تيسير زيدان – حرية برس:
يراقب السوريون عامة وفي مناطق سيطر عليها نظام الأسد مؤخرا بشكل خاص ما يجري في محيطهم لا سيما في البلدان التي كانت وما تزال تساند نظام بشار الأسد في حربه على السوريين، ومع اندلاع الاحتجاجات في لبنان والعراق يولي كثيرون اهتماما بها آملين أن تنهار تلك الانظمة وتنتصر إرادة الشعوب ويضعف النفوذ الايراني الذي يتنامى يوما بعد يوم بسبب تشتت الموقف العربي وغيابه عن المشهد السوري بل وذهاب البعض إلى التطبيع العلني مع نظام الأسد.
يبدو النظام في حالة من الضعف والإرباك الشديدين بعد وصول شظايا الثورة اللبنانية إلى عقر داره،
لبنان البلد الصغير والذي يعد الشريان والمتنفس الوحيد لنظام الأسد في ظل العقوبات الاقتصادية والتجارية والحصار المفروض عليه من قبل الغرب، تلك العقوبات يحاول الالتفاف عليها بطرق مختلفة وعبر رجال أعمال وتجار تابعين لحليفه حزب الله الذي يهيمن على مفاصل الدولة اللبنانية بقوة السلاح وأودى بالاقتصاد اللبناني إلى الهاوية وزاد من معاناة الشعب اللبناني الذي انتفض منذ 50 يوما وخرج آلاف إلى الشوارع مطالبين برحيل ومحاكمة السياسيين في لبنان وتشكيل حكومة تنقذ الاقتصاد اللبناني المنهك أصلا؛ أصوات اللبنانيين في طرابلس وبيروت وعكار تسمع في دمشق وتزلزل عروش طغاة الضاحية الجنوبية ودمشق وتضيق الخناق عليهم. فانخفضت الواردات النفطية من لبنان الى سوريا والتي كانت أنقذت نظام الأسد قبل نحو 6 اشهر من أزمة كادت تشل عصب الحياة في مناطق سيطرته.
“أبو مؤيد” سائق تاكسي يعمل على خط لبنان-سوريا يروي لحرية برس بعضاً مما شاهده أثناء عمله، يقول “بعض التجار اللبنانيين والموالين لحزب الله ولنظام الأسد يعتمدون على شراء المواد الغذائية معظمها منتهية الصلاحية إضافة إلى المواشي والدجاج والتي تأتي من سوريا بأسعار متدنية نسبة إلى الأسعار في الأسواق اللبنانية عبر ضباط الفرقة الرابعة والذين يسيطرون على معظم الطرق والمعامل في سوريا، الأمر الذي أدى لارتفاع كبير في أسعار المواشي والدجاج ولحومها حيث وصل سعر الكيلو الواحد من لحم الخروف إلى 7 آلاف وكيلو الفروج إلى 1500 ليرة سورية في الأسواق السورية مما زاد من معاناة السكان المرهقين أصلا.
ومع اتساع رقعة الاحتجاجات في لبنان بدأت الليرة اللبنانية بالتراجع الكبير مقابل الدولار، ووسط تخوف اللبنانيين من استمرار التدهور الاقتصادي والفراغ السياسي لجأ الكثير منهم إلى سحب ودائعهم من العملة الأجنبية من البنوك والتي وصلت إلى 4 مليار دولار بحسب وزير الاقتصاد اللبناني المستقيل. وتزامن هذا مع انخفاض حاد لليرة السورية في الفترة ذاتها، وهنا يظهر جليا مدى تأثير الاحتجاجات المباشر على الاقتصاد السوري وتكذيب زيف ادعاءات بعض ساسة لبنان “النأي بالنفس” ومدى ارتباط النظاميين في بيروت ودمشق ارتباط عضويا فكلتا الليرتان السورية المنهارة اصلا واللبنانية التي لم تنأ يوما عن نظريتها في الانهيار.
مبكرا استشعر النظام السوري الخطر الذي يحيط به من كل جانب وشدد الخناق عليه فعزز الحواجز في المناطق الذي سيطر عليها مؤخراً بعد انسحاب فصائل المعارضة، ومنها ريف حمص الشمالي.
يقول “عبد العليم ابوجعفر” أحد سكان منطقة ريف حمص الشمالي لحرية برس “منذ شهر تقريبا شاهدنا بعض الآليات والجنود يتمركزون فوق أسطح منازل مدنيين وينصبون متاريس ورشاشات وازداد عدد المخبرين بين المدنيين، كما لاحظنا سيارات تابعة للأمن والمخابرات السورية تنشط بشكل غير مسبوق منذ أكثر من عام في معظم المناطق وسط حملة تدقيق في البطاقات الشخصية للمارة على الحواجز وكراجات حمص بشكل خاص، تخوف جاء بعد موجة الارتفاع الكبير والغلاء الفاحش في الأسعار وشح المواد الغذائية وتدني مستوى الخدمات والانقطاع الدائم والمتكرر للكهرباء.
وتزامنا مع حالة الغضب والغليان الكامنين في نفوس أهالي تلك المناطق الذين آثروا البقاء في بيوتهم على جحيم النزوح والمخيمات أملا منهم بمعيشة أفضل وحفظ أرضهم وممتلكاتهم من الاحتلال الإيراني، يتفاءل البعض رغم فقرهم وإدراكهم النتائج السلبية المتمثلة بارتفاع الأسعار وازدياد الضيق مستبشرا بقرب نهاية نظام الأسد الجاثم فوق صدور السوريين، ويرى آخرون أن النظام متشبث بكرسي الحكم ولا يأبه لو عاش الشعب السوري كله تحت خط الفقر أو مات جوعا، فيما يراقب موالو النظام الاحتجاجات عن كثب وهم من أكثر الفئات تضررا بعد أن فقدوا عدة امتيازات كانوا يحصلون عليها من محروقات وسلل غذائية… إلخ، ويلقون باللائمة على أمريكا واسرائيل ودول الخليج وسيناريو الحرب والمؤامرة الكونية على دول المقاومة حاضر في ذهنهم.
Sorry Comments are closed