حقائق حول توغل مليشيا “حزب الله” في قرى الشركس بسوريا

فريق التحرير29 فبراير 2020آخر تحديث :
استعراض لآليات مليشيا حزب الله اللبناني في مدينة القصير بريف حمص – أرشيف

بعد عام ونصف على توقيع اتفاق التسوية (المصالحة) في جنوب سوريا، ماتزال بعض القرى الحدودية المحاذية للشريط الحدودي مع الجولان المحتل، شبه خاليةٍ من سكانها الأصليين، نتيجة انتشار عناصر من حزب الله اللبناني، ومليشياتٍ محلية في تلك القرى.

ففي تموز/يوليو 2018 وقَّع النظام السوري اتفاق التسوية مع فصائل المعارضة السورية بضمانةٍ روسية، ما أتاح لدمشق السيطرة على مناطق المعارضة في محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، ونصَّ الاتفاق على عودة المدنيين المهجرين إلى قراهم، وعودة الخدمات الأساسية لمدن وبلدات الجنوب إلى جانب العديد من البنود الأخرى.

إلا أن النظام استغل ملف الخدمات لتحقيق أهداف معينة تصب في مصلحته ومصلحة حلفائه، وبدا التباين واضحاً في تقديم الخدمات الأساسية، إذ لم يقم النظام بتأهيل النقاط الطبية والمدارس وإزالة الأنقاض في غالبية مدن وبلدات محافظتي درعا والقنيطرة، واكتفى بتقديم الكهرباء والمياه بشكل جزئي، وهي الخدمات التي يدفع الناس المال لقاء الحصول عليها ما يحقق مورداً مادياً له، بينما ذهب تركيز دمشق لتقديم خدمات لقريتي بريقة وبئر عجم، والتي يقطنها الشراكس، على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، بحسب ما قال أحد أعضاء لجنة التفاوض في ريف القنيطرة، لـ”أنا برس”.

وأضاف المصدر “على الرغم، من أن قرى الشراكس شبع خالية من سكانها، إذ لم يعد سوى العشرات من الشراكس إلى قراهم، إلا أن النظام أولى اهتماماً بالغاً لملف الخدمات فيها، وعمل على إعادة الإنترنت والكهرباء والماء وصيانة المدارس والمركز الطبي، وإعادة نقاط الشرطة، إلى جانب تقديم إعفاءات وتسهيلات بما يتعلق بتسديد فواتير المياه والكهرباء السابقة”.

وعلى عكس ذلك، فور سيطرة النظام على الجنوب بعد التسوية أجبر سكان قرى “مثلث الموت” -القرى الواقعة عند تلاقي محافظات درعا، القنيطرة، وريف دمشق- على دفع فواتير الكهرباء، التي فاقت قيمة أدناها 170 ألف ليرة سورية (170$)، عن السنوات السابقة، والتي لم تكن أساساً الكهرباء موجودة فيها.

عودة برعاية حزب الله

نتيجة للعمليات العسكرية بين فصائل المعارضة وقوات النظام عام 2012 قرب الشريط الحدودي في ريف القنيطرة، نزح أهالي بئر عجم وبريقة نحو مناطق متعددة داخل وخارج سوريا، وفيما بعد التسوية، لم يعد غالبية سكان تلك القرى. 

ونظراً للأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها قرى الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، سعت إيران ومليشيا حزب الله اللبناني، لزيادة نفوذها في المنطقة، وبناء حاضنة شعبية تساعدها على التوغل والانتشار، لاسيما في قريتي بئر عجم وبريقة، اللتان تعتبران بالنسبة للمليشيات الشيعية مناطق ذات عمق استراتيجي وأكثر أماناً، نظراً لطبيعة هذه القرى العرقية التي ربما تحد من ضربات إسرائيل للمليشيات الإيرانية.

وهو ما يفسره، تقديم الدكتور خالد أباظة، أمين فرع حزب البعث في القنيطرة، وقائد فوج الجولان، رجل حزب الله اللبناني في القنيطرة، لـ”العديد من الاغراءات والمساعدات للعائلات بشأن ترميم المنازل المتضررة، والإعفاء من فواتير المياه والكهرباء الضخمة، بحجة أن المنطقة كانت خاضعة لسيطرة فصائل إرهابية، إلا أنه مع ذلك لا يبدو أن أباظة حتى الآن، نجح بشكلٍ جيدٍ بإعادة العائلات الشركسية لقراها” بحسب ما قال آدم، أحد أبناء بلدة بريقة، النازح إلى مدينة البعث في القنيطرة.

وأضاف آدم الذي طلب من “أنا برس” عدم الكشف عن اسمه الكامل لأسبابٍ أمنية ، إنَّ “فشل” أباظة في إقناع الأهالي بالعودة، “بسبب تخوفهم من استخدامهم كدروعٍ بشرية، وتعريضهم لخطر الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية”.

إذ حضر آدم اجتماعاً لأهالي المنطقة نظمه خالد إباظة قائد فوج الجولان في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، لحثِّ الأهالي على العودة، حيث “وعد أباظة بتقديم المال للمساعدة في ترميم المنازل والإعفاءات المترتبة على ذلك من فواتير ماء وكهرباء وهاتف، وعودة هذه الخدمات مباشرةً، بالإضافة لمركزٍ طبي والشرطة المحلية وتأهيل المدارس الحكومية”.

العرض ذاته، ورد أيضاً على لسان سامر درويش، المقرب من حزب الله اللبناني، ورئيس جمعية البستان في القنيطرة، المملوكة من قبل رامي مخلوف، والتي تقوم بتمويل مجموعات عسكرية من فوج الجولان، إذ “عرض [درويش] تقديم مساعدات مالية لتأهيل المنازل المدمرة، وشراء مفروشات وأثاث للمنازل” بحسب ما قال أحد أعضاء لجنة التفاوض في ريف القنيطرة. 

توغل حزب الله

قبل أشهر تقدم رامي، بطلب إلى مجلس محافظة القنيطرة من أجل الموافقة على دخول قريته بئر عجم لتفقد أحوال منزله الذي تركه قبل 7 سنوات، ومعرفة ما إذا أصبحت القرية آمنة وصالحة للسكن.

إذ طلب مجلس محافظة القنيطرة في وقت سابق من أهالي القرى الحدودي، “تقديم طلبات العودة، من أجل الحصول على تسهيلات وتراخيص لإصلاح وتأهيل منازلنا، بالإضافة للخدمات التي نريدها، لكن الأهالي كانوا يدخلون فقط ليروا أحوال منازلهم، ثم يعودون إلى الشام أو مركز محافظة القنيطرة حيث يقيمون” وفقاً لما قال رامي، أحد أبناء بلدة بئر عجم، لـ”أنا برس”.

وأضاف رامي، “نشرُ فوج الجولان [مليشيا محلية] الذي يعد الذراع الأول لحزب الله في محافظة القنيطرة، نقاطاً عسكرية له داخل منازل المدنيين في منطقة بريقة وبئر عجم، كما استولى على المدرسة الابتدائية في المنطقة ومخفر الشرطة وحوَّلها لنقاطٍ عسكرية له، كنوعٍ من التواجد الغير رسمي، على الرغم من كونها منطقة محظورة السلاح وفقاً لاتفاق 1974 الخاص بوقف إطلاق نار وإنشاء منطقة منزوعة السلاح”.  

وهو ما يؤكده أيضاً، أنس أحد أبناء بلدة بريقة، في حديثه لـ”أنا برس” الذي رفض العودة إلى قريته بعد زيارة لها قبل أشهر، برعاية خالد أباظة، “بسبب التواجد العسكري لحزب الله”.

وأضاف أنس “ينتشر عناصر من حزب الله اللبناني تحت غطاء فوج الجولان، في مناطق متفرقة من القرية بالزي العسكري الرسمي السوري، [وفي البداية] ظننتهم من الجيش السوري أو فوج الجولان، لكن فيما بعد تبين أنهم عناصر لبنانيون، والبعض منهم يقيم مع عائلته في منازل القرية”. مؤكداً أن “القرية شبه خالية من سكانها الأصليين، بإستثناء بعض العائلات التي تربطها علاقة مباشرة مع فوج الجولان عن طريق أقاربهم أو عناصر من أبنائها منتمون للفوج”.

وختم أنس “ما يجري في قرانا أمرٌ خطير، فاستغلال المدنيين كدروعٍ بشرية من أجل أخذ المنطقة نحو التدهور وتعريض حياة المدنيين للمتاجرة من أجل مشاريعٍ غير وطنية”.

المصدر: ANA PRESS العربي

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل