منتصر أبو زيد – حرية برس:
لم تمنع معاناة التهجير والنزوح في الشمال السوري المحرر، الطلاب من متابعة تحصيلهم العلمي في الجامعات والمعاهد، سواء بدراسة الاختصاصات التي يفضلونها، أو الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل اليومية.
وتنتشر الجامعات العامة والخاصة، في محافظة إدلب وريف حلب الغربي والشمالي، وأبرزها جامعة إدلب وجامعة حلب الشهباء وجامعة حلب الحرة وجامعة شام العالمية.
ومن الجامعات الخاصة، جامعة ماري، وجامعة الحياة للعلوم الطبية، وأكاديمية العلوم الصحية، وجامعة الزهراء، وجامعة روما، والأكاديمية السورية للطاقة البديلة والعلوم، وجامعة الشمال الخاصة.
يضاف إليها عدة أفرع لجامعات تركية في الشمال السوري، كأفرع جامعة غازي عينتاب في مدينة عفرين وفيها اختصاصات؛ كلية التربية ومعلم الصف واللغة التركية، وفي مدينة أعزاز قسم الإلهيات وقسم التاريخ وأفرع جامعة حرّان في مدينة الباب وتدرّس فيها اختصاصات، الاقتصاد والتجارة الدولية وإدارة الأعمال، ويوجد أيضاً أفرع لجامعة حران في مدينة جرابلس.
وتختلف نسب وعوامل الإقبال على الجامعات الثورية السورية بين بعضها كما تختلف عن الجامعات التركية، ويرتبط ذلك بالظروف الخاصة بكلّ طالب، واختيار ما يناسب وضعه التعليمي إن كان طالباً جامعياً سابقاً أو مستجداً إضافةً إلى إمكانياته المادية.
رئيس مجلس التعليم العالي في محافظة إدلب الدكتور “مجدي الحسني” قال لـ”حرية برس”: إن لجامعة إدلب 14 كلية و 6 معاهد، يمكن إغلاق أو افتتاح المعاهد حسب إقبال الطلاب وحسب الحاجة الفعلية لها في الحياة العملية، ويتم قبول الطلاب بموجب نتائج المفاضلة التي تصدر عن مجلس التعليم العالي الذي يتبع له جامعتين عامتين وسبع جامعات خاصة في إدلب.
وكشف الحسني أن كثيراً من الطلاب يرغبون بدراسة المعاهد لأن مدة دراستها قصيرة ورسومها منخفضة مقارنة بالجامعات، إضافة إلى توفر فرص العمل لها.
وبين الحسني أن عدد الطلاب المسجلين لدى مجلس التعليم العالي بلغ في العام الدراسي الماضي 18 ألف طالب، تخرج منهم حوالي 2000 طالب، ويتوقع أن يصل عدد الطلاب المستجدين هذا العام الدراسي إلى 5 آلاف طالب.
وتراعي معظم الجامعات التابعة لمجلس التعليم العالي أوضاع الطلاب المهجرين إذ يتم إعفاؤهم من رسوم التسجيل لأول مرة، أما في التدريس والامتحانات فجميع الطلاب يعاملون على حد سواء.
ووفقاً للحسني تكمن معاناة الطلاب في ظروف حياتهم اليومية من تهجير ونزوح والأوضاع المادية السيئة، موضحاً أن ما يثير قلق الطلاب هو عدم توفر اعتراف دولي بالشهادات الصادرة عن هذه الجامعات، ولا يوجد اعتراف رسمي إلا بـ “أكاديمية العلوم الصحية” المرخصة من الاتحاد الأوربي.
ويسعى مجلس التعليم للحصول على اعتراف لباقي الكليات، ويحاول تذليل كل المعوقات التي تواجه العلمية التعليمية ويعمل على التعاقد مع كوادر تدريسية جديدة وتأهيل كوادر أخرى للوصول إلى نتائج إيجابية ورفد الحياة العملية وسوق العمل بخريجين من ذوي الكفاءات الدراسية اللازمة ليغطوا الثغرات الوظيفية في المجتمع.
من جهته قال نائب رئيس جامعة حلب الحرة الأستاذ “ضياء القالش” لـ”حرية برس”: إن عدد الطلاب المسجلين في جامعة حلب الحرة هذا العام بلغ 4440 طالباً وطالبة موزعين على 13 كلية و 6 معاهد، وتم توفير سكن جامعي لطلاب الطب والصيدلة منهم.
وعن حجم الإقبال على الدراسة بين المعاهد والكليات بيّن القالش أن الطلاب يرغبون بدراسة الكليات كونها شهادات جامعية لكن بعضهم يرغب بدراسة المعاهد التي يتوفر لها فرص عمل تحديداً كالمعهد الطبي .
وكشف “القالش” عن نسبة الطلاب المهجرين المسجلين في الكلية التي تتجاوز 50% من إجمالي الطلاب المسجلين، ويحضر الطلاب إلى الكليات من مختلف المدن المحررة.
وأضاف أن الصعوبات التي تعترض الطلاب والكادر التدريسي هي ذاتها، من ظروف معيشية صعبة، وبعد المسافات بين أماكن السكن والجامعات، وإغلاق الطرقات في أحيان كثيرة بسبب الظروف الأمنية.
أما ما يثير قلق الطلاب دائماً من وجهة نظر “القالش” هو عدم وجود “اعتماد أكاديمي” حتى الآن، لذلك ينحصر عمل الخريج في المناطق المحررة فقط، لكن مع ذلك يعطى الخريج فرصة كبيرة في العمل، وتعطي بعض المؤسسات، وفق سياساتها، الأولوية لخرجي الجامعات الثورية في العمل بسبب الظروف التي عاشوها.
وأوضح “الاستاذ ضياء” أن الجامعات بشكل عام في المناطق المحررة تعاني من قلة التمويل، وتعتمد إلى حد ما على رسوم الطلاب في تغطية بعض المصاريف، وقال إن الدراسة الجامعية لا تلقى دعماً مادياً مقارنة بالدعم المقدم لمشاريع الدعم النفسي.
بدوره الطالب أحمد حزوري المهجر من حي بابا عمرو في حمص قال لنا: انقطعت عن دراسة التاريخ في جامعة حمص منذ عام 2011 وبعد تهجيرنا إلى الشمال السوري تقدمت لاختبار (يوس) وهو اختبار بالمواد العلمية.
وأضاف حزوري، وحصلت على قبول في كلية التاريخ بجامعة عينتاب، لكن لم أتمكن من دخول تركيا من المعبر وخسرت مقعدي الدراسي، وأسعى الآن للحصول على مقعد في أفرع الجامعات التركية التي افتتحت مؤخراً في مدينة عفرين.
وعن رأيه بالجامعات السورية مقارنة بالتركية، ذكر الحزوري أن الجامعات التركية معترف بها ويمكن إبراز شهادتها لدى أي دولة، أما جامعات الشمال فتفتقر إلى عامل القوة وهو الاعتراف وهذا ما منعني من التسجيل فيها.
ويذكر الطالب حمزة عباس من مهجري حي القابون في دمشق، أنه انقطع عن دراسة الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق منذ بداية الثورة، ولا يستطيع التسجيل لدى الجامعات التركية بسبب عدم امتلاكه كشف علامات من جامعة دمشق، لذلك إن أراد التسجيل في الجامعات التركية يجب عليه دراسة (يوس) وإجراء الاختبار اللازم، وهذا ما يعتبره عباس صعب جداً كون دراسته كانت أدبية. لذلك فضل عباس التسجيل في الجامعات الثورية.
بدوره يقول الطالب بلال ريحاني مهجر من غوطة دمشق، إنه كان يدرس في السنة الثالثة من كلية الهندسة المعلوماتية بجامعة دمشق توقفت دراسته عند انطلاق الثورة السورية، بعد تهجيره من الغوطة الشرقية استطاع دخول تركيا والتسجيل في جامعة اسطنبول، لكن تمت إعادته إلى مقاعد السنة الأولى وفُرض عليه بشكل طبيعي تعلم اللغة التركية قبل بدء تعليمه الجامعي.
وأشار الريحاني إلى إيجابيات التسجيل في الجامعات التركية والتي أبرزها الاعتراف الرسمي، وحصول الطالب على إقامة طالب ما يسهل حركته داخل تركيا، وإعفاء الطالب من رسوم التسجيل، لكن بالتوازي مع ذلك بين الريحاني عقبات الدراسة في الجامعات التركية والتي أولها الحاجة لإتقان اللغة التركية، إضافة إلى مشكلة تعديل المواد وإعادة معظم الطلاب السابقين في الجامعات السورية إلى مقاعد السنة الأولى في الجامعات التركية.
أما المعلمة سعاد، فبعد تهجيرها من الغوطة الشرقية، استكملت دراسة السنة الثانية في معهد “معلم صف” بمدينة أعزاز، وعن سبب دراستها هذا الاختصاص قالت سعاد لـ”حرية برس”: إن شهادة المعهد معترف بها في جميع مدارس الشمال وبإمكاني الحصول على وظيفة في أي بلدة قد أسكن فيها، ولا أضطر للعمل بدوام طويل، وأجد نفسي أقوم بواجبي بتربية جيل جديد. ولا حاجة لي بدراسة هذا الاختصاص في الكليات وهدر الوقت والنتيجة ستكون واحدة.
عذراً التعليقات مغلقة