“بويا” للأدمغة المتسخة

معاذ عبد الرحمن الدرويش13 أكتوبر 2019آخر تحديث :
“بويا” للأدمغة المتسخة

“بويا” كلمة تركية وتعني الدهان ، لكن السوريين يستخدمونها لدهان تلميع الأحذية حصراً، ويطلقون على ماسح الأحذية اسم “بويجي”.

اضطهد نظام الأسد الأخوة الأكراد كما اضطهد بقية أطياف الشعب السوري، وإذا ركز باضهاده على الأكثرية العربية المسلمة بالقمع الديني والسياسي، إلا أن اضطهاده للأخوة الاكراد كان يركز على القمع الاقتصادي والعرقي من خلال حرمان الكثيرين من الهوية السورية، والتملك والتعليم.

الاضطهاد الاقتصادي والعرقي الذي مارسه نظام الأسد ضد السوريين الكرد خلف حالات من الفقر المدقع، وهذا ما دفع بالكثيرين بالعمل “كبويجي” كوسيلة أخيرة لتحصيل ثمن رغيف الخبز.

يستغل نظام الأسد الوضع الراهن، في محاولة لإيجاد شرخ ما بين الأخوة الكرد والعرب، من خلال العمليات التركية في الشمال السوري، بمساندة الجيش الحر، ضد الميليشيات الكردية، ويروج لعدة منشورات في وسائل التواصل الإجتماعي، يتناقلها بعض البسطاء من الناس ، وذلك في محاولة توجيه إهانة للأخوة الأكراد من خلال وصفهم كبويجية، ومن ناحية ثانية إضفاء صفة واحدة على المكون الكردي على أنه كله ميليشيات، وعلى أن الكرد ليسوا سوريين وإلى ما هنالك من منشورات وأفكار تحاول تكريس عداوة عربية كردية، متناسياً أنه نظام طائفي بامتياز مارس كل أنواع الطائفية والعنصرية والتفرقة بحق كل مكونات الشعب السوري.

أولاً: إن العمل لا يقيم الإنسان ولا يعيبه مهما كان نوعه، العمل شرف، لكن من المعيب أن تتسول بدل أن تعمل، ومن العهر أن تسرق، ومن العهر والخيانة أن تسرق الحق العام عندما تكون موظفاً أو مسؤولاً، ولا أعتقد أن جماعة ما احتكرت أي مهنة مهما كانت طبيعتها، وأعتقد من الحكمة لو نركز على الخونة الذين باعوا سوريا للمحتل الروسي والإيراني، واللصوص الذين سرقوا الوطن وباعوا ترابه وثرواته وهم يلبسون الكرافيتات ويركبون السيارات ويملكون ملايين الدولارت.

ثانياً: يجب علينا أن لا نساعد هذا النظام المجرم الذي يلعب دائماً على الوتر الطائفي والديني والعرقي لتمزيق الشعب السوري ، وإضعافه في محاولة يائسة منه لكي يعيده إلى حظيرة العبودية والذل.

لقد شبع الشعب السوري ذلاً واضطهاداً وتمزيقاً لعقود طويلة على يد نظام الأسد الطائفي المجرم، فحري بنا ألا نذيقه لبعضنا البعض.

وإذا كنا سنمارس اضطهاداً بحق بعضنا البعض فما فائدة ثورتنا، ثورتنا قامت لكي تعيد لكل مكونات الشعب السوري الكرامة والحرية والمواطنة، ومحاسبة المجرمين الذين أساؤوا وأجرموا بحق هذا الشعب، فالنظام المجرم ألقى البراميل المتفجرة فوق المدن والقرى دون أن يميز بين أحد، لكننا كسوريين واجب علينا أن نضع الكلمة في مكانها وألا نعمّم، على أي صعيد كان، ألا نساعد النظام المجرم على عمله في تمزيق الشعب السوري، وإن كل من يساهم في نشر هكذا أفكار إنما يحاول بشكل مباشر أو غير مباشر أن يلمع صورة أوسخ نظام عرفته البشرية نظام الأسد المجرم. وينطبق عليه المثل القائل: (البعض يرفض مهنة تلميع الأحذية لكنهم يتسابقون لتلميع أشخاص أقذر من الأحذية من لصوص ومسؤولين وغيرهم).

الحقيقة المرة أننا بتنا اليوم بأمس الحاجة إلى بويا لتنظيف أدمغتنا المتسخة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل