مع تحكم إيران بمضيق هرمز، ما هي المخاطر المحدقة بالنفط العالمي؟

فريق التحرير23 يوليو 2019آخر تحديث :
 AFP

ترجمة زينة الحمصي – حرية برس:

برغم أنّ كلاً من الولايات المتحدة وإيران تقولان أنهما لا تحبذان خيار الحرب، إلا أنّ الدراما التي شاهدناها خلال الشهرين الماضيين في الخليج العربي ما زالت تشكل تهديداً للصناعة العالمية. الخطر الذي لا يحظى بتقدير كبير من قبل أسواق النفط. حيث يتم تداول أسعار خام برنت المعياري حول 63 دولاراً للبرميل في الوقت الحالي، وهو أقل مما كان عليه قبل الأزمة الأمريكية الإيرانية. ولا يزال التجار أكثر قلقاً بشأن انخفاض الطلب على النفط الناجم عن تباطؤ الاقتصاد العالمي أكثر مما يبدو بشأن هجمات ناقلات النفط المتصاعدة.

تعد إيران المشتبه الرئيسي في الهجمات على ما لا يقل عن سبع ناقلات نفط بالقرب من مضيق هرمز في الشهرين الماضيين. حيث تم استهداف الموانئ في الخليج العربي وحتى خط أنابيب رئيسي في المملكة العربية السعودية، وأسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار قالت إنها انتهكت مجالها الجوي. وقال الرئيس “دونالد ترامب” يوم الخميس أنّ المدمرة “يو اس اس بوكسر” أسقطت طائرة إيرانية بدون طيار كانت تهدد سفينة بحرية أمريكية في المضيق. وجاء التصعيد الأخير يوم الجمعة عندما أعلن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني أنّه استولى على ناقلة نفط ترفع علم المملكة المتحدة.

ويعتبر مضيق هرمز أكبر نقطة لتجارة الطاقة العالمية. ما يقدر بنحو عشرين مليون برميل من النفط الخام يومياً، أو ب20% من المخزون العالمي يمر عبر المضيق.

قال القادة الإيرانيون إنهم قادرون على إغلاق قناة السفن الحيوية ولكن مثل هذه الخطوة لن تكون في مصلحتهم الاقتصادية. حيث سيؤثر إغلاق مضيق هرمز على الصادرات من المملكة العربية السعودية والكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة وقطر وإيران. حوالي 26% من كميات الغاز الطبيعي المسال العالمية، أو حوالي 110 مليار متر مكعب، مرت عبر المضيق العام الماضي، ومعظمها من قطر والإمارات العربية المتحدة. فالمنطقة هي موطن لعدة مرافق لتصدير التكرير والبتروكيماويات كذلك.

وبينما تركز وسائل الإعلام على المضيق بسبب أهميتها الاقتصادية الاستراتيجية، يعتقد معظم المستثمرون أن إغلاقها غير مرجح، وبالتأكيد ليس مطولاً. كما أن تتخذ إدارة ترامب خطوات لضمان المرور الآمن للسفن عبر المضيق، بما في ذلك بناء تحالف دولي. ولكن هناك ما يدعو للقلق هنا أكثر من احتمال الإغلاق المؤقت للمضيق.

ومن الجدير بالذكر أنّ الولايات المتحدة فرضت أشد العقوبات في التاريخ على إيران من خلال حملتها “الضغط الأقصى”، وهي الإجراءات التي وصفتها طهران بإعلان “الحرب الاقتصادية”. حيث خفض ترامب صادرات إيران من النفط الخام إلى أقل من 250 ألف برميل في اليوم. ويعد هذا الرقم قليلاً بالنسبة لأكثر من مليوني برميل في اليوم قبل انسحاب ترامب للولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي في مايو/أيار 2018.

وعلى النقيض من العقوبات في عهد أوباما، حيث كان لا يزال مسموحاً لطهران تصدير حوالي مليون برميل يومياً. تعهّد ترامب بخفض صادرات إيران إلى الصفر، وحقق نجاحاً أكبر بكثير مما فعل الكثيرون. حتى الصين والهند، وهما من أكبر عملاء إيران، توقفت عن استيراد النفط الإيراني بالكامل منذ مايو/أيار. ومن الواضح أنه حتى الصين والهند، مثل نظرائهما الأوروبيين، لا تريد المخاطرة بفقدان إمكانية الوصول إلى الأسواق المالية الأمريكية.

ومن جهتها استجابت طهران للضغط الاقتصادي المتزايد من خلال البدء في انتهاك الاتفاق النووي، الذي لا يزال على قيد الحياة، مع الأوربيين فقط. وستواصل إيران تصعيد انتهاكاتها للاتفاق النووي إلى أن تتخلص من العقوبات. والنتيجة الأكثر ترجيحاً على المدى القريب هي استمرار الجمود الحالي، مع استمرار إيران في مضايقة البنية التحتية للطاقة في الخليج باعتبارها ملاذها الوحيد ضد العقوبات. حيث توفر مثل هذه الحوادث بعض الدعم لأسعار النفط في السوق الهابطة الحالية وتسمح لإيران بتوليد إيرادات أعلى مقابل كمية قليلة من النفط تديرها للبيع.

إلا أنه لا ينبغي التقليل من قدرة إيران على التسبب في مشكلة في الخليج. فطهران لديها مجموعات بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة. في لبنان مع حزب الله، في اليمن مع الحوثيين، الذين يقاتلون المملكة العربية السعودية وشنوا بالفعل هجمات على البنية التحتية للنفط السعودي وناقلات النفط. ولدى إيران أيضاً حلفاء داخل العراق، المنتج الثاني في منظمة أوبك بعد المملكة العربية السعودية.

ماذا بعد؟ الأمور ليست سيئة للغاية ولا يمكن أن تتفاقم. وما يزال هناك قلق متزايد بشأن احتمال وقوع هجمات ضد منصات النفط البحرية، والتي يمكن أن تسبب كارثة بيئية. ومما يزيد من تعقيد خطر التصعيد اعتماد إيران على الطائرات بدون طيار والمناجم والهجمات الإلكترونية لكسب الولايات المتحدة من بعيد. حيث يلعب كلا الطرفين لعبة خطرة لا يبدو أنهما يعرفان كيف ينتهيان بسلام.

قد تكون أسواق النفط متفائلة في الوقت الحالي ولكن قد تكون هذه الثقة في غير محلها.

المصدر فوربس
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل