خيارات الأسد الخطيرة في مواجهة معضلة رامي مخلوف

فريق التحرير7 مايو 2020آخر تحديث :
تسب رامي مخلوف بصدع غير مسبوق في صفوف الموالين لنظام الأسد

اعتبر معهد الشرق الأوسط أن رجل الأعمال المدرج على لائحة العقوبات الأميركية، رامي مخلوف، الذي ظهر في مقطعي فيديو مثيرين للجدل بعد خلاف مالي مع حكومة دمشق، بات يشكل تحديا “خطيرا” لابن عمته رئيس النظام بشار الأسد.

وقالت المؤسسة البحثية، التي تتخذ من العاصمة الأميركية واشنطن مقرا لها، في تقرير لها حول رجل الأعمال الذي امتلك نحو 60 في المئة من اقتصاد سوريا في فترة ما قبل الحرب إنه بالخروج في العلن للحديث عن خلافاته “خلق مخلوف صدعًا غير مسبوق في صفوف الموالين، حيث حول نزاعه مع النخبة الحاكمة في سوريا من نزاع كان يخضع لسيطرة محكمة وخلف أبواب مغلقة إلى نزاع مفتوح على الصعيد الوطني لم يُر مثله من قبل منذ مواجهة حافظ الأسد مع أخيه رفعت عام 1984”.

واعتبر التقرير أن مخلوف يمثل تهديدا مباشرا لسلطة الأسد، مشيرا إلى أن كلمته في الفيديو الذي نشر يوم 30 أبريل الماضي حملت لغة تهديد مبطنة، عندما قال: “إذا استمر هذا المسار، ستكون الأوضاع في الدولة بغاية الصعوبة”، وكانت هذه رسالة واضحة بأنه لن يتراجع.

ويشير التقرير إلى أن مقطع الفيديو الأول كان مباشرا ومحاولة أخيرة للحصول على إعفاء من الضرائب التي فرضت على شركته للاتصالات ولحث بشار الأسد على التدخل، وعرض من خلاله تسوية لأوضاعه المالية.

وفي الفيديو الثاني بدا غاضبا وكانت لغته أكثر حدة، بعد أن قال التقرير إن الأمور لم تجر على ما هو مخطط له إذ تم اعتقال ثلاثة من موظفي شركته على مستوى مدراء، وأكد مخلوف في الفيديو أنه لن يستسلم، وانتقد قيام الدولة باستخدام القوة بهذه الطريقة، وهو ما اعتبره التقرير محاولة “لإضعاف” الزعيم السوري على المستوى الشعبي، و”هز” القاعدة الموالية له.

ويشير التقرير إلى الاتهامات والضغوط التي تعرض لها مخلوف وشركاته خلال الفترة الماضية، ومن بينها استحواذ النظام على جمعية “البستان” الخيرية، والتي يعتقد أن السيدة الأولى أسماء الأسد كانت تقف وراءها.

ولم يدخر مؤيدو مخلوف جهدا في توجيه الاتهامات لها عندما وصف قريب له، يدعى سميح، عائلتها بـ”العثمانيين الجدد” في إشارة طائفية إلى هويتها السنية.

واعتبر فراس الأسد، نجل رفعت الأسد شقيق الرئيس السوري، أن الصراع لا يتعلق بالدرجة الأولى بالدائرة الداخلية بقدر ما يتعلق بالرئيس مباشرة. وكتب على فيسبوك “رامي مخلوف يعرف جيدا أن مشكلته ليست مع السيدة الأولى ولكن مع الرئيس نفسه”.

ويشير التقرير إلى أن النفوذ الذي تمتع به مخلوف جعله هدفا لهجوم النظام السوري، فقد بنى جيشا وجمع ثروة هائلة وحقق نفوذا إعلاميا وكون شبكة كبيرة من العلاقات التجارية والعسكرية المعقدة، ما جعله “تهديدا يلوح في الأفق وهدفا مربحا”.

كان يعتمد نظام الأسد على مخلوف في توفير المساعدات المالية والعسكرية خلال سنوات الحرب، لكن مع زيادة قوته وحجم ميليشياته المسلحة، بات محتوما على النظام التحرك ضده الآن بعد أن أصبح “لاعبا خطيرا له الكثير من النفوذ والقوة”.

ويشير إلى أن قوته نمت بشكل “لا يمكن السيطرة عليه خلال الحرب، لكن حينها كانت دمشق غير راغبة أو غير قادرة على قص جناحيه طالما كان الصراع العسكري لا يزال محتدما”.

أما الآن، فيستطيع النظام أن يجد الأشخاص الذين يمكنهم سد الفجوة إذا تم الاستيلاء على إمبراطورتيه، وهناك شخصيات “مستعدة للانقضاض وتوسيع نفوذها في حساب مخلوف في قطاعات مثل الاتصالات والإعلام والعقارات”.

لكن هناك مشكلة تواجه الأسد، هي أن مخلوف لا يزال يحتفظ بدعم كبير داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام، إذ لديه مجموعة من الشركات التي وفرت فرص عمل لعشرات الآلاف من السوريين وأقام مشاريع إنسانية خلقت المتعاطفين والموالين له “وهنا تكمن أكبر معضلة للأسد: إن إخراج مخلوف بلا رحمة يخاطر بفقدان دعم مؤيديه، وإذا لم تسر الأمور وفقا لما هو مخطط لها، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة زعزعة استقرار البلاد”.

التحدي الآخر الذي يواجه الأسد، هو أنه إذا سقط مخلوف في المعركة، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التمزق في نسيج المجتمع السوري، والقبض عليه لن يحل المشكلة أيضا لأنه سيبقى رمزا لشخص يمكنه الدفاع عن نفسه والوقوف ضد بشار الأسد، وإذا أُصيب أو قُتل، فقد يتحول إلى رمز يتم تكريمه وقد يؤدي ذلك إلى حدوث صدوع لا يمكن إصلاحها، وفقا لما ذكره المعهد.

ويأتي كل هذا في وقت يعيش فيه 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وتهدد جائحة كوفيد-19 الاقتصاد بالتوقف. يقول التقرير إن “المخاطر كبيرة بسبب صراع على السلطة بين الدوائر الداخلية للنظام”.

المصدر الحرة
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل