خرجت الثورة السورية المباركة حاملة أغصان الزيتون و الياسمين فقابلوها بالرصاص والبارود، خرجت تنادي (سلمية سلمية…واحد واحد واحد الشعب السوري واحد) فلم يتركوا زنديقاً في الدنيا إلا واستأجروه وأحضروه بعد أن أعطوه لحية مستعارة وثوباً قصيراً لكي يشيطنوا الثورة السلمية ويشوهوا وجهها الحقيقي بوجه إرهابي كاذب.
خرج الشعب السوري بكامل أطيافه في بدايات الثورة، فهددوا وأخافوا الأخوة المسيحيين وحيدوا الأخوة الدروز وحرفوا مسار ثورة الأخوة الأكراد.
هجروا وشردوا الشعب الثائر، و لم يبق في الساحة إلا الزنادقة التابعين لهم، وثلة من الأخوة المخلصين الذين لا يزالون يقدمون الغالي والنفيس في سبيل ما خرجوا إليه، هم وأهلهم من أجل الحرية والكرامة والخلاص من نظام الطاغية المجرم الأسد.
ومع انحسار المساحة الجغرافية للثورة في إدلب، وما أن أعلن النظام المجرم عن انتصاره حتى يظهر الفقر والوضع المعيشي المتردي كمشكلة عصية الحل عليه، والوضع يمكن أن ينفجر إلى ثورة جياع في أي لحظة، وفي كل مناظق نفوذ النظام.
و لا يخفى على أحد أن الذي دعم نظام الأسد المجرم ومنعه من السقوط أمام ثورة الحرية والكرامة، هو النظام العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والذين أوعزوا للروس والإيرانيين بالتدخل لصالحه وحمايته ومنعه من السقوط.
الذين يخنقون النظام اليوم اقتصادياً هم أنفسهم الذين دعموه وساندوه بالأمس، ولا يزالون يدعمونه عسكرياً.
والأمور إذا بقيت على هذا الحال فثورة الجياع قادمة لا محالة. لكن إذا ما قامت ثورة جياع فهل يمكن إعطاء الضوء الأخضر للنظام المجرم وحلفائه بتدمير ما تبقى من سوريا.
وإذا كان الضور الأخضر للتدمير تحت بند الإرهاب، فكيف بهم بوصف ثورة الجياع بالثورة الإرهابية المتأسلمة وكما يقولون (الجوع كافر)، أم أن هذا النظام العالمي الفاجر لا يعرف أي قيم أو مبادئ لكي يلتزم بها، وهو بالأمس سكت أمام جريمة إرهابية نكراء بحق البشرية عندما أسقط النظام الإيراني طائرة ركاب مدنية أوكرانية، ومرت القضية مرور الكرام وكأن شيئاً لم يحدث.
في ظل هذه التناقضات ما هو السر وراء هذا الخناق الإقتصادي؟
– الاحتمال الأول هو تفجير ثورة جياع في منطقة النظام ومن ثم إعطاء الأوامر للروس لتدمير ما تبقى من سوريا والتي لا تزال محافظة على بقايا بنية تحتية ومدن وقرى عامرة البنيان.
– الاحتمال الثاني إعطاء مبرر للنظام في ظل عجزه الإقتصادي أمام حاضنته الجائعة على أنه فعلاً نظام مقاوم والحرب الإقتصادية من ضمن كذبة المؤامرة الكونية عليه.
– الاحتمال الآخر هو تأليب الحاضنة الشعبية للنظام عليه، وبالتوازي مع الإجرام العسكري في محاولة الحسم في الشمال السوري، يكون الشعب السوري وبكامل مكوناته قد وصل إلى مرحلة الرمق الأخير للحياة، وبالتالي فإن أي حل بديل سيلاقي قبولاً لدى الجميع ولو كان الشيطان هو الخيار الوحيد أمامهم، و هذا ما كرره ولا يزال يكرره كل سياسي العالم منذ اليوم الأول للثورة حتى تاريخه، في ما يسمونه بالحل السياسي.
لكن الحقيقة بعيداً عن كل التوقعات، إن الحمار الكبير قد أكل الدستور في عصر الماغوط، لكن حمارنا اليوم قد أكل الدستور والطحين والخبز، وشرب المازوت والغاز والكاز، ولم يبق حياً في سوريا سوى صورته المفعمة بضحكته البلهاء، والمعلقة في كل مكان على بقايا جدران وطن متهدم .
أخيراً أقول أن الحرية عندما تأتي تجلب الخبز والكرامة والرفاهية ورغد العيش أيضاً. لكن الخبز عندما يكون مطلباً وهدفاً لا يجلب إلا الذل والعبودية والهوان.
ولو تابع كل أطياف الشعب السوري ثورتهم كما في البدايات، ما وصلت الأمور بنا إلى هذا الحد، وكانت سوريا اليوم بألف خير، لكن أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل أبداً.
عذراً التعليقات مغلقة