أقتبس بداية مقالي بتصرف بسيط للكاتب الكبير أحمد أمين: “لا توجد حرية مطلقة، فالحرية التي تتحرر من القيود باتت فوضى”.
يستطيع كل منا أن يكون سفيراً لمجتمعه الصغير وصولاً لمجتمعه الكبير، وربما لأمة كاملة.
وبكلا الحالين هو بالفعل سفير، مع أول وطأة لقدمه في بلاد وراء البحار.
والخيار له، سفير حسن، أو سفير سوء.
قد يكون الخطأ في بلادنا مرده لفعل فردي، بحيث تمحوه الأفعال الجماعية، بمعنى يضيع شرود الفرد في بحر الجماعة.
إلا أن الأمر اختلف في بلاد العجائب، حيث يصبح الفرد رمزاً للجماعة، فنسمع الكنى تميل للدول والمدن، أكثر مما تكون للكنى الحقيقية، وهذا ما يرفع قدر الفرد لمستوى السفير الحقيقي لمجتمعه، ويحمله مسؤولية كبرى، لعله لا ينتبه لها، لكنها في الحقيقة لا يقل حملها عن أمانة رفضت الجبال حملها، فنجاح أي يمني هو نجاح لليمن، ونجاح أي سوري هو نجاح للسوريين، وهكذا نعمم للجميع (…) وكذا الفشل ينعكس بذات التفكير، ونفس المنحى، وحتى أننا نلاحظ في هذي البلاد الداعمة للحريات أن المحال التجارية العربية تأخذ أسماء دولها، وليس أصحابها الفعليين، فهنا حلويات السوري، وهناك الماركت المغربي، وهي هي كما هي (…)
وهذا الفكر الجمعي علينا أن ندرك عواقبه، ومحامده، ونعمل لنكون قدوة حسنة لأننا لم نعد هنا أفراداً، وهذه حقيقة كل منا بات يعي حملها ووزرها بذات الميزان.
فتاة ما راح مخيلها يسرح بها للتوه في بحر موجاته تنغم بالحرية، فتتراقص على طياتها، ضاربة عرض الحائط تاريخاً بعمق ما تحت الموجات، ناسفة بتسريحة شعرها المتماوج كيان أمة، أخطأت بأن وضعت ثقتها بعيون تلك الحسناء.
الانتماء ليس دمية نعبث بها، ونتركها للعابثين، والهوية ليست ورقة شفافة تتسلل من خلالها خيوط الماكرين، بل هي عنوان ورسالة.
الفرد في محيط الجماعة، متقيد، منضبط، موجَّه، يسير ضمن طريق مرسوم، نادراً ما يشذ، وإن شذ، فهو شاذ، وتبقى الجماعة في الدرب سائرة.
وهنا باتت الجماعة من خلف الفرد، فهو يسير ، ويقرر، ويغيّر، ويسنن، ويقول، ويفعل، ويعود كل ذلك إيجاباً أو سلباً على مجتمعه.
وأختم بكلمة: كن حراً ولا تكن حراً.
Sorry Comments are closed