بسام الرحال – حرية برس
مع استمرار الغارات الجوية والاشتباكات على الأرض، وقطع طرق الإمداد وإدخال البضائع، أصبح الوضع الإنساني صعبا في جميع مناطق ريف حمص الشمالي، ما شكل موجة كبيرة بإرتفاع أسعار جميع المواد الغذائية والصحية وغيرها، وعلى الرغم من منع قوات النظام لدخول الكثير من المساعدات المقدمة من الشركاء في المجال الإنساني، إلا أن الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الهلال الأحمر وبضغط دولي كبير على نظام الأسد قد نجحا بالوصول إلى عدة مناطق بالريف الحمصي ( تلبيسة- الرستن- الغنطو- الحولة) خلال الشهرين الماضيين وتقديم المساعدات الطارئة لهم، والتي أدت إلى تخفيف الأعباء المعيشية التي يعانيها السكان، نتيجة تشديد الحصار المفروض على المنطقة.
فمنذ أربع سنوات وريف حمص الشمالي يعاني من ويلات الحرب والحصار، حيث بات الوضع المعيشي والاقتصادي صعباً للغاية، والموت يزور أطفالها يومياً بسبب قذائف الهاون والبراميل المتفجرة، فيبدو أن البؤس والمعاناة كتبت على الشعب السوري سواء بقي داخل سوريا أو حاول الهرب والخروج منها.
فرحة السكان :
يقول “عادل اسبر” وهو أحد كواد شعبة الهلال الأحمر في مدينة الحولة :”لقد أشرفت بنفسي على تفريغ الشاحنات من حمولتها التي دخلت منذ أسبوع تقريباً، حيث تم دخول 28 شاحنة محملة بمواد اغاثية وطحين، بالإضافة لشاحنات محملة بمواد طبية، وزعت هذه المساعدات على نحو 12 ألف عائلة بما في ذلك العديد من الأشخاص المسنين الضعفاء والأطفال.”
ويرى”عادل” أن السكان فرحوا بهذه المساعدات، كون المنطقة تمر بوضع اقتصادي صعب جداّ، لا سيما بتوفير مادة الطحين لصنع الخبز والاستغناء عن شرائه، حيث يصل سعر الربطة الواحدة أحيانا لـ (450 ل.س)، وهي خطوة ساهمت بتخفيف الأعباء على السكان بسبب الوضع المأساوي الذي يعيشونه”.
تكفيني لمدة شهر ونصف :
“عمران جوخدار” أحد سكان مدينة تلبيسة وهو أب لخمسة أطفال يقول : “بعد جهد ومزاحمة طويلة حصلت على سلتي الغذائية من مركز شعبة الهلال الأحمر المتواجد في المنطقة، تضمنت أكياس من الرز والسكر والعدس والفول والفاصولياء، بالإضافة لعلب الزيت والسمنة، ومادة الطحين التي وزعت حسب عدد أفراد العائلة، وبعد حساب قمت به مع زوجتي حول سعر محتويات السلة الغذائية وكم تكفينا، تبين لنا أن سعر محتوياتها يبلغ قرابة (20 ألف ل.س)، حسب أسعار المواد في المنطقة، وتكفينا لمدة شهر تقريبا بدون أن نضطر لشراء شيء من الخارج حتى الخبز”.
ويضيف “عمران” قائلاً : “جميل أن تشعر أنك قادر على إطعام أولادك كلما جاعوا، وأن في منزلك مواد تسد احتياجات عائلتك من المواد الغذائية والصحية، حتى إن كانت لفترة قصيرة، فنحن لم نعد نفكر بالمستقبل كثيراً، وأصبحنا نحاول أن نحصل على رزقنا وقوتنا بشكل يومي مثل الطيور ولا نفكر بالغد، فمثلا من خلال الطحين التي حصلت عليه أقوم يومياً بصنع الخبز منه، ولست مضطرا لشرائه من الأفران بسعر (300 ل.س) ثمن الربطة الواحدة وأحياناً تزيد عن ذلك، حيث كنت أحتاج سابقا إلى 3 ربطات بشكل يومي بسعر(900 ل.س) يوميا، ما يعني (27 ألف ل.س) شهريا”، “ومن هلق حتى تنفذ كمية الطحين عندي بحلها الحلال”، كما يقول.
“الحمد لله، فما يتوفر بالسلة المقدمة من مواد غذائية وصحية وطحين، يلبي معظم احتياجاتنا اليومية”، يقول “معتصم ” وهو عضو في جمعية خيرية في مدينة الغنطو ويعمل في مجال الإغاثة، ويضيف “معتصم” قائلاً: ” ساهمت هذه التوزيعات في سد احتياجات كل السكان لفترة لا تقل عن شهر، وهذه المساعدات لا شك أنها أسهمت في رفع المعاناة ولو بشكل بسيط عن كاهل السكان المحاصرين، وأنا كربّ أسرة أسهم هذا التوزيع في توجيه بعض المصاريف الضرورية على قلّتها الى مجالات أخرى كانت مؤجلة، وبما أنه وزع بشكل عام لجميع السكان فقد أسهم في استقرار السوق وانخفاض الأسعار ولو بشكل مؤقت”.
رضى عام بين جميع السكان :
” أبو محمد ” المسؤول عن التوزيع في شعبة الهلال في الرستن يقول: “قمنا بتقسيم العوائل إلى فئات حسب عدد أفراد الأسرة، وهناك رضى عام بين السكان لأن المساعدات شملت الجميع دون استثناء، وهذا كفيل بأن لا تحصل المشاكل بين السكان التي نواجهها دائما عندماً يتم التوزيع لفئات معينة فقط، فنتهم بالازدواجية والتخوين وعدم العدل والمساواة، حيث تعتبر هذه الكميات من المساعدات سبباً في إنتعاش الوضع الاقتصادي بين السكان والاكتفاء الذاتي لمدة معينة”.
Sorry Comments are closed