصة أن القبائل العربية غير مرتاحة للخطوات الأمريكية، وتريد البقاء ضمن هيكلها الخاص.
ولفت إلى أن روسيا وإيران والنظام، على اتصال مباشر مع القبائل العربية في شمال شرق سوريا، ويعملون على تحريضها ضد القيادة المركزية الأمريكية.
وتبدو الأمور في شمال شرق سوريا هي الأعقد على المدى الطويل، إذ إن “قسد” والانفصاليين الأكراد يسعون إلى “حكم ذاتي”، وهو ما تدعمه أميركا وفرنسا ومعظم الأوروبيين، ويبقى الصراع مفتوحاً بين المكون الكردي والمكون العربي القبلي الوازن في المنطقة، كما أن غنى المنطقة بالثروات (النفط) يجعل الصراع عليها أشد وأشرس.
عذراً التعليقات مغلقة