تريد أن تسافر.. تفتح جوالك، تدخل على تطبيقات ومواقع حجز الطيران، تختار الطائرة المناسبة لك بالوقت والسعر، تحجز رحلتك وتختار مقعدك في الطائرة، يرسلون لك رقم حساب فاتورتك، تدخل الى موقع البنك في جوالك، تدفع الفاتورة ثم تعود وتدخل الى موقع شركة الطيران من جديد، تقوم بقطع تذكرة صعودك إلى الطائرة (Boarding) ويرسلون لك ـ وعلى الفور ـ بطاقة صعودك الى الطائرة برسالة إلى جوالك.
وعندما يحين موعد رحلتك، تركب سيارتك وتذهب الى المطار لتجد أمامك بوابة مغلقة، لا يوجد موظف خاص ليفتح لك البوابة، ولم يعد لديك الوقت الكافي للانتظار فموعد الرحلة قد اقترب، تخاف ثم فجأة تقطع لك الماكينة الجانبية بطاقة، وبمجرد أن تسحب البطاقة من مكانها، تفتح البوابة بشكل إلكتروني، وتدخل إلى ساحة المواقف الخاصة بالمطار.
تذهب على الفور إلى الصالة الرئيسية بالمطار، تجد أمامك أيضاً بوابة إلكترونية قبل دخول صالة الانتظار، وبمجرد أن تضع صورة بطاقة الطيران من جوالك على المؤشر الخاص، تفتح البوابة الإلكترونية وتدخل الصالة ومن ثم تصعد إلى الطائرة وتجلس في مقعدك المخصص.
وبعد رحلة العودة تجد هناك جهازاً لدفع إيجار مواقف السيارة، تضع بطاقة دخول سيارتك بالجهاز ليظهر لك المبلغ المطلوب، وذلك بحسب الوقت الذي بقيت فيه سيارتك مركونة في مواقف المطار، تدفع من بطاقة الصراف لديك في جهاز الدفع نفسه، ثم تركب سيارتك، تقف أمام الحاجز الإلكتروني للخروج، تطلب منك “ماكينة البوابة ” إدخال البطاقة التي معك، وبمجرد تضع البطاقة في مأخذ خاص تفتح البوابة وتعود الى بيتك بأمان وسلام.
ذهبت ورجعت إلى بيتك برحلة طيران، وأنت لم تقابل أي موظف أو أي وجه بشري سواء أكان عابساً أو مبتسماً ، ولم يطلب منك أحد أن تقف في أي صف أو طابور أو تنتظر ريثما يأتي دورك.
هذا ليس حلماً وليس فيلماً كرتونياً للأطفال، إنه بات واقعاً يطبق في العديد من المطارات في العالم.
أما في بلادي فإن هناك تقنيات متطورة جداً تستخدمها الطائرات و المطارات، لكنها من نوع مختلف.
حيث تحلق الطائرات في سماء بلادي ليل نهار، صيفاً وشتاء، تشرق الشمس وتغيب، ولا تغيب الطائرات عن سماء بلادي، تظهر الغيوم وتسطع النجوم وتأفل، والطائرات دائمة لا تتزحزح في كبد السماء ، والدوام لله.
طائرات من كل الأشكال والأصناف والأنواع، طائرات للرصد والتصوير وطائرات للبراميل وطائرات وطائرات وطائرات…
حيث تقوم طائرات الرصد والتصوير، برصد وتصوير كل شيء، لكن ربما حساسيات كاميراتها تكون زائدة في رصد عبث أي طفل يلعب أمام بيته ، وحركة أي أم تركض ذات اليمين وذات الشمال من أجل أن تعيل أبناءها، أو مشية أي شيخ إلى بقايا ظل جدار مهدم ليسند إليه كاهل ظهره الذي أحنته سنوات الموت والتشرد.
ترصد وتصور تلك الطائرات،حركات هؤلاء المستضعفين، وأي حركة للحياة ، وترسل إحداثياتها إلى الطائرات الحربية ، التي تكون متأهبة في كل لحظة للانقضاض على أي هدف يحدد لها، حيث يتم استهدافه وإحالة المكان بين لحظة وأخرى من ضفة الحياة والعمار إلى ضفة الموت والدمار، ويتم القضاء على الأطفال والشيوخ والنساء، بدم بارد بذريعة أنهم إرهابيون.
لم تترك طائرات الرصد والتصوير مدرسة أو مستشفى أو مسجداً أو بيتاً يأوي أهله، إلا و حددت إحداثياته وأرسلتها للطائرات الحربية كهدف مشروع، وتم تدميره بالكامل، تحت كذبة محاربة الإرهاب.
ومن جانب آخر، لا يزال المواطن في بلادي يقف في الطوابير يومياً ولساعات طوال، لكي يحصل على ربطة خبز أو جرة غاز أو لتر من المازوت.
عذراً التعليقات مغلقة