إنّ حال أمتنا الإسلامية والعربية ليس بحال جيد ولا يرقى إلى درجة القبول، فلا يمرّ يوم علينا إلا وخبر مؤلم يدهمنا، أو طامة تنزل بنا، فأوضاعنا من سيء إلى أسوء، فهل هذا قدرٌ علينا الاستسلام له، أم أنّه استسلامٌ قَدَرَ علينا؟
يقول رسول الله : لا يأتي زمان إلا الذي بعده شرّ منه. ولكن يجب أن نفهم الحديث جيداً، أنّه ليس علينا صناعة ذلك الزمن الأشر القادم، ولا أن نستجلبه ونساعد في ولادته، فالزمن الذي يأتي مستقبل، والمستقبل غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، فلماذا ترانا نحمل راية الشرّ ونستعجله؟!
إنّ الإنسان العاقل يقوم بتحسين واقعه، لذلك علينا أن نخفف من وقع ذلك الشر الذي نتشاءم باقترابه، وأن نجتهد بتأخيره قدر استطاعتنا، وما ذلك بصعب على المسلم أو محظور، فكما أنّ الإنسان يجتهد كي يُبعد عنه الأمراض، ويحرص على حماية نفسه من الهلاك والآفات، فكذلك يدفع ما بوسعه ليخلص من أشرار ذلك الزمن.
إنّ أصحاب السلطة هم من يملكون سياسات البلاد وخططها الاستراتيجية، فهم من خلال مستشاريهم ووزرائهم وخبرائهم يعلمون مكامن قوة بلادهم، كما يعلمون ثغورها ونقاط ضعفها، وبذلك يعلمون السياسة النافعة لهم، وأيضاً يعلمون السياسات المضرة الهدّامة المذلة للبلاد والعباد.
والذي نراه في هذا العصر أنّ حُكّامنا أضاعوا البوصلة أو تعمّدوا إخفائها، فهم يقودون البلاد إلى هاوية لا خروج منها إلا بقدرة قادر ومعجزة ربانية، ويعلمون حق العلم إلى أين يسيرون، يعني يُوقنون بأنّه طريق الهلاك، فبتجبّرهم على شعوبهم يتحكّمون بالمقود، فلا يريدون العدول عن الطريق المهلك، ولا يتركون المقود لغيرهم، ولا يسمحون لمن يقول لهم: قفوا أيها الحمقى!!
لقد ضرب لنا ديننا الحنيف مثالاً واضحاً جلياً، للذي نراه يسلك طريقاً خاطئاً أو يُهلك نفسه ومن معه لحماقة أو تكبّر أو خطأ، فقد قال رسول الله : مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً. وهذا الحديث ينطبق تماماً على رُعاتنا، بل أنّ حالتهم أسوء من حال الجماعة التي أرادت خرق السفينة، لفائدة مرجوّة (بنظرهم) وهي أخذ الماء، وعدم إحراج من فوقهم، أمّا حكّام دولنا فهم يقودون البلاد إلى جحيم، ويعلمون أنّه جحيم، ولا فائدة ظاهرة أو باطنة لهم بذلك الطريق، إلا رغبة في تنفيذ أهواء أعدائنا بما يعود علينا بالوبال والويلات.
نحن في زمن قلّ فيه الحاكم الشريف فأضحى عملة نادرة، وتولى أمرنا شرار النّاس، والذي فرض هؤلاء على رقابنا هم أعداؤنا، فهم يحاربوننا بلا سلاح أو جيوش، بعملائهم الذين يحكموننا فهم يَفونَ بالغرض وزيادة، فإن استمرّوا في طغيانهم وجبروتهم، وبقينا نحن في ضعفنا وخضوعنا فعلى البلاد السلام .. لا والله بل على البلاد الخراب!
اجتمعت منذ أيام ثلّة من أشرار الدنيا على أرض “البحرين” ذاك البلد العربي الطيب، وأقول طيب بطيب أهله ولا علاقة له بخبث حاكمه، والهدف من هذا الاجتماع عقد صفقة بيع صريحة ومعلنة، لأشرف بقعة على الأرض بعد الحرمين الشريفين، يريدون بيع فلسطين لمستعمرها وغاصبها ومحتلّها، ويريدون باجتماعهم هذا إضفاء صفة الشرعية على بيعهم المشؤوم وفعلهم المنكر. ويرغبون بجعل هؤلاء المجتمعين شهوداً على إتمام الصفقة، فمثل هؤلاء الشهود كمثل من يأتي بغاصب لأهله وعرضه ثمّ يأخذ منه ثمن ما سلب من شرفه وناموسه، فهو بذلك أشرّ من الديوث الذي يرضى من أهله السوء.
يقول اليهود في بروتوكولات حكماء صهيون: “إن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع، وهو لذلك غير راسخ على عرشه”. فهذه هي أفكارهم ويقينهم بالسياسة، وهكذا ينبغي أن يكون السياسي لديهم فكيف تنجرّ حكّامنا وراء هؤلاء الذين لا عهد لهم ولا ذمة؟!
إذاً .. فنحن نسير خلف أمراء موظفين مرتزقة، يعملون بأمر ومدد من اليهود، يُنفّذون أوامرهم بما يناسب مصالح الصهاينة وشركائهم، همّهم بقاء حكمهم وعروشهم، أمّا شعوبهم ومصالحها وحقوقها فلا قيمة لها عندهم.
وبخصوص صفقة البيع أقول لهؤلاء الأشرار: والله الذي لا إله غيره لن تمرّ هذه الصفقة الظالمة إلا على أرواحنا، ولن يبق مسلم أو عربي أو حرّ ساكت عن ذلّ أوصلتم أمتنا إليه بخياناتكم، وسترون شوارعنا كيف ستشتعل فداء وكرامة لفلسطيننا الأبيّة.
وأقول للشعوب الإسلامية والعربية: ماذا بقي من كرامتكم وشرفكم إن تركتم فلسطين؟ وهل بخلتم بأرواحكم عن أرضكم ومقدساتكم؟ .. لا والله.. فأرواحنا ودمائنا فداء لمسرى نبينا الأعظم ، وفداء لقبلتنا الأولى، فيا أحرار المسلمين والعرب لبّوا نداء فلسطين الجريحة، فلا تتركوها لعبة رخيصة في أيدي مجرمين مارقين، وظننا بربنا كبير أنّه سيُمدّنا بعزيمة وإصرار إن أخلصنا في نيّاتنا وخرجنا من قوقعتنا ووحدّنا أهدافنا.
وأقول لشركاء المسلمين في فلسطين أتباعِ سيدنا عيسى بن مريم : إياكم أن تظنّوا اليهود تحترمكم أو تريدكم أو تفضّلكم علينا نحن المسلمين، لا.. أبداً، فاليهود يبغضونكم أكثر منّا، فهم يعتقدون أنّهم شعب الله المختار، وغيرهم يعدونهم كالحيوانات، فهل ترضون أن تقوم الصهاينة بتنفيذ مخططاتها القديمة بذبحكم وإنهائكم؟! أرجو أن تستيقظوا قبل فوات الأوان، وعودوا إلى رشدكم واجمعوا كلمتكم، وضعوا أيدكم بأيد المسلمين، فكلاكما شريك في أرض فلسطين، فمقدساتكم تناديكم بجراحها “لا تتركوا إرث أبيكم عيسى وأمكم مريم يدنسه بنو صهيون بتنفيذ مآربهم الخبيثة.
وأعود وأقول لشعوبنا المنكوبة بحكّامها: بلاءنا في وُلاة أمورنا، فقد سلّط الله علينا شرارنا بخنوعنا، فإمّا أن يهدي الله تلك الشرذمة من الحكام، وإمّا أن نقف في وجه مؤامراتهم وخياناتهم، وبيعهم لأوطاننا ومقدساتنا، فلا طاعة في معصية الخالق، فأعدائنا من الخارج لن يتمكنوا منّا، إلا بعملائهم من الداخل حكّام بلادنا، وإياكم أن تلينوا أمام قضية فلسطين، فلنستنفر جميعاً بكل شرائح مجتمعاتنا في الدفاع عنها بتقديم النفس والنفيس، وليعمل كلّ مّنا في الذود عن أرضنا المقدسة بما يستطيع، والوسائل متاحة وكثيرة، فليبتكر كلّ منّا سبيلاً يكون سلاحاً في وجه أعداء أمتنا وأعداء فلسطين، والله من وراء القصد.
عذراً التعليقات مغلقة