أبكتنا الصور التي شاهدناها عبر منصات التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر الموثقه لتظاهرات القاهرة والسويس وميدان طلعت حرب وميادين أخرى، وعن نظرة وغض الشعب التي لحقتها انتفاضة داخل ميادين الحرية في مصر عبر حراك القصور.
كان لدي أحساس رائع لحقه بكاء من توحد الشعب وانتفاضته بثورة شعبية، واستغاثته بشباب الثورة للنزول عبر ميدان التحرير – والسويس لاستكمال ثورتهم المسروقة، والعمل على إبطاء تنفيذ مخطط الثورة المضادة في مصر، بعد صمت طال بسبب إحكام القبضة الأمنية في مصر السيسي.. كنت أشاهد عبر الميادين توحد الشباب وكبار السن والفتيات وحرصهم الشديد على استكمال ثورهم والعمل على تحرير أصدقائهم المعتقلين واندفاعهم الشديد لحمايتهم حتى وإن كلف ذلك الأمر اعتقالهم هم.
حينها تذكرت فوراً يوم كنا بميدان التحرير والنهضة ورابعة العدوية يدًا واحدة لمحاربة الأنظمة المستبدة والمشاهد التي أبكت وأوجعت الجميع من حرق وتعذيب في ميدان رابعة.. وحتى من يخالفنا الرأي قال: إنها جريمة مكتملة الأركان.. لا يستطيع أحد أن يمحو ذلك من ذاكرتنا .. من حرق للجثث أمام أعيننا من قبل الجيش المصري، ومن اختفاء لشباب حتى الآن لا يعرف ذووهم عنهم شيئا.
هنا أيقنا أن العسكر ليس لديهم مبدأ، وسيمحون من يطالبون بالتغيير ويقتلونه فوراً .. شهدنا أيضاً ثبات الأمهات كبار السن وهن ينددن بجرائم العسكر داخل الميادين والكلمة التي اشتهرت بينهن: ( تطلع ع ضهرك يا سيسي).
وشاهدنا الأجهزة الأمنية المرورية في مصر في مشهد عبثي تقوم بتفتيش الجوالات الخاصة بالفتيات والشباب. وعبر حلقة من برنامج “حكاية” تم نشر اعترافات مصورة لشابين، قالا فيها: إنهما شاركا بالتظاهرات ضد النظام المصري وأنهما ينتميان للحزب “الشيوعي الديمقراطي الأردني”، رغم عدم وجود حزب بهذا الاسم تحديداً في الأردن. هو ذات سيناريو أحداث ثورة يناير المجيدة : (مأجورين وبياخدوا كنتاكي).
كوننا صحفيين رصدنا ذلك وقد تربينا أن نحترم مهنتنا الصحفية ونقول الحقيقة حتى وإن كلفنا ذلك الاستشهاد والتعذيب .. فليكن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا .. من أجل توعية الشعوب.. من هنا كان دورنا نقل الحقيقة.
كيف نقول عن هؤلاء الشباب الذين قاموا بثورة عظيمة أنهم مخربون وأنهم يعيثون في الأرض فسادا؟ كيف لنا أن نسكت حتى وإن كان في ظل قمع أمني وتضليل إعلامي عن أوجاع شعبنا من استبداد وتصفية جسدية للمعارضين؟
كيف لك أن تشاهد كبار السن يتألمون ويستغيثون بك لنشر قضيتهم وقضية أبنائهم المعتقلين وتتخلى عنهم ولا ترصد أوجاعهم وتوثق ذلك حقوقياً وتسكت لخوفك من الإعتقال أو المطاردة أو التعذيب والتشريد .. أهكذا تكون مهنة الصحافة في مصر الحبيبة؟
كيف تشاهد أماً تطالب بعلاج آدمي لابنها ولا تستطيع دفع ثمنه فيتم إلقاؤها علي الأرض والسيسي يخاطبنا عن تنفيذ المشاريع الوهمية وبناء القصور والتي كشف عنها المقاول والممثل المصري محمد على ليقول السيسي (أيوه هبني وهبني هوه ليه ده ليكم يا مصريين امال ايه .. صحيح).
كلفتني شخصياً مهنتي الصحفية اعتقالي مراراً وكان آخرها ترحيلي داخل سجن الوادي الجديد في مصر رغم اعتقال أبي شخصياً فلم أكن نادماً يوماً أنني أتحدث بصدق عن أوجاع كل بيت يعاني من تفشي الفساد في عهد دولة العسكر.. مصر السيسي ومحاربة من يقول كلمة الحق هذه المهنة أحببتها فهي تتحدث عن المتاعب وترصد أوجاع المجتمع، وفي أثناء اعتقالي أنا وزملائي تعرضنا لأبشع الإهانات والتعذيب بطرق يعف لساني عن ذكرها وأقولها لأول مرة .. فلم أكن خائفا في عصر مصر السيسي.
فمنذ تواجدي داجل سجن الوادي كان هناك معاملة خاصة مع المعتقلين السياسيين أبرزها انتهاكات حقوقية وتعذيب ومنع التريض ومنع بعض الزيارات ومنع بعض الملابس.
إن قطاع الأمن الوطني في مصر يريد أن يكسر حاجز الثبات لديك أثناء فترة اعتقالك فمن هنا أيقنت أن السجن لن ولم يغير فكرة تربيت عليها ولم أكن نادماً يوماً ما عن محاربة الفساد وكشف الحقيقة للمشاهد فقد زادتني عزيمة وإصرارا لمحاربة نظام السيسي وذلك رغم معاناة والدتي التي فقدت الأب والزوج ورفض النقض لوالدنا ليظل فترة اعتقاله 10 سنوات في سجون العسكر .. عذراً يا أمي وسامحينا على تقصيرنا في حقك وفي حق أخوتي جميعاً .. فقد توجعتِ كثيراً منذ اندلاع ثورة يناير المجيدة بين أقسام الشرطة وقطاع الأمن الوطني في مصر وأثناء اختفاء الزوج والابن ما يقارب السنتين وفترة الاعتقال للأب ما يقارب 6 سنوات، نأمل أن تستريحي يا أمي الحبيبة فقد توجعتِ كثيراً فسامحيني يا أمي ..ولتكن ثورة شعب.
Sorry Comments are closed