لا يتناطح عنزان أن روسيا تمارس إرهاب الدولة المنظم في سوريا، كما مارسته سابقاً في الشيشان وتحاول تكرار نفس السيناريو في سوريا، بتنظيف جرائمها وقطف الثمرات السياسية لما فرضته ميدانياً من خلال تحضيرها لمؤتمر تدعي أنه وطني يسعى لاحتكار تمثيل الثورة سياسياً، وإقصاء كل المكونات الحالية الممثلة لقوى الثورة والمعارضة وتهدف كذلك من خلاله إلى طمس معالم الملف القانوني والحقوقي الكبير، الذي سيلف حبل المشنقة على عنق حليفها الأسد المجرم وأذنابه في سوريا ويجعلهم خلف قضبان العدالة.
هذا المؤتمر للأسف سيكون برعاية ودعم بعض الدول العربية، التي انقلبت على الثورة السورية واصطفّت إلى جانب نظام الأسد لأجل مناكفات صبيانية وعدوانيّة مع تركيا، وهم بذلك يعملون بنصيحة توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق عندما أوصاهم “إذا أردتم تزعم العالم العربي والإسلامي فعليكم محاربة تركيا في كل مكان”.
كل ذلك بعد أن أبصر الملف الحقوقي والقانوني في الثوره السورية النور، من خلال تصريحات المسؤولين السياسيّين الغربيّين، وإصدارهم تأكيدات بأنه لا بد من محاكمة الأسد وأعوانه المجرمين، الذين عاثوا توغلاً في دماء الشعب السوري، إضافة للمواقف الجريئة في الآونة الأخيرة والتي ظهرت في التقارير القانونية لمنظمات الأمم المتحدة، والتي وثّقت وبشكل مهني مئات آلاف الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الأسد وجيشه المجرم بحق السوريين، والتي بدورها لقت صدىً إيجابي لدى القضاء الدولي.
المؤتمر حسب المصدر سيتولى تنظيمه مندوبي روسيا الأقزام، “هيثم مناع وخالد المحاميد وقدري جميل” بدعوة لفيف من المتسلقين وعرّابين مايسمى المصالحات والانتهازيين والعملاء في الثورة السورية، وما أكثرهم على أنهم هم المعارضة السياسية والقابلين بالحل السياسي على الطريقه الروسية (أي تعيين قديروف لسوريا )، وبذلك توقع معهم روسيا اتفاقيات وبروتوكولات تتناسب مع أهدافها وسياستها في سوريا، من خلال تسليط الضوء عليهم إعلامياً في قنوات مأجورة، وتقديمهم بأنهم ممثلون للشعب السوري الثائر، وتظن روسيا بعد هذا المؤتمر انها قد مررت مشروعها ونسفت كل الجهود السياسية الأممية السابق، الرامية لإزاحة نظام الأسد ومحاكمته.
والمواقف الأمريكية المترددة والأوروبية الخجولة هي التي تشجع روسيا على ممارسة البلطجة السياسيّة، بعد أن مارست الإرهاب المنظم لكنها لا تعلم أن هذا المؤتمر سيدفن ويكون محكوم عليه بالموت قبل أن يولد للأسباب التالية:
١- أن مندوبي روسيا هؤلاء لايشكلون واحد بالخمسين ألف من طيف الثورة ولو حصلت انتخابات حقيقية ديمقراطية فإنهم لن يحصدوا إلا أصواتهم فقط.
٢- أن ملف إعادة الإعمار وعودة اللاجئين قد اتخذ قرار دولي بعدم تفعيله، حتى يتحقق انتقال سياسي حقيقي في سوريا واليوم كانت تصريحات وزيرا “خارجية ألمانية والاتحاد الاوربي” واضحة بهذا الشأن
٣-أمريكا مصرّة على أن يكون الحل السياسي وفق مقررات جنيف، وتملك أربعة أوراق لتحقيق ذلك وهي قانون سيزر والسيطرة على شمال شرق سوريا، ومنع دول الخليج ومجلس الدياثة العربية وغيرها من تطبيع علاقاتها مع النظام السوري إضافة لملف إدلب، الذي تقوم أمريكا بالتنسيق فيه مع الأتراك.
٤- الأهم من هذا لن يكون هناك أي حل سياسي في سوريا إلا عبر مشاركة تركيا به، لاعتبارها حجر الزاوية في هذا الملف فمازالت تركيا تحتفظ بالأغلبية في هيئة التفاوض السورية، وقواتها تسيطر على مساحات مهمّة على الأرض.
فلا حل حقيقي في سوريا يضمن للسوريين حقوقهم وكرامتهم، الّا وسيكون عبر تركيا البوابة الحقيقية للسلام في المنطقة.
عذراً التعليقات مغلقة