الأبواب الخلفية للسياسة

وليد أبو همام4 أكتوبر 2019آخر تحديث :
الأبواب الخلفية للسياسة

يفترض في السياسة أنها تعتمد على المناورة والذكاء في الحصول على نتيجة إيجابية أو التخفيف ما أمكن من الخسارة، لكن ما يحصل في وقتنا الراهن هو استخدام الوجه الآخر للسياسة وهو الخداع والكذب والذي استطاع الاختفاء وراء أبواب كثيرة وتحت مسميات عدة، وحصل هذا الأسلوب على مباركات من القوى السياسية العالمية وأصبح منهجا متبعا لديهم.

وحتى الآن لا يمكننا أن نفصل بين الوصول إلى قرار أو حل في أي دولة دون أن يكون للسياسة الخارجية دور فيه، وهذا الارتباط لم يعد خيطا وهميا أو مجرد تكهنات مفترضة بل أصبح واقعا مفروضا لا يمكن رفضه، ويمكن القول أن الانتصار الذي يتحقق من وراء أبواب السياسة أكثر بكثير مما تحققه الحروب العسكرية.

لماذا تلجأ الدول إلى الحلول الخارجية بدل الحلول الداخلية؟ الأمر المثير في هذا السؤال أن كل الدول لا تقبل نظريا التدخل في شؤونها الداخلية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بفرض السيطرة على الشعب لأن الذهاب إلى الحلول الخارجية سيظهر للشعب مدى عجز الدولة وضعفها أمامهم، ويمكن القول أن سياسة الدول المسيطرة عالميا في وقتنا الحاضر عملت لعدة قرون سابقة على أمر وحيد وهو صناعة جسور متينة بينها وبين بقية الدول تمنحها الحق في التلاعب بسياساتها وليس ذلك فقط بل وضمنت الحفاظ على هذه الجسور، لذا لا تستطيع أي دولة الآن هدم هذه الجسور والنأي بنفسها ومنع التدخل بسيادتها.

ما يحصل في سوريا الآن لا شك أنه أمر طبيعي إذا ما نظرنا إلى تاريخ سوريا والأحداث التي مرت بها منذ أكثر من قرن وهذا ما جعلها محط أنظار العالم وأذرعهم، واستطاعت هذه القوى بفضل بعض المتحكمين بالشأن السوري من حكام وأصحاب نفوذ الوصول إلى العمق والتحكم حتى بالقرار الداخلي، ولعدة سنوات مضت من الثورة كانت جميع الأبواب مفتوحة لكل من له مصلحة أن يبدي رأيه بل لكل من لديه حل ينهي هذا الوضع الاستثنائي، وما يظهره لنا كل المتدخلون هو المساعدة و الحصول على حقوقنا لكن ما لا نعرفه عن سياسة الدول أنها لا يمكن أن تعين الشعب ضد الحاكم وكأن هناك عقدا مكتوبا بينها، وحتى لو حدث خلاف ذلك فلابد أنه أحد الأبواب المعتمة التي تخبئ وراءها الكثير من المآسي للشعوب.

وبفضل اللجنة الدستورية التي ستبدأ عملها على إعداد دستور جديد للبلاد أو تعديل الحالي فإن الدول ذات المصلحة قد وصلت إلى مبتغاها، إذ لايمكن أن نتصور أن يكون الثلث المكلف من قبل الأمم المتحدة أشد حرصا على حياة الشعب السوري من الثلث المعارض كما لايمكن التصديق بأن الأخير يحمل نوايا سليمة وغير مرتبط بأجندات خارجية وربما مايزال لدى البعض منهم قنوات اتصال مع نظام الأسد، الثلث الأكثر موثوقية هو من سيختاره نظام الأسد وبذلك سيكون أعضاؤه مرتبطين ببعضهم ويحملون هدفا واحدا وهو إبقاء الوضع كما كان ولا شك أنهم سيحصلون على مساعدة غير معلنة من بعض أعضاء الثلثين الآخرين وهو ما يمكن أن نصفه بالانتصار المسبق لنظام الأسد وإفشال ربما آخر الحلول الواهية للحل السياسي حسب زعمهم وبذلك تندثر الثورة وسيدفع الجيل القادم الثمن.

مداخل ومخارج السياسة كثيرة وما يظهروه لنا هو الجانب المشرق فقط لكن في كل قضية دائما ما يكون هناك باب خلفي يدخله السياسيون أو يخرجون منه وهو الباب الفعلي الذي تحاك من خلاله كل المؤامرات.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل