صيدنايا.. قلعة الأسرار – تصفية الحسابات

وليد أبو همام14 سبتمبر 2019آخر تحديث :
وليد أبو همام

حسب شهادة أحد العسكريين الذين عاصروا أحداث سجن صيدنايا في العام 2008 فإنه وبعد اقتحام الشرطة العسكرية للسجن بحجة التفتيش ثم خروج المعتقلين عن السيطرة وأسر عدد كبير من عناصر الشرطة، ومحاولة بعض المعتقلين الخروج خارج بناء السجن إلا أن الموت كان ينتظرهم فلم يرجع أحد منهم على قيد الحياة.

وبعد أن توقف إطلاق النار من قوات الأمن أخذت الأمور تتجه إلى حالة فرض السيطرة على السجن من قبل المعتقلين، وبما أنه كان يضم تيارات مختلفة دينية وفكرية، فكان طبيعياً أن يحاول كل تيار فرض سيطرته على حساب الآخر، لكن يبدو أن ذلك لم يكن مجرد صراع فكري بقدر ما كان فرصة مناسبة لإلغاء الطرف الأضعف.

أكثر الأشخاص استفادة من هذه الأحداث كان المدعو نديم بالوش وأثير شاكر، وحسب الشهود فإن نديم بالوش المحسوب على الجماعات الإسلامية سيطر هو ومجموعة من الأشخاص على الطابق الأول في ثاني يوم من الاستعصاء، وأنشأ محكمة وبدأ بمحاكمة بعض المعتقلين، ثم عملوا على جمع كل كميات المياه، والطعام الموجودة في السجن ووضعها في الطابق الأول، وهنا ظهر الشخص الثاني المدعو أثير شاكر مع مجموعة من مناصريه، وحصل اشتباك بينهم وبين جماعة بالوش احتجاجاً على الاستيلاء على الطعام ثم تدخلت جماعة الحفار واتفق الجميع على توزيع الطعام والمياه بالتساوي.

وجود أثير شاكر في صيدنايا كان بتهمة الإنتماء لتنظيم القاعدة، وتم القبض عليه في الأردن ثم تسليمه لنظام الأسد، وكان له عدد كبير من المناصرين داخل السجن، لكنه لم يكن ظاهراً على الواجهة قبل تلك الأحداث.

وكنا قد ذكرنا أن عدداً من المعتقلين، حوالي ثمانية، منهم تحسين ممو رئيس جناح الأكراد وأبو عبير، قد تم قتلهم من قبل معتقلين آخرين بتهم عدة أولها التعامل مع قوات الأمن ونقل الأخبار لهم وهؤلاء تم قتلهم في اليوم الأول من الاستعصاء.

نزار رستناوي كان أحد المعتقلين الذين تم قتلهم، لكن ليس في اليوم الأول، بل في اليوم الثالث، والتهمة حسب المعلومات التي تواردت إلى عنصر الشرطة العسكرية أنه كان يجري اجتماعات مع المعتقلين ويقنعهم بتسليم أنفسهم لقوات الأمن، وكان ذلك كافيا لاتهامه بالعمل لحساب قوات الأمن، وحوالي الرابعة صباحاً من اليوم الثالث قام أثير شاكر وجماعته بإحضار نزار رستناوي وتعذيبه ثم ضربه بقضيب حديد على رأسه ثم إنهاء حياته بطعنه بالسكين عدة مرات، ثم تم رمي جثته عند الباب الخلفي للسجن وهو باب الزراعة ثم تم أخذه من قبل قوات الأمن.

أما المدعو أثير شاكر فقد لعب دوراً كبيراً فيما بعد مع نديم بالوش، حيث أقنعوا عدداً من المعتقلين بعدم تسليم أنفسهم لقوات الأمن بعد الإتفاق الذي تم لنقل المعتقلين إلى سجن عدرا، وكانوا حوالي خمسة وعشرين شخصاً، وكان مطلبهم الذهاب إلى العراق، وحاولت قوات الأمن خداعهم، لكن أثير شاكر كشف لعبتهم أثناء تجريبه للسلاح الذي سيعطى لهم فرفضوا الخروج، وهنا جاءت الأوامر باقتحام السجن من قبل الفرقة الرابعة فلم يخرج منهم على قيد الحياة سوى ستة، من بينهم بالوش وشاكر.

لم تنته قصة هذين الشخصين داخل السجن فقد تم الإفراج عنهما بعد اندلاع الثورة، فجمع كل منهما أنصاره وبدأ بمقاتلة النظام، فكان عمل بالوش في جبال اللاذقية، أما شاكر فهناك معلومات عن انتمائه لتنظيم الدولة وأصبح أميرا فيها ملقبا بـ “أبو إسلام الديري”، ولم يعرف بعد نهاية التنظيم في دير الزور ما إذا كان قد قتل أو بقي على قيد الحياة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل