الإنفجار الشعبي والبوصلة الثورية

فراس علاوي30 أغسطس 2019آخر تحديث :
الإنفجار الشعبي والبوصلة الثورية

تحول الصمود الشعبي تحت قذائف الموت في إدلب إلى موجات من الغضب، تمثلت اليوم بمظاهرات عارمة على الحدود التركية السورية.

لهذا الغضب أسبابه دون شك، وأول هذه الأسباب شدة القصف وسياسة الأرض المحروقة التي مارستها روسيا على مناطق سيطرة الفصائل والقضم التدريجي للمناطق، وسط فشل الدبلوماسية التركية في إيقاف تلك السياسة.

أما السبب الثاني فهو إدراك الحاضنة الإجتماعية للثورة في الشمال السوري أن مايحصل هو تطبيق لمخرجات مؤتمري آستانا وسوتشي وبموافقة من الفصائل التي وقعت عليها، والمعارضة السياسية التي أعطتها الغطاء السياسي، بل وقدمت المبررات لها عن طريق دعم تلك المخرجات.

وبالتالي فإن هدف الإحتجاجات يجب أن ينصب على إفشال نتائج هذه الاتفاقات وإعادة الروح لاتفاقيات جنيف والحل السياسي عبر مسارها، والدفع بالحراك الشعبي للأمام وإستعادة زمام المبادرة من خلال قيادات ثورية حقيقية، ولذلك يجب عدم حرف بوصلة المظاهرات باتجاه تركيا وسياساتها، فهي في نهاية الأمر دولة تعمل على تحقيق مصالحها، في حين يجب أن يكون الهدف الأساس هو إسقاط آستانا وفصائلها وسوتشي واتفاقاتها.

إن استعداء الأتراك هو مايريده هؤلاء الذين إنكشفت عوراتهم السياسية من قادة فصائل وسياسيي المعارضة لتثبيت أنفسهم، وهو ماحرك الماكينة الإعلامية الراعية لهم من خلال منشورات أمس التي كانت تنبه من حرق العلم وعدم الهتاف ضد تركيا، وهي مطالب حق أريد بها باطل.، بهدف لفت النظر عن الهدف الأساس من هذا الحراك الشعبي، وبالتالي فإن أي تصرف أرعن يقوم به البعض سيحسب على الاحتجاجات وسيستثمر فيها هؤلاء.

سياسة تركيا تجاه المنطقة لن تتغير إلا وفق مصالحها، وسياستها تجاه قضيتنا السورية لن تتبدل إلا بالإطاحة بمن جعلوا أنفسهم أوصياء على شعبنا ووقعوا على تسليم أرضه ودمه، من قادة فصائل عسكرية جعلت هدفها الأول تثبيت مناطق سيطرتها، ومن تجمعات سياسية تستثمر في الوضع السوري وما آلت إليه حال السوريين.

ومواجهة الأتراك سواء القيادة أو الجيش أو الشعب، لن تفيد قضيتنا، بل العكس صحيح، وما يفيدنا هو مواجهة قادة الفصائل وداعميهم السياسيين، وهم المظلة التي غطت ماتم التوافق عليه من اتفاقات العار.

والغضب الشعبي الموجه ستظهر نتائجه على الارض إن عاجلاً أم آجلاً، شريطة عدم السماح بالاستثمار فيه من قبل المنتفعين سياسيا، ولذلك لابد من إستغلال هذا الإنفجار الشعبي للإطاحة بمرحلة من أسوأ مراحل الثورة السورية وبالتالي إستعادة زمام المبادرة.

كل هذا يتم من خلال ترشيد هذا الإنفجار وتوجيهه بما يخدم الأهداف الأساسية له والمتمثلة باستعادة القرار وبناء واجهة ثورية سياسية حقيقية تمثل أهداف الثورة والتي على رأسها إسقاط نظام الأسد وبناء تحالفات إقليمية ودولية صحيحة على أسس الندية وليس التبعية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل